إياك أعنى.. واسمعى يا جارة - امال قرامى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إياك أعنى.. واسمعى يا جارة

نشر فى : الثلاثاء 16 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يوليه 2013 - 8:00 ص

لم تتأخر حركة النهضة عن إبداء موقفها ممّا حدث فى مصر إذ سارعت بإصدار بيان 4 يوليو 2013 بشأن «إقالة مرسى والانقلاب الواضح على الشرعية» مصرّة على اعتبار مرسى أول رئيس منتخب فى تاريخ مصر وممثّل الشرعيّة دون سواه، داعية إلى العودة إلى الشرعيّة واستعادتها عبر الالتزام بنهج المعارضة السلمى والإصغاء إلى الإرادة الشعبيّة.

 

والواقع أنّ موقف حركة نمت فى رحم الفكر الإخوانى غير مستغرب بالرغم من تأكيد القيادات على أنّ الوصلة قد قطعت وأنّ حركة النهضة قد استقلّت وشقّت طريقها بعيدا عن الأيديولوجيا الإخوانية، ولكن أنّى لمن تقاسم نفس الحلم مع الجماعة وتأثّر بأعلام الفكر الإخوانى أن يتنصّل من العقيدة المشتركة؟ وفق هذا الطرح يغدو دفاع حزب النهضة عن الإخوان مفهوما والتآزر والتضامن والنصرة... من الأفعال المتوقّعة إذ كيف للأخ أن لا ينصر أخاه زمن الشدّة؟ ولذلك ختم البيان بآية: «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون» فى إشارة واضحة إلى أنّ ما يمرّ به الإسلامويون إن هو إلاّ ابتلاء ومحنة، تعيد إلى الأذهان صورة الضحية: ضحيّة النظام المستبدّ تارة، واليسار المتحالف مع الفلول والأزلام طورا آخر.

 

●●●

 

يبدو استئساد حزب النهضة عن الدفاع عن الشرعيّة مبرّرا إذ إنّ تثبيت شرعيّة مرسى هى، فى الوقت نفسه، تأكيد على شرعيّة وصول الإسلام السياسى إلى الحكم وانطلاق عهد تستعاد فيه الخلافة ولكنّ خطاب الدفاع عن الشرعيّة يتنزّل أيضا فى سياق ارتفعت فيه الأصوات فى تونس منذ أشهر، مشكّكة فى شرعيّة المجلس التأسيسى الذى تجاوز المدّة التى التزم باحترامها فضلا عن الجدل الذى انطلق بشأن شرعيّة الحكومة، والرسائل التهديديّة التى ما انفكّت القيادات المعارضة توجّهها للترويكا بين الحين والآخر، مذكّرة الحكّام الجدد بأنّ دوام الحال من المحال وأنّ تصحيح المسار وارد.

 

أمّا شدّة اللهجة التى اتسّم  بها بيان حركة النهضة فإنّها معبّرة عن قلق ومخاوف  من تسرّب العدوى وتداعيات ما يحدث فى مصر على تونس لاسيما  بعدما أثبتت الثورات العربية نجاعة التأثّر والتأثير، وتوّفر استعداد وأرضيّة ومناخ وعوامل قد تؤدى إلى «انفجار» فضلا عن حدث انطلاق حملة تمرّد فى نسختها التونسيّة. كلّ هذه الأسباب تجعل التنديد والتحذير من أنّ «الانقلاب على الشرعية يؤدى الى التيئيس من الديمقراطية فكرا ونهجا ويغذى التطرف والعنف» مفهوما.  ولكن تناسى أصحاب هذا البيان أنّ التيئيس من الديمقراطية حقيقة لا مرية فيها عاشتها جميع البلدان التى انتفضت وإن بدرجات. فأولى إذن بمن تجشّم مهمّة الدفاع عن الشرعيّة الإخوانيّة المصريّة وعن إرساء الديمقراطية ونبذ التطرّف والعنف وحقّ الإعلام فى «نقل الحقائق» أن يعترف بأنّ «أهل مكّة أدرى بشعابها».

 

●●●

 

لقد وُضع الإسلامويون تحت محكّ التجربة بعد أن اختاروا تصدّر المشهد السياسى فى لحظة تاريخية مهمة تحيط بها تحدّيات جمّة، فلم يكونوا على قدر انتظارات الشعوب ،ولم يقدّموا انجازات كفيلة بإقناع من انتخبوهم ،خاصّة على مستوى تحقيق مشروع تنموى يرسى سياسة قائمة على العدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة.

 

لقد انتاب أغلب الحكّام الجدد شعور بالزهوّ والتعالى والرغبة فى الانتقام والإقصاء فاستخفّوا بمطالب أصوات ارتفعت ورام بعضهم تزييف التاريخ والعبث بالمكتسبات التى تحقّقت بعد نضال مرير، وتفتيت الدولة والعبث بمؤسساتها وكتابة تاريخ جديد من زاوية تعيد الاعتبار إلى من كان غير مرئيا وغير معترف به ولكن سقط هؤلاء عن وعى أو عن غير وعى فى استنساخ تجربة الحزب الواحد حين تغلغل فى جميع المؤسسات وطوّع الرقاب لإرادته.

 

●●●

 

وها قد أتت الفرصة ليراجع الإخوان والخلاّن فهو مهم للجهاز الاصطلاحى: ديمقراطية، شرعية... وأساليب تعاملهم مع الخصوم السياسيين وطرق إدارتهم الشأن السياسى بعيدا عن التوظيف الدينى وليعيدوا التأمّل فى متطلبات المرحلة وروح المسار الثورى.

 

 إنّ ما حدث فى مصر يقيم الدليل على أنّ سردية «الربيع العربى الإسلامى» قابلة لإعادة النظر وفق تحرّك فاعلين جدد.

 

 

 

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات