تشريعات للتعامل مع المنصات الرقمية - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تشريعات للتعامل مع المنصات الرقمية

نشر فى : الأحد 12 مارس 2023 - 8:10 م | آخر تحديث : الأحد 12 مارس 2023 - 8:10 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتبة مارجريت فيستاجير، تناولت فيه بالتفصيل قانون الخدمات الرقمية، الذى شرعه الاتحاد الأوروبى، والمزمع إصداره هذا الخريف، وأبرز المشاكل التى يعالجها هذا التشريع خاصة حماية الخصوصية، وإزالة المحتويات غير القانونية... نعرض من المقال ما يلى:

خلال الأشهر المقبلة، ستدخل قوانين جديدة ــ هى الأولى من نوعها فى أى مكان فى العالم ــ حيز التنفيذ فى أوروبا لمساءلة شركات التكنولوجيا الكبرى إزاء المجتمعات حيث تمارس نشاطها. وحتى الآن، سمعنا جميعًا عن المخاطر التى تشكلها المنصات الشبكية الكبرى على حياتنا، وديمقراطياتنا، وصحة أطفالنا العقلية، والمنافسة الاقتصادية. والآن، يتخذ الاتحاد الأوروبى بعض الإجراءات حيال ذلك.

وتُتبع نفس المناهج الأساسية لإثارة كل هذه المخاطر. إذ تضيق الخوارزميات نطاق المحادثات لتقتصر على مجموعات صغيرة من «الأصدقاء» الذين حُددت بياناتهم، بينما يقوم «حراس البوابة» بتضييق نطاق الأسواق الشبكية لمصلحتهم. ومع هذا التضييق من المحتمل أن نفقد المسار نحو سائر أنحاء العالم والأسواق الأوسع طاقا من حولنا.

منذ عقود مضت، غالبا ما كانت المنصات التكنولوجية تتمتع بحرية التصرف، ولم تكن تخضع لقوانين تشريعية تحد من حريتها حيث كانت تسيطر بصورة متزايدة على قنوات المعلومات العالمية. ولكن ذلك بدأ يتغير منذ بضع سنوات، عندما قاد الاتحاد الأوروبى جهدًا عالميًا لاستعادة بعض التوازن للاقتصاد الرقمى، من خلال ضمان العدالة والحماية الأساسية للأشخاص.

وكانت الخصوصية هى أكثر ما يثير القلق. إذ نظرا لكون المنصات الرئيسية تزيد من عائداتها لتصل إلى مستويات قياسية من خلال جمع بيانات الشخص المستخدم، بدأ يتضح أن مفهومنا للخصوصية يحتاج إلى التحديث. وهكذا أصبحت الخصوصية حقًا لا يقبل التفاوض لكل فرد فى أوروبا. وكمواطنين ومواطنات، نحن ــ فقط ــ نضع الآن حدودًا لما نتقاسمه أولا نتقاسمه من المعلومات التى تتعلق بنا.

إن هذا الفهم للخصوصية على أنها حق أساسى مُكرس فى اللائحة التنظيمية المتعلقة بحماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبى لعام 2016. ومن خلال هذه اللائحة، كانت أوروبا تحدد مسارًا للديمقراطية حتى تواكب التكنولوجيا. واليوم، ليس هناك عودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل سن هذا القانون. فمنذ سنه، استلهمت ولايات قضائية أخرى حول العالم من هذا التشريع التاريخى للاتحاد الأوروبى لتضع أطرا مماثلة.

ومباشرة فى أعقاب مبادرة خصوصية البيانات الأولية هذه، انكشفت فضيحة «كامبريدج أناليتيكا»، عندما علمنا أن فيسبوك قد شارك 87 مليون ملف تعريف شخص مع باحث قام بعد ذلك بتقديم هذه البيانات إلى شركة استشارية سياسية كانت تعمل من أجل حملة دونالد ترامب الرئاسية لعام 2016. وفجأة، بدأنا جميعًا نتساءل عما إذا كانت حياتنا الرقمية آمنة، وإلى أى مدى يتم مراقبتنا والتأثير علينا والتلاعب بنا عبر الإنترنت.

وشيئا فشيئا، بدأ ينهار جدار الحياد الزائف الذى كانت المنصات تختبئ خلفه، مدعية فى كثير من الأحيان أنها مجرد «أنابيب» لنقل المعلومات. وأصبح يتضح أكثر فأكثر أن شركات التكنولوجيا الكبرى يجب أن تتحمل المسئولية عن المحتوى الذى تنشره هى وخوارزمياتها إلى الجسم السياسى. لقد استجبنا بتأكيد هذه المسئولية بصوت عالٍ وواضح فى قانون الخدمات الرقمية، الذى عرض لأول مرة فى ديسمبر 2020.
• • •

إن قانون الخدمات الرقمية هو العنصر الأساسى فى تشريعات الاتحاد الأوروبى الذى سينظم قريبًا كيفية التعامل مع المحتوى على المنصات الرقمية الرئيسية. إذ يتطلب من المنصات إزالة جميع المحتويات غير القانونية، مع ضمان عدم المساس بحرية مستخدميها فى التعبير. كما ينظم أيضًا الطريقة التى تستخدم بها المنصات للخوارزميات لتحديد ما نفعله ولا نراه. ونحن حاليًا بصدد تحديد المنصات الكبرى ومحركات البحث التى ستخضع لأحكام قانون الخدمات الرقمية هذه قبل أن تدخل حيز التنفيذ فى خريف هذا العام.

وآخر مشكلة رئيسية سيعالجها التشريع الرقمى الجديد للاتحاد الأوروبى هى عدم وجود منافسة سليمة فى قطاع التكنولوجيا. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، رفع المنظمون قضايا كبيرة ضد منصات شبكية كبرى، زاد بعضها من وعى عامة الناس بالقوة السوقية غير الضرورية للمنصات. ولكن نظرًا لأن الأسواق الرقمية زادت تعقيدًا، فقد احتجنا إلى أدوات نظامية جديدة لتكملة أدوات مكافحة الاحتكار المعتادة.

وصيغ قانون الأسواق الرقمية لتلبية هذه الحاجة. فهو يتضمن قائمة بـ«ما يجوز وما لا يجوز فعله» من أجل منع ما يسمى بمنصات «حراسة البوابة» من إساءة استغلال موقعها فى الأسواق الرقمية، وإفساح المجال أمام الوافدين الجدد للتنافس مع الشركات القائمة على أساس الجدارة. وتمامًا كما سيوضح قانون الخدمات الرقمية مسئوليات المنصات تجاه مستخدميها، سيحدد قانون الأسواق الرقمية مسئولياتها تجاه مشاركين آخرين فى السوقــ غالبًا أصغر. وسينتج عن ذلك سوق تكنولوجيا أكثر حيوية وابتكارًا وعدالة.

صدر هذا التشريع فى وقت قياسى. وطوال مراحل العملية، تم التأكد من أن عمله كان يسترشد بالقيم، وليس بالتكنولوجيا الأساسية. وهذه مسألة مهمة، لأنه فى حين أن التكنولوجيا تتغير طوال الوقت، فإن القيم لا تتغير.
• • •

أوروبا أصبحت مهد التنظيم التكنولوجى على مستوى العالم. ومن الضرورى أن توجد قوانين مماثلة تصاغ فى البلدان التى تشاركها قيمها الديمقراطية والإنسانية، والغرب حريص على تنسيق جهوده التنظيمية ووضع القواعد مع الآخرين. وكان مجلس التجارة والتكنولوجيا المشترك بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، الذى أطلق فى عام 2021، أحد الأمثلة المبكرة على كيفية تعميق التعاون الدولى لضمان استفادة الجميع من التكنولوجيا. وتوجد شراكات مماثلة مع الهند، واليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية.

لكى تزدهر الديمقراطية، تحتاج إلى مساحات مفتوحة حيث يمكن للناس التحدث والاختلاف والتناقض مع بعضهم البعض وإيجاد حلول مشتركة. فى الماضى، كان لدينا ساحات عامة وغرف منتخبة وجامعات ومقاهى. وعندما ظهر الإنترنت لأول مرة، كان يحمل وعدًا بتوسيع هذه المنتديات على المستوى العالمى. ولكن صعود المنصات الكبرى أعاق الطريق، مما أدى إلى تجزئة محادثاتنا إلى كوكبة من المساحات الغامضة المحاطة بالجدران، مما شكل تهديدًا لديمقراطيتنا.

إن مهمة المواطنين والمواطنات الآن فى كل مكان هدم تلك الجدران.

النص الأصلى:

التعليقات