إن الأحداث الأمريكية الأسبوع الماضى ومحاولة اغتيال المرشح دونالد ترمب هى شبيهة بتسونامى مر على الولايات المتحدة الأمريكية بصورة مفاجئة وقد تسبب فى تغيير الخريطة السياسية فى الولايات المتحدة على مستويات عدة وربما تؤدى نتائجه إلى تغيير الإدارة أو عودة إدارة ترامب للبيت الأبيض، لكن مع تغيير فى المنهج فلاشك سيكون له تأثير فى منطقه الشرق الأوسط وفى العالم بصورة عامة.
محاولة مسلح (قيل إنه يهودى) أطلق النار على المرشح وصعقت العالم، وشاهد الأمريكيون ومعهم العالم الخارجى تطورات إطلاق النار من بندقية حربية على دونالد ترمب عندما كان يخطب لمشجعيه فقد سمعت الطلقات النارية وشاهد الحشد المحيط بدونالد ترمب مرشحهم يرى الدماء تسيل من أذنه اليمنى ومن ثم يهبط على الأرض ويهب الأمن السرى الرئاسى لحمايته فى ثوانٍ وربما من ظن أنه توفى.
هذه اللحظات لن ينساها الأمريكيون فهى تذكرهم أيضا بحوادث مماثلة أهمها تلك كانت عملية اغتيال الرئيس جون كيندى وشقيقه السيناتور روبرت كيندى والقس مارتن لوثر كنيج، إضافة إلى محاولات اغتيال عدة حصلت على مدى السنوات، وشكلت الاغتيالات بداية ونهاية مراحل فى الماضى، لذا فإن السؤال الأول الذى يطرحه المراقبون الأمريكيون هل نحن أمام مرحلة جديدة من السياسات الأمريكية؟.
بأعجوبة نجا ترامب من محاولة الاغتيال هذه، وبذلك فإن الثقافة السياسية الأمريكية باتت فى موقع يريد تلقين درس لكل من يحاول أن ينهى تيارا سياسيا بواسطة العنف المسلح، فهذا ما حدث مع ترامب نفسه بعد حادثة السادس من يناير2021 ومحاولة أنصاره احتلال الكونجرس ، إذ تخلى السياسيون من الحزبين الجمهورى الموالى له و الديمقراطى المعارض له عنه وقتها لأنه قيل لهم إنه دعا إلى العنف.
أما هذا الأسبوع، فإن ردود فعل الشعب الأمريكى وبعض مؤسساته التى لم تكُن على علاقة وطيدة مع المرشح الجمهورى، كانت مجبرة أمام هذا الحدث بالتنديد الكامل بمحاولة الاغتيال وبإعطاء ترامب فرصة جديدة كى يعود للبيت الأبيض.
فقد التفّ جماهير الجمهوريين بصورة حاسمة حول شخصية ترامب وقيادته، وثانيا حتى خصومه ومن بينهم رئيس الولايات المتحدة جو بايدن والرئيس السابق لها باراك أوباما نددوا بمحاولة الاغتيال ودعوه إلى تكريس وحدة الوطن..
وبغض النظر عمّن كان فعلا وراء محاولة الاغتيال أكان من داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى من خارجها أم كان عملا «فرديا» ما وتحريضا، فإن النتيجة كانت حصول دونالد ترمب على عاصفة عاطفية تؤيده، ومن أهم ردود الفعل كان إعلان إيلون ماسك وأغنى رجل فى العالم تأييد ترشيح دونالد ترمب وهذا أمر لم يكُن الرأى العام الأمريكى والعالمى مستعدا له من قبل رجل بهذا التأثير العالمى، اعتقد كثيرون بأنه لن يدخل معترك السياسة الرئاسية، إلا أن حادثة محاولة الاغتيال أثرت فى الناس لدرجة أنه أعلن تأييده، بالتالى فقد يؤثر فى ملايين الأمريكيين.
وثانيا هناك رد فعل آخر قد يكون الضربة النهائية لإعطاء ترامب النقاط التى يحتاج إليها، تمثل فى مشاركة زعيم الاتحادات العمالية وهو محسوب أساسا على الحزب الديمقراطى فهو فى اليسار بطبيعة الحال، وهذه المشاركة أتت للمرة الأولى فى الحزب الجمهورى منذ 100 عام.
فرئيس هذه الاتحادات على الصعيد الوطنى قال إن الطبقة العاملة كانت دائما تقف مع الحزب الديمقراطى، إلا أن النخبة فى هذا الحزب باتت تشكل طبقة مستفيدة بعيدة من أهداف المؤسسين، بالتالى، بحسب خطابهم، تخلى الحزب عن الطبقة العاملة ولم يحسّن أوضاعها، بينما رأى العمال زعماء الحزب الديمقراطى أو الحملات المؤيدة لهم المرتبطة بأوباما أو بايدن بات يديرها نادى الأثرياء، واستمر العمال بفقرهم وعدم قدرتهم على إنتاج ما يحتاجون إليه فى الحياة اليومية.
العملية السياسية داخل الولايات المتحدة هى دائما متعاطفة مع الضحايا، لا سيما إذا كان هناك من ينوى استعمال العنف ضدهم، لذلك فإن حادثة محاولة اغتيال ترامب أدت إلى تعاطف أوسع، إذ الشعور الشعبى الآن يؤيده، والسؤال هو كيف بإمكان ترامب أن يستعمله من دون أن يخطئ فى الخطاب السياسى أو فى مواقفه ويصل إلى بداية نوفمبر المقبل بصورة سليمة؟.
وماذا سيكون الوضع إذا اختار الحزب الديمقراطى التخلى عن بايدن وترشيح شخصيه مرموقة وربما شخصية شابة من الحزب الديمقراطى؟ لنشاهد..