منافسة مع الماضى الميت - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 4:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

منافسة مع الماضى الميت

نشر فى : السبت 19 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 19 يناير 2013 - 8:00 ص

«عندما تهتم بعملائك، ينتهى بك الحال إلى التفوق فى المنافسة على تقديم نسخة أفضل من منتج.. وعندما تهتم فقط بالمنافسة، ينتهى بك الحال إلى قتل نفسك، لأنك غير مهتم بالعميل». هذا ما قاله ك.أ.سريدهار وهو مؤسس شركة «بلوم انيرجى» واحدة من كبريات شركات وادى السليكون، وهو يتحدث عن سر نجاح شركته وفلسفتها فى مواجهة شراسة الأسواق التى باتت لا ترحم أحدا.

 

ما قاله هذا الرجل عن سوق الذكاء الصناعى فى أمريكا، ينطبق تماما على حال سوق السياسة فى مصر هذه الأيام، فالرجل يرى بوضوح أن للمؤسسة وظيفة واحدة وهى الاهتمام والتفكير فى العملاء، وأن الخطر كل الخطر أن ننسى هذه المهمة ونستغرق فى المنافسة وننجرف لمواجهة المنافس.. وهنا تكتشف المؤسسة أنها تقتل نفسها، وهذا ما تفعله القوى السياسية فى مصر الآن بتفوق شديد.

 

القوى والأحزاب وحتى الحركات السياسية كلها مشغولة ببعضها البعض، بما فيها الحزب المسئول عن الحكم الذى عليه مسئولية الاهتمام بالمواطن وتقديم الخدمات له، وهى بمفهوم السيد سريدهار تسير فى اتجاه قتل نفسها. والمدهش فى الأمر أن هذا المرض العضال أصاب حتى القوى الناشئة، مثل السلفيين، الذين يهتمون الآن بالتنافس فيما بينهم أكثر ما يهتمون بالعمل مع المواطنين.

 

لا أحد يفكر فى حلول حقيقية لمواجهة المأزق الذى وقعنا فيه جميعا، وعند حدوث أى مشكلة أو أزمة يلجأ الجميع لوأد المنافس إذا تمكن، مثلا حادث القطار الأخير أو انهيار العقار بالاسكندرية، المعارضة تدوس على الحكومة والإخوان باعتبارهما القوى الفاشلة العاجزة، وهذا صحيح إلى حد ما، لكن ليس بالكيفية التى تتحدث بها قوى المعارضة، التى أخذت هذا الموقف بالطبع كرد فعل طبيعى للإقصاء السخيف الذى يقوم به الحرية والعدالة تجاه المعارضة والمعارضين فى كل شىء بما فى ذلك أبسط الأمور مثل الاحتفالات الروتينية، بل يعترض على نفس ما يفعله (الموقف من زيارة مكين، وكلاهما قابله واستقبله بترحاب، ومن لم يستقبله اعترض على الاثنين مثل حزب (مصر القوية) لأنه لا ينشغل بالمواطن (المنتج) ويركز كل جهوده لمواجهة المعارض (المنافس).

 

أما المذهل فى الأمر (والأخطر أيضا)، وهو ما يؤكد عليه الرئيس مرسى، ورئيس وزرائه قنديل، ورئيس الحزب الكتاتنى بتكرار ممل، أن كل ذلك نتاج النظام السابق، وكأنهم قد قرروا أن يدخلوا أيضا فى منافسة مع الماضى الميت، ولا يتركون فرصة أو مناسبة إلا ويصرون على إحيائه، وربما يصدق الماضى الميت ذلك ويصحوا بالفعل.. وساعتها سنكتشف أننا قد قتلنا أنفسنا ومنحنا الماضى فرصة حكم المستقبل، وحكمنا على الثورة بالفشل.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات