عن التلاعب فى مكافحة الإرهاب - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 11:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن التلاعب فى مكافحة الإرهاب

نشر فى : الثلاثاء 18 أبريل 2017 - 9:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 أبريل 2017 - 9:30 م
نشرت مجلة New Republic الأمريكية مقالا لـ«هيثر هرلبرت» ــ الكاتب بالمجلة ــ حول رؤية الإدارة الأمريكية ممثلة فى ترامب ومعاونيه للإرهاب والتطرف والسبل التى يرونها من أجل مكافحة ذلك والعنف الناتج عن مثل هذه الممارسات سواء داخل أو خارج الولايات المتحدة، مع إلقاء نظرة على بعض من السياسات التى انتهجها أوباما فى السياق ذاته.

يستهل الكاتب المقال بالحديث عن رؤية الرئيس الجديد «دونالد ترامب» وإدارته للإرهاب والتى تعتقد بأنها تعرف كل شيء يمكنها من التصدى للعنف والمتطرفين، وأنها تعلم جيدا ما يؤدى إلى بروز أنشطتهم. فى السياق ذاته يقول مايكل فلين ــ مستشار الأمن القومى السابق للرئيس الأمريكى الجديد، بأن ذلك لا يعنى شيئا على الإطلاق سوى الهراء طالما لم يتم البحث فى الجذور الأصلية المسببة لظاهرة الإرهاب.

من جهة أخرى يقول جون كيلى ــوزير الأمن الداخلى، بأن خصوم أمريكا كثيرين وأن المتربصين بها يبدو أنهم مدفوعون بشكل غير عقلانى ولا يعنيهم سوى هدف واحد ألا وهو تدمير البلاد. فى الشأن ذاته يقول الباحثون والمتخصصون بشئون الجماعات الإسلامية أن الجماعات المتطرفة كتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» والقاعدة وغيرهما يعملون بالفعل على تحقيق أهدافهم ولكن من خلال سبل غير رشيدة وذلك من أجل السيطرة على الأراضى والهيمنة وزيادة النفوذ وهزيمة أعدائهم السياسيين.

ما يثير القلق أن خطة الإدارة الأمريكية الجديدة من أجل مكافحة الإرهاب ــ والتى تتحدد ملامحها بشكل أساسى من ستيف بانون وغيره من المستشارين الرئيسيين الذين يعتمد عليهم ترامب، تنبثق من أن الولايات المتحدة محاصرة بصراع أيديولوجى ليس فقط من قبل الإسلاميين المتطرفين، بل ربما من الإسلام نفسه.
***
يضيف «هرلبرت» أنه بدلا من التصدى للمنظمات المتطرفة وكسب دعم الحلفاء المسلمين، تقوم الإدارة الأمريكية بالدعوة لزيادة الرقابة على المساجد بالبلاد وحظر السفر إلى 6 دول ذات أغلبية مسلمة، ونشر الخوف من الدين والرغبة فى الحماية منه. على الصعيد الخارجى فحدث ولا حرج، حيث قام ترامب بإرسال قوات أمريكية إضافية إلى سوريا والتى شنت المزيد من الضربات بدون طيار فى اليمن فى أسبوع واحد، والتى قد تجاوزت ما فعلته إدارة أوباما فى عام كامل. ليس ذلك فحسب بل يريد الرئيس الجديد التراجع عن قواعد أوباما المصممة لحماية المدنيين من هجمات الطائرات بدون طيار وغيرها من عمليات مكافحة الإرهاب والرغبة فى الحد من الرقابة عند استخدام القوة العسكرية خارج مناطق الحرب المعلنة. إجمالا يرى ترامب أن النصر العسكرى هدف فى حد ذاته ولا يقف أمامه سوى القواعد التى كان قد وضعها أوباما على استخدام القوة.
لكن رغم ذلك، فلا شك أنه من الطبيعى أن تقوم الإدارة الجديدة بمراجعة وتقييم السياسات الأمنية لمن سبقوها ــ تزيد أو تنقص عليها حسب ما تريد وما تتطلب الظروف. وهنالك فى الواقع الكثير من الأسباب لنقد استراتيجية أوباما لمكافحة الإرهاب وإجراء بعض التغييرات عليها، وبخاصة أن أهداف أوباما تختلف بشكل جذرى وكبير عن تلك التى يسعى ترامب لتحقيقها.
***
بنظرة سريعة على بعض من برامج أوباما لمكافحة الإرهاب التى عززها تحت راية مكافحة التطرف والعنف، يقول من انتقدوا هذه البرامج بأن أوباما لم يولها إلى المتخصصين، بل أشرف عليها مسئولون غير مؤهلين، مما أدى فى النهائية إلى عدم إحداثها لأى تغيير أو تأثير يذكر. وحتى التحركات المباشرة من خلال قيام أوباما بتصعيد ضربات الطائرات بدون طيار والعمليات الخاصة فقد رأى المتخصصون بأنها ربما حققت انتصارات تكتيكية ولكنها لم تتمكن حتى من هزيمة جماعة إرهابية واحدة.
يقول «هرلبرت» إنه رغم كل ذلك تسير إدارة ترامب فى الاتجاه المعاكس تماما، فتركيزها منصب حول الإسلام والتطرف والعنف الناجم عن المنتمين إليه، متجاهلة جميع الأدلة والمؤشرات التى تؤكد تنوع من يتجهون للعنف والإرهاب، فضلا عن إغفال دور الكثير من الجماعات الدينية فى تحديد وإحباط التهديدات الإرهابية المحتملة. ما هو أكثر خطورة من ذلك التصعيد الأخير من ترامب لضرب عدد من الأهداف باليمن من خلال طائرات بدون طيار والذى ينظر له على نطاق واسع على أنه تحرك للقضاء على تنظيم القاعدة بالجزيرة العربية من خلال الضربات الجوية فقط، والذى يعتبره المسئولون العسكريون والخبراء المتخصصون بأنه غير ممكن على الإطلاق.
ما يزيد من تعقيد الأمور نظرة الأمريكيين إلى قضايا كثيرة ــ كالإرهاب مثلا ــ من خلال اعتبارات حزبية قوية وليس بما يفيد البلاد ويخدم الصالح العام. أكثر من ذلك أن الأمريكيين ينظرون إلى سياسات ترامب على أنها نسخة أكثر فعالية لما حاول أوباما القيام به.
***
منذ صعود داعش إلى الساحة أصبح الأمريكيون محاطين ــ وإعلاميا بشكل خاص ــ بسلسلة من الخطابات المحمومة حول التهديدات الإرهابية، واستخدم المعلقون المحافظون الإرهاب كدليل على تسويق حججهم لانعدام الأمن ــ العرقى والديني ــ خلال سنوات أوباما. أوباما نفسه كان يتحدث عن الإرهاب ولكن بشكل آخر؛ فكان دوما يذكِّر موظفيه بأن كل عام الكثير من الأمريكيين يلقون حتفهم من خلال إطلاق النار بالمسدسات أو حوادث السيارات أو السقوط أثناء الاستحمام أكثر من الإرهاب، محاولا التأكيد على التهديد المحدود الذى يأتى من هذه الظاهرة ووضعه فى مكانه الطبيعى وبخاصة خلال خطاباته، إلى أن جاءت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مؤكدة أن الحديث عن الإرهاب ليس وسيلة فعالة للتعامل مع الإرهاب ومكافحته.
يختتم الكاتب بالتأكيد مرارا وتكرارا على أنه رغم كل ذلك فإن إدارة ترامب تسعى إلى إثارة المخاوف الناجمة عن الإرهاب لدى عموم الناس بدلا من تهدئتها، فالإرهاب ما هو إلا زيادة الخوف للمدنيين فى الداخل وذلك ما يفعله ترامب الآن.

النص الأصلى:

 

التعليقات