عصر القبيلة وانهيار الدولة - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عصر القبيلة وانهيار الدولة

نشر فى : الخميس 12 ديسمبر 2013 - 7:45 ص | آخر تحديث : الخميس 12 ديسمبر 2013 - 7:45 ص

إذا ساد منطق القبيلة والتعصب القبلى فقل على المجتمع السلام. وللأسف الشديد ما عشناه خلال الأسابيع الماضية يؤكد أن مصر التى علمت الدنيا معنى الدولة ومفهوم الأمة تعيش عصر القبائل المتصارعة التى لا ترى أبعد من حدود مصالحها الضيقة. ويزداد الأمر خطورة عندما يتعمق هذا المنطق المعوج بين الفئات القائمة على صيانة الحقوق وتحقيق العدل سواء كانوا القضاة أو رجال الشرطة أو الإعلاميين وغيرهم.

وقد شاهدنا ذلك بوضوح عندما كانت لجنة الخمسين تعد مسودة الدستور الجديد حيث اندفعت كل طائفة من أجل ضمان أكبر قدر من المكاسب لأفرادها بعيدا عن المصالح العامة. شاهدنا رجال القضاء يقاتلون من أجل الانفراد بتقرير ميزانيتهم ومزاياهم المالية ورأينا الإعلاميين يحاربون من أجل تحصين أنفسهم ورأينا الهيئات القضائية تتصارع على الاختصاصات ولم نر من يقاتل من أجل المواطن البسيط غير المنتمى إلى أى من هذه القبائل.

كما تبدت هذه الروح القبلية بوضوح فى الأزمة التى نشبت بين رجال الأمن ورجال القضاء فى الغربية عندما ألقى أفراد كمين شرطة القبض على معاون نيابة بسبب منعه لرجال الشرطة من القبض على شخص هارب من حكم قضائى كان برفقته. فقد تقدم معاون النيابة ببلاغ ضد ضباط الكمين بتهمة الاعتداء عليه، ليصدر أحد وكلاء النيابة قرارا بحبس الضابطين 4 أيام، ولأن القبيلة لا تتصدى لها إلا قبيلة فقد رفض رجال الشرطة تنفيذ أمر حبس زميليهما دون أى اعتبار لقواعد القانون والعدالة. ثم تصاعدت الأزمة ونادى كل رجل على قبيلته فاحتشد القضاة فى أنديتهم واحتشد الضباط فى روابطهم كل يدافع بالحق حينا وبالباطل أحيانا عن قبيلته دون أن يخرج علينا رجل قضاء يطالب بضرورة إجراء تحقيق شفاف ونزيه فى الواقعة من أجل الحقيقة، كما لم يخرج علينا من بين رجال الشرطة من يفعل ذلك.

وقبل أن تهدأ هذه المعركة اشتعلت معركة قبيلة أخرى بين الشرطة والمحامين فى كفر الشيخ ليتكرر نفس السيناريو. وهذه المشاهد نراها مع كل أزمة يكون أبناء القبائل أصحاب الكلمة طرفا فيها. فعندما يقع أى إعلامى تحت طائلة القانون تنطلق أبواق الإعلام تدافع عنه وتندد بسلطات تطبيق القانون دون أن يطالب أحد بالأمر البديهى وهو ضرورة إجراء تحقيق نزيه يضمن لكل صاحب حق حقه.

هذه الحالة التى يعيشها المجتمع المصرى وخاصة نخبه الحاكمة تهدد بمستقبل بالغ السوء لأن المجتمعات لا تنمو وترتقى إلا إذا تخلى أفرادها عن هذه العصبية القبلية وأصبح الحق فيها مطلقا ومجردا، فلا يقول أستاذ جامعى إن ابنه هو الأولى بخلافته فى الجامعة لأنه أفنى عمره فى خدمتها وكأنه كان يعمل فيها لوجه الله، ولا يقول قاض إن ابن القاضى هو الأولى بالقضاء لأنه لا يجوز ترك محرب العدالة «لكل من هب ودب»، ولا يصبح كارت التوصية من اللواء «فلان باشا» إلى زميله «فلان باشا أو حتى بيه» كافيا لتمرير أى تجاوزات أو للحصول على أى مزايا بدون وجه حق.

إن الدولة والقبيلة لا تجتمعان فى كيان واحد، فإما تنتفض الدولة لاسترداد حقوقها إما تنتصر القبيلة وساعتها سيدفع الجميع الثمن.

التعليقات