من أجل حماية الأرض والفلاح أيضا - أشرف البربرى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أجل حماية الأرض والفلاح أيضا

نشر فى : الأربعاء 16 مارس 2022 - 10:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 مارس 2022 - 10:10 م

لا يجادل عاقل فى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الأراضى الزراعية المحدودة فى مصر، وتحقيق أقصى استفادة منها لتوفير الغذاء للمصريين. لكن التجربة الرسمية المصرية على مدى عقود أثبتت فشل كل هذه الإجراءات دون أن تحاول أى من الحكومات المتعاقبة البحث عن سبب الفشل المتكرر، رغم أنه من وجهة نظرى يبدو واضحا للعيان.
فكل الإجراءات التى تبنتها الحكومات المتعاقبة اعتمدت على التجريم والعقوبات، دون أن تقدم أى تصور متكامل يضع فى الاعتبار احتياجات عشرات الملايين من الفلاحين الذين يعيشون على هذه الأراضى الزراعية، ويتكاثرون عليها، فتزداد حاجتهم إلى المسكن الذى يجب أن يكون بجوار الأرض التى يزرعونها.
فرغم التجريم وتشديد العقوبات، لم يتوقف البناء على الأراضى الزراعية، لتلبية الاحتياجات المباشرة لسكان الريف الذين يريدون مساكن جديدة لأبنائهم الذين يعيشون ويعملون في القرية سواء في مجال الزراعة أو غيرها.
ومع ذلك تصر الحكومة الحالية على تكرار الأسلوب نفسه الذى لم يحقق أى نجاح، فوافقت خلال اجتماعها فى الأسبوع الماضى على مشروع قانون لتشديد عقوبات التعدى على الأراضى الزراعية وتوسيع نطاقها، لتصل إلى الحبس حتى 5 سنوات والغرامة حتى 10 ملايين جنيه، وتشمل صاحب الأرض والمقاول الذى قام بالبناء والمهندس الذى أشرف عليه، واعتبار البناء على أرض زراعية جريمة مخلة بالشرف، وتحرم مرتكبها من الدعم التموينى.
ووقعت الحكومة فى نفس الخطأ المتكرر فاكتفت بتشديد العقوبات دون أن تقدم أى رؤية جديدة تضع فى اعتبارها احتياجات الفلاحين وسكان القرى، بعيدا عن الكلام عن المدن الجديدة التي يتم بناؤها باعتبارها البديل الوحيد، التي قد لا تناسب احتياجات الملايين من الفلاحين وسكان القرى.

للأسف الشديد كل تصورات الحكومة الحالية والحكومات السابقة للتعامل مع مشكلة البناء على الأراضى الزراعية، لا تضع الفلاحين وسكان القرى ولا حتى سكان مدن الدلتا التي تفتقد للظهير الصحراوي فى الحسبان، وتتعامل معهم باعتبارهم بلا أى حقوق، بما فى ذلك حقهم فى السكن القريب من مكان عملهم ومصدر رزقهم. لذلك فشلت كل محاولات الحكومة للتعامل مع المشكلة، واستمر الفلاحون فى بناء مساكنهم على أرضهم الزراعية.
اقتصار مشروع تعديل القانون الذي أقره مجلس الوزراء لحماية الأراضي الزراعية على تشديد العقوبات وتوسيع نطاقها، وخلوه من تقديم أي حلول أو تصورات جديدة لتلبية احتياجات سكان القرى والمدن القديمة، يقلص فرص نجاحه في حماية الأراضي الزراعية.
لماذا لا تفكر الحكومة بطريقة مختلفة هذه المرة فتميز بين الفلاح الذى يقيم منزلا صغيرا على قيراط أرض زراعية ليسكن فيه ابنه، وبين المستثمر الذى يشترى مساحات واسعة ويقوم بتبويرها وتقسيمها وتحويلها إلى غابة من الأسمنت.
أخيرا لماذا لا تقدم الحكومة المثل والقدوة للمواطنين فتتراجع عن تحويل جزيرة مساحتها تزيد على 1200 فدان من أخصب الأراضى إلى مشروع سكنى، وترشد استخدام الأراضي الزراعية في تنفيذ مشروعاتها الكبرى، بحيث يكون التبوير عند حده الأدنى في أي مشروع، بما يتناسب مع القيمة الكبيرة للأراضي الزراعية؟!.

التعليقات