الانتخابات في غينيا ـ بيساو تجدد الجمود ولا تقدم حلولا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 9:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانتخابات في غينيا ـ بيساو تجدد الجمود ولا تقدم حلولا

نشر فى : الإثنين 10 يونيو 2019 - 9:20 م | آخر تحديث : الإثنين 10 يونيو 2019 - 9:20 م

نشرت مؤسسة «Institute For Security Studies» مقالا للكاتب «بول موريس توبان» يتناول فيه الوضع غير المستقر فى غينيا بيساو بعد الانتخابات التشريعية فى مارس الماضى نتيجة المصالح الحزبية والتى تقف عائقا أمام تحقيق التوافق.. بالإضافة إلى تدهور الأوضاع على جميع المستويات.. نعرض منه ما يلى:

بعد مرور ما يقرب من ثلاثة أشهر فقط على الانتخابات التشريعية فى 10 مارس الماضى، وجدت «غينيا ــ بيساو» نفسها عالقة مرة أخرى فى مأزق وصراع سياسى. وكان المحفز والمحرك لهذا الصراع هو نفس المصالح الحزبية والتى تسببت أيضا فى أحداث مماثلة قبل أربع سنوات. بالنسبة للكثيرين خارج البلاد، كان الهدف من هذه الانتخابات هو الخروج من الأزمات السياسية الشديدة التى شهدتها البلاد فى عام 2015 الشديدة. ومع ذلك، فإن إجراء انتخابات فى هذا السياق المتوتر غير المستقر وبدون تنفيذ إصلاحات سياسية، جعل الجمود أمرا لا مفر منه.

وتعيق الخلافات السياسية بين المجموعتين البرلمانيتين اللتين تشكلتا بعد الانتخابات التأسيس الكامل للمجلس الشعبى الوطنى، وتعيين رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة.

وبالطبع تزيد هذه المواجهة والصراعات من إضعاف الوضع الاجتماعى والاقتصادى غير المستقر بالفعل فى البلاد، والذى قد يعرض الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها فى الفترة ما بين 23 أكتوبر و25 نوفمبر للخطر. ومن ثم فإن انتهاء فترة ولاية الرئيس «خوسيه ماريو فاز» ــ والتى استمرت خمس سنوات ــ فى 23 يونيو، إلى جانب عدم تشكيل حكومة جديدة، تخلق فراغا مؤسسيا يجعل حل هذا المأزق الجديد أكثر صعوبة.

***
السبب الجذرى للمأزق هو رفض برايما كامارا باعتباره نائبا ثانيا للرئيس جيش الشعب الجديد. كامارا، وهو منسق حركة التناوب الديمقراطى MADEM ــ G15، تجاهلته الأغلبية البرلمانية الجديدة بقيادة الحزب الإفريقى من أجل استقلال غينيا والرأس الأخضر (PAIGC). وتصاعد التوتر أكثر عندما رفضت MADEM ــ G15 اختيار مرشح آخر، وأصر على كامارا.

ومن الجدير بالذكر أن أزمة 2015 والتى أصابت حكومة غينيا بيساو بالجمود شملت نفس الخصوم. وقد نشأت بسبب إقالة رئيس الوزراء السابق دومينجوس سيموس بيريرا من قبل «فاز». يرأس بيريرا الحزب الإفريقى الذى فاز فى انتخابات مارس بأغلبية 47 مقعدا من أصل 102. وقد تم تشكيل تحالف برلمانى مع حلفائه التقليديين، وبذلك حصل على سبعة مقاعد أخرى.

حركة التناوب الديمقراطى، والتى تم إنشاؤها فى عام 2018 من قبل المنشقين عن الحزب الإفريقى، هى الآن ثانى أكبر تجمع سياسى وحصلت على 27 مقعدا جنبا إلى جنب مع حزب التجديد الاجتماعى، الذى حصل على 21 مقعدا، وكلاهما حلفاء «فاز». وجعل الرئيس تعيين رئيس وزراء جديد مشروطا بحل المأزق الذى يشهده جيش الشعب الجديد. وهذا يثير الشكوك بأنه يحاول منع بيريرا ــ باعتبارها رئيسا لتحالف الأغلبية من أن يصبح رئيسا للوزراء مرة أخرى.

***
تحطم هذه الحلقة الجديدة الزخم الذى بدأ عندما تم التوقيع على ميثاق الاستقرار فى فبراير 2019. والذى ألزم القادة السياسيين بتحقيق الاستقرار فى السياسة والمؤسسات فى البلاد بعد الانتخابات البرلمانية. كما أنه يوضح عدم قدرة الجهات السياسية الفاعلة على تجاوز خلافاتها لصالح دولة هى فى أشد الاحتياج إلى تحقيق الاستقرار. ومع استمرار الخلافات السياسية، فإن الوضع الاجتماعى والاقتصادى المتدهور وتأثير الاتجار بالمخدرات كل هذا من شأنه أن يفاقم مشكلة تحقيق الأمن.

لقد أدت عقود من عدم الاستقرار السياسى إلى صعوبة تنفيذ السياسات العامة، ولا يزال مستوى التنمية البشرية فى «غينيا ــ بيساو» منخفضا للغاية. فى عام 2018، احتلت البلاد المرتبة 177 من أصل 188 على مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى. ويؤثر الفقر على أكثر من 58.4 ٪ من السكان، ويعتمد اقتصاد البلد على «الكاجو» باعتباره المنتج الرئيسى للتصدير. ولكن الأرباح مقيدة حيث تحدد الحكومة السعر. ومما يفاقم الوضع ويجعله أكثر سوءا، ما قامت به النقابات العمالية الرئيسية فى البلاد وهى الاتحاد الوطنى لعمال «غينيا ــ بيساو» والاتحاد العام لنقابات العمال المستقلة حيث بدأت سلسلة من الإضرابات يطالبون من خلالها بدفع متأخرات الرواتب وإعادة تحديد الحد الأدنى للأجور بـ100 ألف فرنك إفريقى. وبالتأكيد تلبية هذه المطالب ستكون صعبة. حيث تواجه البلاد ضغوطا على الميزانية بسبب انخفاض أسعار تصدير الكاجو فى عام 2018، والزيادة فى الإنفاق العام، بما فى ذلك الانتخابات التى عقدت فى مارس الماضى.

***
فى هذه البيئة السياسية والاقتصادية المحفوفة بالمخاطر، تواصل شبكات الجريمة المنظمة ازدهارها بتواطؤ ومشاركة بعض الجهات الحكومية الفاعلة. فى 9 مارس، بينما كانت البلاد فى منتصف الانتخابات، ضبطت الشرطة رقما قياسيا نحو 789 كيلوجراما من الكوكايين. وفى 30 إبريل، صادرت الجمارك السنغالية 72 كيلوجراما من الكوكايين من «غينيا ــ بيساو» فى منطقة تامباكوندا فى شرق السنغال.

وهذه المضبوطات هى تذكير بأن البلاد لا تزال منطقة عبور رئيسية للاتجار الدولى بالمخدرات، وأنه لا يزال هناك الكثير الذى يتعين القيام به لمواجهة ذلك. حيث يجب تعزيز قدرة الشرطة فى «غينيا ــ بيساو» وتعزيز التعاون مع البلدان المجاورة.

وبالنظر إلى ضخامة المهمة التى تقع على كاهل المسئولين، لا يمكن للزعماء السياسيين القبول بعزوف الناخبين عن المشاركة. حيث أظهر إقبال الناخبين الهائل فى انتخابات عام 2014، مثل استطلاع مارس 2019، أمل هذه الدولة اليائسة فى طى صفحة عدم الاستقرار السياسى والفقر التى عصفت بالبلاد منذ الاستقلال فى عام 1974.

ولكن يمكننا القول أنه فى ظل استمرار إعلاء المصلحة والطموحات الشخصية والسياسية على المصلحة الوطنى، فإن شعب «غينيا ــ بيساو» ــ الضحية الحقيقية لعدم الاستقرار المزمن فى البلاد ــ سوف يصاب بالإحباط من هذه العملية الديمقراطية. ولإنهاء الأزمة فإن قادة «غينيا ــ بيساو» يحتاجون إلى تجاوز مصالحهم الحزبية والشخصية وإعلاء المصلحة الوطنية. وضرورة الوصول إلى اتفاق على الخطوات اللازمة لتشكيل حكومة شرعية قادرة على تهدئة التوترات الاجتماعية والتحضير للانتخابات الرئاسية.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسي
النص الأصلى:

التعليقات