نورا والطريق إلى القدس - خالد الخميسي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 11:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نورا والطريق إلى القدس

نشر فى : الأحد 18 أبريل 2010 - 9:36 ص | آخر تحديث : الأحد 18 أبريل 2010 - 9:36 ص

 بمناسبة صدور روايتها الثانية «لن تخسر شيئا سوى حياتك»، والمكتوبة باللغة الانجليزية، ألقت الكاتبة الفلسطينية «سعاد العامرى» كلمة أمام الحضور الذى جاء للاستماع إليها وإلى الكاتبة العراقية «إنعام كجه جى» فى حفل تدشين دار النشر الجديدة «دار بلومزبرى ـ مؤسسة قطر للنشر» فى «تيت جاليرى» الشهير بوسط لندن.

وكانت الدار قد بدأت نشاطها بنشر هذه الرواية وترجمة إنجليزية لرواية الحفيدة الأمريكية وقررت أن يتم هذا الاحتفال فى مكان يحمل إرثا فنيا خاصا مع لوحات وتماثيل كبار فنانى البشرية.

حكت «سعاد العامرى» التى تعيش فى رام الله حكايات عديدة بأسلوب ساحر لا يعكس مهنتها الأصلية كمهندسة معمارية تعمل فى مجال إحياء العمارة الفلسطينية، وإنما يخرج من عباءة حكاءة ورثت فن الحكاية من تراث الجدات. حكت «سعاد العامرى» فيما حكت قصة طريقها إلى القدس.

وتبدأ الحكاية أن لدى سعاد كلبة «بلدى» اسمها «نورا» تطلق عليها أمام الجمهور اسم «نمورا» خوفا من وجود نورا فى الجلوس وهو الأمر الذى قد يجرح شعورها. وقد رأت بعد تفكير أن حشر حرف الميم داخل اسم كلبتها نورا لن يضيرها كثيرا.

ولأن نورا تنتمى لجنس نون النسوة، ولأنها أيضا كلبة بلدى فكان من المستحيل أن تذهب بها مجددا إلى طبيب بيطرى فلسطينى (فحرام فى نتاية بلدى تمن الإبرة) فما بالك بثمن الدواء، وهذا بعد تجارب عديدة مع بيطريين فلسطينيين. وجدت سعاد نفسها مضطرة لأنها لا تمتلك ذكرا وولف أن تذهب إلى طبيبة بيطرية إسرائيلية فى القدس الشرقية لعلاج نورا. حصلت على التصريح اللازم بالمجهود اللازم لذلك الغرض.

ووصلت إلى القدس الشرقية وانتظرت دورها أو دور نورا وسط كلاب وقطط القدس التى كانت تنظر إلى كلبة رام الله بنظرة فوقية لم تدرك نورا معناها إلا عندما دخلت إلى الطبيبة. عاينتها الطبيبة وسألت عن اسمها وعن سنها.

ثم قررت لها العلاج اللازم. ومن درج مكتبها أخرجت جواز سفر مكتوب على غلافه «باسبور.. القدس» وفتحته وكتبت فيه اسم نورا وسنها، وأعطت جواز السفر لسعاد وقالت لها بجدية إنها يجب أن تأخذ معها جواز السفر هذا عند ذهابها إلى تل أبيب. ضحكت سعاد قائلة لنفسها أنها لا تستطيع الوصول إلى تل أبيب فى رحلاتها الخارجية وأنها تضطر للسفر عن طريق عمان، وهو الأمر الذى يكلفها أكثر من مائتى دولار لمجرد الوصول إلى عمان من رام الله. وعند خروجهما من حجرة الطبيبة رفعت نورا رأسها عاليا وسط الكلاب المنتظرة بعد امتلاكها لجواز السفر.

عادت سعاد ونورا إلى رام الله واحتاجت سعاد مرة جديدة إلى الذهاب إلى القدس. تصاريح وإجراءات وأهوال ورؤية وجوه ثقيلة الظل والروح. ما العمل؟ وجدت سعاد جواز سفر القدس أمامها ونورا بجانبها.

وظهرت لها فكرة براقة. لماذا لا تضع صورتها على جواز سفر نورا؟ وفجأة تحمست للفكرة ووضعت بالفعل صورتها على الجواز وأخذت نورا معها فى السيارة وانطلقت نحو القدس وهى تفكر لماذا لم تعطها الطبيبة البيطرية بالإضافة لجواز السفر لوحات معدنية بلون اللوحات المعدنية المخصصة للإسرائيليين؟ لكانت حياتها أصبحت أسهل كثيرا مع «التشيك بوينت». عند وصولها إلى نقطة تفتيش القدس تقدم منها العسكرى فأخرجت له جواز سفر نورا.

وقالت له إن هذا جواز سفر كلبتها نورا وهو كما ترى يا سيدى الفاضل صادر عن القدس وبالتالى فلدى نورا الحق وكل الحق فى الدخول والخروج كما شاءت. ولكن لأن نورا لا تستطيع قيادة السيارات ولا الذهاب بمفردها إلى القدس فقد طلبت منها أن تضع صورتها على جوازها وأن تكون لها «سواقة»، وأنها قبلت المهمة وأصبحت منذ اليوم تعمل لها كسائقة.

سألها العسكرى مازحا وأين نورا يا ترى؟ كانت نورا تختبئ خلف المقعد بجانب الكنبة الخلفية. نادت عليها سعاد: «نورا.. يا نورا» فقفزت الكلبة وجلست على أقدام سعاد التى أشارت له أن هذه المحترمة هى صاحبة جواز القدس.

استطاعت سعاد العامرى أن تدخل القدس أكثر من مرة بفضل جواز سفر نورا، هذا عندما يكون العسكرى صاحب نكتة. وفشلت فى مرات أخرى عندما كان دم العسكرى متعكر. ولكنها وجدت فى النهاية أنها أسهل طريقة للوصول إلى القدس فى هذا العالم المختلة تماما قوانينه.




خالد الخميسي  كاتب مصري