نهج أكثر دقة لمواجهة استراتيجية الاندماج العسكرى ــ المدنى الصينى - قضايا عسكرية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نهج أكثر دقة لمواجهة استراتيجية الاندماج العسكرى ــ المدنى الصينى

نشر فى : السبت 13 فبراير 2021 - 7:50 م | آخر تحديث : السبت 13 فبراير 2021 - 7:50 م

نشر موقع Defense One مقالا للكاتبة Elsa Kania، توضح فيه أن استراتيجية الصين للاندماج العسكري ــ المدنى لا تشكل قلقا بالغا على الأمن القومى الأمريكى، وذكرت عدة إجراءات يمكن لإدارة بايدن اتخاذها لمواجهة خطورة هذا الاندماج.. نعرض منه ما يلى.

أظهر أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى مخاوفهم بشأن جهود بكين لطمس الخطوط الفاصلة بين الكيانات العسكرية والمدنية فى البلاد. لكن المخاوف المبالغ فيها لإدارة ترامب أدت لظهور العديد من المفاهيم الخاطئة. ولمواجهة هذا التهديد بشكل مناسب، ستحتاج إدارة بايدن إلى فهم هذه الاستراتيجية من خلال فصل الحقائق عن التخيلات.
مفهوم أن المخاوف مشروعة. فوسط سعى بكين لإنشاء جيش على مستوى عالمى، حصلت الشركات الصينية على تكنولوجيا حساسة ونقلتها خلسة إلى جيش البلاد. لكن هنا يُساء فهم المشكلة كما هو الحال عندما حاولت إدارة ترامب حظر تطبيق «تيك توك» لكونه مشاركًا «نشطًا» فى الاندماج العسكري ــ المدنى الصينى، إلا أن إدارة ترامب قدمت أدلة فقيرة لإثبات مدى خطورة التطبيق على الأمن القومى الأمريكى.
***
لمعالجة العديد من المفاهيم الخاطئة، نشر معهد أمريكى للدراسات الأمنية CNAS تقريرا بعنوان «أساطير وحقائق استراتيجية الصين للاندماج العسكري ــ المدنى» نورد أبرز ما جاء فيه:
أولا، الاندماج العسكري ــ المدنى ليس من اختراع الرئيس الصينى شى جين بينغ بالرغم من أن هذا الاندماج يعد مظهرا آخر من مظاهر الصين فى عهد شى والتى تميزت بالقمع المتزايد وسيطرة الدولة. هذا الاندماج يقوم منذ عقود على جهود لجذب الشركات الخاصة إلى البحوث الدفاعية ومشتريات الأسلحة. إلا أن هذه الجهود حققت نجاحًا محدودًا مما يدل على صعوبة تحقيق «الاندماج» الحقيقى عمليا.
يوضح هذا التاريخ أنه على الرغم من جهود دولة قوية تسعى إلى ممارسة السيطرة المركزية، فإن الاندماج العسكري ــ المدنى ليس أمرًا واقعًا. وسيستغرق تحقيق تنسيق وتكامل بين القاعدة الصناعية الدفاعية والشركات الخاصة والتجارية وقتًا وتجربة. بمعنى آخر، لا يزال الاندماج العسكري ــ المدنى فى مراحله المبكرة، بحيث تظل احتمالات النجاح النهائى غير مؤكدة.
ثانيًا، الاندماج العسكري ــ المدنى ليس صينيًا فريدًا، ولا يمثل ميزة تنافسية للصين. وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ إلى هذا بقولها: «إن تعزيز الاندماج العسكري ــ المدنى هو ممارسة شائعة فى المجتمع الدولى، بما فى ذلك الولايات المتحدة». ففى حين أن الاندماج العسكري ــ المدنى كاستراتيجية توسعية وطموح موجودة بشكل فريد فى الصين اليوم، إلا أن هناك أيضا أوجه تشابه فى جوانب العلاقة بين الشركات الأمريكية والجامعات من جهة والحكومة من جهة أخرى.
ثالثًا، زعم العديد من السياسيين وصانعى السياسات الأمريكيين، بمن فيهم وزير الخارجية السابق بومبيو، أن بكين فرضت التزامًا قانونيًا على الشركات الصينية للمشاركة فى الاندماج العسكري ــ المدنى إلا أن هذا الاندماج فى الواقع ليس مفروضا على الشركات الصينية بموجب القانون. لكن يجرى العمل على تشريع لتعزيز الاندماج العسكري ــ المدنى، إلا أن التقدم بطيئا حتى الآن. علاوة على ذلك، يبدو أن الاندماج العسكري ــ المدنى يعتمد على التشجيع أكثر من الإكراه.
رابعًا، لا يشمل الاندماج العسكري ــ المدنى كل مؤسسة صينية فى هذه المرحلة. فقط نسبة محدودة (ولكنها تنمو تدريجيًا) من شركات التكنولوجيا الفائقة فى الصين تشارك بنشاط أو بعلانية فى دعم الجيش.
فى نهاية المطاف، يجب على صانعى السياسة الأمريكيين أن يدركوا أن الاندماج العسكري ــ المدنى الصينى يمثل تحديًا تنافسيًا، ولكنه ليس مصدر قلق بالغ. وعليها أيضا إدراك أنه من غير المرجح أن تغير انتقادات الولايات المتحدة للاندماج العسكري ــ المدنى الصينى أساسيات استراتيجية الصين بل لن تؤدى إلا إلى اتهام بكين الولايات المتحدة بالنفاق.
بالطبع، يهدف الاندماج العسكري ــ المدنى الصينى إلى طمس الحدود وزيادة الاتصال بين الكيانات العسكرية والمدنية فى الصين. وهذه القضايا تستحق اهتمامًا تحليليًا مستمرًا لأن هذه النوعية من الأجندات ستتطور فى السنوات القادمة، مما يسلط الضوء على أهمية الاستثمارات القوية فى المعلومات الاستخبارية، مثل التبادلات التحليلية التى تشمل تبادل المعلومات مع الحلفاء والشركاء.

الإجراءات التى يمكن للولايات المتحدة اتخاذها
لابد أن تهدف الإجراءات الأمريكية المضادة إلى الحد من السلوكيات غير المشروعة أو غير القانونية أو الإشكالية، على سبيل المثال التركيز على تكتيكات السرقة ونقل التكنولوجيا بدلا من التركيز المفرط على استراتيجية الاندماج العسكري ــ المدنى نفسها. وهذه التدابير ستؤدى إلى أمان ونزاهة وأمن إلكترونى فى الصناعات الحيوية، وملاحقات قضائية لمحاسبة الجهات السيئة.
وأبعد من ذلك، يجب على إدارة بايدن أن تفكر فى حوافز الشركات الصينية. وسيجدون أن دوافعهم لا تختلف كثيرًا عن دوافع نظرائهم الأمريكيين من حيث السعى وراء الربح فى نظام بيئى تنافسى. وفى حين أن الدوافع التجارية يمكن أن تقود الشركات إلى التعاون مع جيش التحرير الشعبى لبناء قدرات مراقبة عالية، إلا أن مثل هذه التأثيرات يمكن أن تقودهم أيضًا إلى الابتعاد أكثر عن الحكومة الصينية.
ففى الواقع، مهما كانت الإغراءات المالية التى قد تقدمها الحكومة الصينية للشركات للمشاركة فى الاندماج العسكري ــ المدنى، يمكن لإدارة بايدن أن تحاول دق إسفين بين بكين وشركات التكنولوجيا التى تعتمد عليها. وستتطلب جهود الولايات المتحدة للقيام بذلك أن تثبت للشركات الصينية أن الأبواب للأسواق العالمية ستكون أكثر انفتاحًا. بعبارة أخرى، بدلا من معاملة جميع الشركات الصينية كشركاء محتملين فى الاندماج العسكري ــ المدنى، يمكن للإدارة تطوير نهج أكثر دقة وتمايزًا.
كذلك يمكن أن تصبح الحكومة الأمريكية مصدر خطر تجارى كبير للشركات التى تتعارض مع المصالح الأمريكية. فإضافة شركة أجنبية إلى القوائم السوداء ستؤدى إلى انخفاض الأسهم بين عشية وضحاها وتوقف عمليات المصنع. ويشمل هذا قائمة الكيانات التى تمنع الموردين الأمريكيين من البيع للشركة، أو قائمة «الشركات العسكرية الصينية» الجديدة التى تمنع تداول الأوراق المالية المتداولة علنًا. ومع ذلك، فإن هذه التكتيكات لها حدودها، بدءًا من الجهود المكثفة المطلوبة لرصد البيانات والاستخبارات بشكل مستمر، ومواصلة تحديث القوائم، وفرض الحظر أو العقوبات عمليًا. قد يفكر صانعو السياسة فى الولايات المتحدة أيضًا فى مكافأة الشركات الصينية التى تتمتع بهياكل حوكمة وملكية شفافة، ومجلس إدارة يخضع للمساءلة العامة، وسجل حافل فى تجنب مبادرات من هذا النوع.
ونظرا لأن هذه الخطوات الأمريكية لها أضرار محتملة على السمعة بجانب العواقب التجارية، سارع العديد من الشركات والمستثمرين الصينيين إلى إنكار أو فصل أنفسهم عن الأبحاث العسكرية أو المراقبة فى شين جيانغ أو الأنشطة الأخرى التى يمكن أن تحولهم إلى منبوذين على المسرح العالمى.
إجمالا، سيظل الاندماج العسكري ــ المدنى الصينى مهمًا للأمن القومى الأمريكى، وسيحتاج فهمه إلى استخدام المعلومات الاستخباراتية. ومع ذلك، فإن الاستراتيجيات التنافسية للولايات المتحدة تجاه الصين لن تخدمها أساليب «صارمة» أو «متشددة» لكن يمكن وضع استراتيجية أكثر ذكاءً على العديد من الجبهات، ويجب على إدارة بايدن استكشاف أساليب أكثر وضوحًا وإبداعًا ودقة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا

التعليقات