استمرار العنصرية فى أمريكا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استمرار العنصرية فى أمريكا

نشر فى : الجمعة 10 يوليه 2015 - 11:10 ص | آخر تحديث : الجمعة 10 يوليه 2015 - 11:10 ص

نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالا للكاتب كولبير كينج، يتعرض فيه لقضية العنصرية والتى بدا عدم الحديث عنها اختفاء لها ولكنه كان خفوتا مؤقتا ما لبثت أن عادت إلى السطح من جديد، ووسط عرض الكاتب لملامح استمرار وجود العنصرية يحاول تفسير سبب ذلك. ويستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه فى إطار الجهود المتعثرة للتعامل مع العنصرية فى الولايات المتحدة، يتم تخصيص قدر كبير من الوقت للاستجابة إلى الأعراض بدلا من الأسباب الجذرية. وربما يساعد هذا فى تفسير السبب فى مواصلة العنصرية تجديد نفسها.

•••

يبين كينج أن المثال الأول على ذلك حالات الاعتداء العنصرى المتكررة فى الكليات. ففى فبراير 2013، علقت جامعة واشنطن فى سانت لويس، نشاط أسرة ألفا إبسيلون بعد اتهام أعضاء من الأسرة بإطلاق هتافات عنصرية ضد الطلاب الأمريكيين من أصل أفريقى.

وفى مارس من هذا العام، استقال طالب من أسرة كابا سيجما بجامعة ميريلاند بعد اتهامه بإرسال رسالة بريد إلكترونى تحتوى على ايحاءات عنصرية وجنسية عن الأمريكيات من أصل أفريقى، والهنديات والآسيويات.

ويضيف كينج أنه خلال العام نفسه تم اتخاذ إجراءات تأديبية ضد أعضاء أسرة سيجما ألفا ابسيلون الإخوة فى جامعة أوكلاهوما الذين شاركوا فى الأنشودة العنصرية، التى انتشرت على الفيديو، حول إعدام الأمريكيين من أصل أفريقى. ولم تكن هناك نهاية للممارسات العنصرية فى الأسر الجامعية والسكن الجامعى.

ويرجع كينج تلك الممارسات إلى أن الإجراءات التى اتخذتها الجامعات للرد على هذه الحوادث كانت موجهة إلى أعراض المشكلة. فليست النعوت، والهتافات والألفاظ المهينة عن الأمريكيين من أصل أفريقى، سوى مؤشرات على وجود مشكلة كامنة داخل الطلاب البيض المرتكبين لهذه المخالفات، تتعلق بالعداء ضد السود على أساس مشاعر التفوق الأبيض. ومن خلال تعليق العضوية والطرد، يخلص مجتمع الكلية نفسه من أحد مظاهر المشكلة العنصرية وليس من المشكلة نفسها.

•••


ويرى كينج أن الولايات المتحدة منذ قيام الحرب الأهلية كانت تعالج مظاهر العنصرية، وليس أسبابها، حيث كانت العبودية، وشعار «منفصل لكن متساوٍ»، والفصل فى حمامات السباحة والحافلات والقطارات ونوافير المياه، والتمييز فى مكان العمل وفى مجال الإسكان، وغيرها من أشكال التحيز والعداء ــ مقياسا مؤلما لطبيعة العنصرية فى البلاد. ومع ذلك، كانت تعالج مثل الألم الذى يصاحب كسر فى الساق. وانصب الجهد على علاج أو تقليل الأعراض المؤلمة بدلا من إصلاح الكسر.

وقد مددت التعديلات 13، 14، 15 على الدستور الحماية المدنية والقانونية لتشمل العبيد السابقين، فخففت من الألم، ولكن «الساق مازالت مكسورة» وذلك على حد تشبيهه. فقد انهت قوانين مكافحة الإعدام خارج القانون أعمال الغوغاء لمرتكبى هذه الجرائم. ولكن الألم اندلع مرة أخرى مع حالات الضرب والتفجيرات والاغتيالات.

وردا على ذلك اتخذت الولايات المتحدة مجموعة متنوعة من التدابير منها قرار براون بإلغاء الفصل العنصرى فى المدارس فى 1954، وقانون الحقوق المدنية لعام 1964، وقانون حقوق التصويت لعام 1965 والعديد من القواعد المنظمة والقوانين اللازمة لمعالجة تلك الأمور التى دفعت أجيال من الأمريكيين الأفارقة، إلى الأنين والنحب والجز على أسنانهم والتعهد بألا يتعرض أطفالهم للمعاملة الحاطة بالكرامة، غير المحترمة وغير الأخلاقية التى اضطروا إلى تحملها.

ومع ذلك، فرغم تخفيف هذه العلاجات آلام العنصرية المبرحة، يعتقد كينج أن الدولة لم تتعامل مع المشكلة الدائمة، أى العنصرية نفسها التى تسببت فى دفع الجنوب للعمل على الانفصال عن الاتحاد. وأدى ذلك إلى إصدار المجالس التشريعية للولايات وحكامها إلى إصدار قوانين جيم كرو.

كما أطلق عهد إرهاب عصابة كوكلكس كلان، وشجع المناطق التعليمية والمسئولين عن تقسيم المدينة إلى إضفاء الطابع المؤسسى على الحواجز ضد المواطنين السود فى السكن والتعليم والعمل. ومازالت العنصرية باقية فى القرن الحادى والعشرين.

وتجدر الإشارة هنا إلى القوانين التى صدرت منذ انتخاب الرئيس أوباما فى 2008، والتى أتت فى رأى كينج لتصعيب التصويت على الأمريكيين من أصل أفريقى.

•••

ويشير كينج إلى مثال آخر وهو ديلان روف، المتهم بارتكاب جريمة القتل فى تشارلستون، الذى احتل موقعه بين القتلة المعنيين بمكافحة السود مثل جيمس إيرل راى، الذى قتل القس مارتن لوثر كينغ جونيور، ورجال العصابات الذين فجروا الكنيسة المعمدانية بشارع 16 فى برمنجهام بولاية ألاباما، مما أسفر عن مقتل أربع فتيات صغيرات من ذوات البشرة السوداء، وصموئيل باورز جونيور، معالج فرسان كوكلوكلس كلان، الذى قتل مع رفاقه من العصابة ثلاثة من العاملين فى مجال الحقوق المدنية.

ويستدرك كينج بأن روف لديه العديد ممن يشاركونه، ليس بالضرورة غضبه القاتل ولكن أيديولوجيته. حيث يحفل البيان الذى يبدو أنه كاتبه بالتصريحات المتعصبة المنتشرة فى البرامج الجارية الإذاعية اليمينية والمنتشرة على مواقع شبكة الإنترنت.

وختاما يعتبر الكاتب ديلان روف أحد مظاهر المرض العنصرى لدى الولايات المتحدة، لكن روف وجدِه الأيديولوجى الرئيس جيفرسون ديفيس، وأعضاء جماعة سيجما ألفا إبسيلون، مجرد أعراض المشكلة نفسها، وسوف تستمر المشكلة إلى أن يتم تحديد السبب الرئيسى لها.

التعليقات