انقلابيون - امال قرامى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انقلابيون

نشر فى : الثلاثاء 12 نوفمبر 2013 - 7:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 12 نوفمبر 2013 - 7:00 ص

الانقلابيون الأُول

نُعتت المعارضة فى أغسطس الماضى، بجماعة الانقلابيين عندما قاطع نوّابها المجلس التأسيسى معلنين انتهاء شرعيّة الترويكا، وانطلاق اعتصام الرحيل، وضرورة حلّ المجلس التأسيسى. وقد رأى قياديو حزب النهضة وحزب المؤتمر آنذاك فى هذه الاحتجاجات علامة دالة على خروج المعارضة عن مسار البناء الديمقراطى، ومحاكاتها للتجربة المصرية التى اتسمت باتخاذ قرار «خلع رئيس شرعى» والاستيلاء على الحكم والتغاضى عن شرعيّة الصناديق.

أُختبر الانقلابيون فى أوّل تجربة سياسية.. فإذا بهم على «الممارسات الديمقراطية» ينقلبون ويعبّرون عمّا يضمرون: إزاحة حزب الأغلبيّة إذ لم تتحمّل أحزاب «الصفر فاصل» نتائج الانتخابات النزيهة والشفّافة، ورامت الانقلاب على «إرادة الشعب» الذى اختار النهضة لتحكم.

الانقلابيون الجدد

تدور الدوائر.. ويتهم «أكبر حزب فى البلاد» بأنّه انقلب على التوافقات التى قام عليها الحوار الوطنى، بل إنّه لم يعترف بالممارسات الديمقراطية حين اختارت أغلب الأحزاب مرشّحا لرئاسة الحكومة، وفى المقابل، تمسّكت النهضة بمرشّحها بالرغم من أنّه لم ينل أغلب الأصوات. ولم يتوّقف الأمر عند هذا الحدّ إذ حدث انقلاب آخر داخل المجلس التأسيسى إذ تحالف حزب النهضة مع حزب المؤتمر ومن سار على دربهما فأدخلوا تعديلات على النظام الداخلى لسير الجلسات وشروط انعقادها بما يضمن عدم تكرار التجربة السابقة، ويحقق هيمنة حزب النهضة على سير المجلس. ولعلّ ما يلفت النظر أنّ النهضة قرّرت «تأديب» كلّ من شقّ عصا الطاعة بما فى ذلك حليفها حزب التكتّل حين قرّر رئيس المجلس التأسيسى فى أغسطس الماضى، تعليق الجلسات إلى حين حلّ الأزمة، فإذا بها اليوم ترسل له إشارة بالغة الأهميّة مفادها أنّه يمكن الاستغناء عنه وإتمام أعمال اللجان دون حضور الأقليات.

تتراكم علامات هيمنة حزب النهضة على المسار الانتقالى: تسميات على أساس الولاء والانتماء الحزبى، ترقيات دون مناظرات واحترام للتراتيب، محاولات للسيطرة على الإعلام، ورغبة فى تقليص هامش الحريات وتجاوزات هنا وهناك تفضح مخاوف من هو فى السلطة، وتقيم الدليل على الانزياح عن مسار احترام قواعد اللعبة وتشير فى الآن نفسه، إلى عسر ترسيخ الممارسات الديمقراطية، والعمل وفق آليات الديمقراطية التشاركية واحترام التعددية السياسية. فلا غرابة والحال هذه أن يتواضع القوم فيستبدلون خطابا سياسيا قائما على الإشادة بتبنى حزب النهضة للنهج الديمقراطى، والزعم بأنّ تونس تعيش تجربة ديمقراطية فريدة ستتحوّل إلى مادة تدرّس فى أعرق الجامعات.. إلى خطاب يبدو أكثر تواضعا تبرز فيه عبارة «الديمقراطية الناشئة».

 

والظاهر أنّ تعدّد الزلات والأخطاء لا يمكن أن يفسّر إلاّ فى ضوء عاملين: أولهما حداثة التجربة السياسية للإخوان. فما نعرفه عنهم جبّ ما عرفناه اليوم بعد أن صاروا فى سدّة الحكم. وشتان بين النهضة من خلال أدبيات أبرز رموزها وتصريحاتهم ومواقفهم وهم ينطقون ويتصرفون من موقع المعارضين للحكم، وما عايناه اليوم بعد وصول النهضة إلى الحكم وليس «الخبر كمثل العيان».

أمّا العامل الثانى فيتمثّل فيما تجنيه «حلاوة الملك» على أصحابها من إغراءات ورغبة فى الاستمتاع بما اتيح من امتيازات فى سياق سمح بتحقّق نصيب من الأحلام، وليس من خبر وذاق حلاوة السلطة كمن حرم منها. فأنّى لقيادى النهضة وأتباعهم ألا ينقلبوا.

 

وبين الانقلابيين الأُول والانقلابيين الجدد نطق أنصار حزب التحرير ومن والاهم فثاروا على الجميع، متهمين إياهم بالانقلاب على الأعقاب.. فقد حادوا عن الطريق ووالوا الغرب الإمبريالى وضحّوا بمشروع الدولة الإسلامية وبناء الخلافة وحماية الإسلام والبيضة وتطبيق شرع الله. فويل للمنقلبين عن حلم «الأنصار والمهاجرين».

ولا يمكن التغاضى عن عدد من التجمعّيين والدستوريين واليساريين.. ممن تحوّلوا عن مساراتهم، ولبسوا جبّة الحزب الحاكم فانقلبوا من موقع إلى آخر، وإن حافظوا على نفس الأساليب والذهنية.. صدق من قال «الأسامى هى هى والقلوب تغيرت».

التعليقات