غزة الصامدة.. والفشل العالمى - مي حمدي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غزة الصامدة.. والفشل العالمى

نشر فى : الجمعة 10 نوفمبر 2023 - 7:40 م | آخر تحديث : الجمعة 10 نوفمبر 2023 - 7:40 م
أمام المجازر الدامية والمأساة الإنسانية المتواصلة والمتصاعدة فى غزة أجد نفسى عاجزة عن الكتابة أو التعبير، فاللسان يعجز عن البيان، والقلم يعجز عن الوصف، وكلماتى لا تجد فى نفسها بلاغة كافية للتعبير عن الحدث. ولا أجده مجديا أن أستعرض الاتفاقيات الدولية ومواثيق وإعلانات حقوق الإنسان التى ينتهكها الكيان الصهيونى ببشاعة فى كل لحظة، فهل يحتاج الأمر إلى قانون دولى أو اتفاقية لتجريم قتل النساء والأطفال والمدنيين العزل على مدى شهر كامل بلا انقطاع ولا هوادة؟

لقد تعدى التجبر والبرود وانعدام الشعور والإنسانية كل الحدود، بل تعدى حدود الخيال، والقصف يطول ليس فقط البيوت والمساكن والتى كان كل منها يضم ألف حكاية وألف حلم وألف ضحكة، ولكن أيضا يصل إلى قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف والملاجئ الإنسانية، بالإضافة إلى الصحفيين والمقرات التابعة للأمم المتحدة، ناهيك عن الحصار ونقص الماء والغذاء والدواء ومستلزمات الحياة الأساسية.

مقاطع دموية نتابعها عن كثب، أمهات ثكلى ونساء تكتب أسماء أولادها على أجسادهم استعدادا للقصف، ورجال يبحثون عن أولادهم وسط الأنقاض، وأطفال ترتجف ويغطيها الدم، ومازال العالم يبارك هذه المهزلة الكارثية إما بصمته أو اكتفائه بدعوات لا تسمن ولا تغنى من جوع، ولا تحفظ ماء الوجه ولا تبيضه.

لا أستطيع نسيان مشهد المسيرة التى قام بها قادة من مختلف دول العالم ضد الإرهاب فى باريس عام 2015، إثر حدوث اعتداءات فى العاصمة الفرنسية كان ضحيتها 17 قتيلا و20 جريحا، وقد شارك فى المسيرة بالمناسبة، الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن، فماذا عن آلاف الفلسطينيين الذين يبادون بدم بارد وسط هذه المتابعة الدولية المشينة التى تعجز حتى عن إدانة الكيان الصهيونى بل وتلقى باللوم على المقاومة الفلسطينية متجاهلين أعواما من القهر وإزهاق الأرواح واغتصاب الأرض وسلب الحقوق؟.

لقد أبهر الغزاويون العالم بصمودهم وصبرهم وتمسكهم بأرضهم، مفندين المزاعم القديمة لبيع الفلسطينيين لأراضيهم. ولقد سهل الصهاينة مهمتنا فى توريث القضية الفلسطينية للأجيال الجديدة، التى التفت شبابها، بل وأطفالها حول فلسطين يحاولون الدعم بأى شىء يستطيعونه، كما انهالوا علينا بالأسئلة لفهم المزيد، ففلسطين فى القلب نتناقلها جيلا بعد جيل، ننمو معها وتكبر بداخلنا مع سنوات عمرنا، حتى نكاد نصدق أن حب فلسطين ودعمنا لها ينتقل من خلال الجينات الوراثية أو أن أمهاتنا الأبية المخلصة تبثه فى عروقنا مع لبن الأم.

مشاهد وكلمات ودموع قد حفرت فى ذاكرتنا ولن ننساها لأجيال قادمة، عن يوسف الذى وصفته أمه بأن «شعره كيرلى وأبيضانى وحلو»، والصحفى وائل الدحدوح الذى تلقى أخبار استهداف منزله على الهواء مباشرة، ورد فعله عند احتضان ولده الشهيد قائلا: «بينتقموا منا فى الولاد!؟ معلش.. إنا لله وإنا إليه راجعون!»، وصموده وهو يحمل طفلته إلى مثواها الأخير قائلا: «دموعنا دموع إنسانية، وليست دموع جبن وانهيار، فليخسأ جيش الاحتلال»، والأب الذى أخذ يصرخ عقب مجزرة مخيم جباليا: «أولادى ثلاثة يا عالم.. دوّروا بلكى بلاقيلى واحد عايش!»، والطفل الذى يتمنى الاستشهاد مبررا ذلك بقوله «جوعان.. بدى آكل خبز.. ما فيه فى الجنة خبز؟» وغيرها كثير من مواقف تنفطر لها قلوبنا، وقلب أى إنسان سوى! خناجر تنغرس فى قلوبنا نخجل معها أن نعيش حياتنا الطبيعية، نخجل معها من دفء فراشنا، وطيب طعامنا، ونخجل أيضا من العجز عن اتخاذ موقف عربى موحد رادع للكيان المغتصب.
مي حمدي مديرة اللجنة الثقافية بالمجلس القومى لحقوق الإنسان ومرشد تربوي
التعليقات