قانون تحت الطلب - أشرف البربرى - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 10:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قانون تحت الطلب

نشر فى : الأربعاء 20 ديسمبر 2023 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 20 ديسمبر 2023 - 9:20 م
بعيدا عن أى تقييم قانونى أو سياسى أو حتى اقتصادى للهجمات التى تقوم بها جماعة الحوثيين اليمنية ضد السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل فى مضيق باب المندب، ردا على استمرار جرائم الإبادة الجماعية التى ينفذها الكيان الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، لفت نظرى تسابق المسئولين الغربيين على وصف هجمات الحوثيين بأنها «انتهاك للقانون الدولى».
هذا الوصف تحديدا جاء ليثير ليس فقط السخرية وإنما الاشمئزاز من ازدواج معايير ونفاق الغرب الرخيص الذى اكتشف أن هناك قانونا دوليا يجب احترامه لأن طرفا ما رأى أن من واجبه فرض حصار بحرى على إسرائيل التى تشن حربا ضد شعب فلسطين، لكنه لا يرى أى «انتهاك للقانون الدولى» فى حرب الإبادة الشاملة التى تشنها الدولة الصهيونية على نحو 2.2 مليون فلسطينى فى قطاع غزة وعدوانه المستمر على البشر والأرض فى الضفة الغربية المحتلة.
ولا أدرى كم التبجح والنفاق الذى يمكن أن يحتاجه المرء حتى يخرج كما فعل المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية الميجور جنرال باتريك رايدر ليقول: «إن أفعال الحوثيين... انتهاك سافر للقانون الدولى» فى حين لا يرى أن تشريد 1.9 مليون فلسطينى من بين 2.2 مليون فلسطينى هم كل سكان فطاع غزة من ديارهم على يد إسرائيل يمكن أن يمثل «انتهاكا ولو محدودا للقانون الدولى»، ولا يرى أن قتل حوالى 20 ألف فلسطينى أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء خلال 75 يوما بالقنابل والصواريخ التى تقدمها بلاده للجيش الصهيونى «مخالفة بسيطة للقانون الدولى»، ولا يرى فى حرمان سكان قطاع غزة من المياه والطعام والدواء وقصف المستشفيات ومراكز الإيواء التابعة للأمم المتحدة فى القطاع أى انتهاك للقانون الدولى.
ولا أدرى كم يحتاج المرء إلى انعدام الإنسانية والازدواجية حتى يخرج كما فعل وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن ليعلق على هجمات الحوثيين على السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل فيقول إنها «تهدد التدفق الحر للتجارة وتعرض البحارة الأبرياء للخطر». رغم أن هذه الهجمات لم تسفر عن سقوط أى ضحايا، دون أن يرى فى المحرقة التى تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية ما «يعرض حياة الأبرياء للخطر».
وحسنا فعلت الدول العربية الرئيسية فى عدم الانضمام إلى التحالف الذى شكلته أمريكا لحماية السفن الإسرائيلية فى البحر الأحمر تحت اسم «حارس الازدهار»، لأن هذا التحالف تجسيد لعنصرية ونازية الدول الغربية التى ترى فى أقل خطر يهدد مصالحها أو مصالح حلفائها خطرا جسيما يستوجب التحرك الدولى وحشد الجيوش وتحريك الأساطيل لمواجهته، لكنها لا ترى فى قتل عشرات وربما مئات الفلسطينيين يوميا وحرمان الأحياء منهم من أساسيات الحياة ما يستحق الإدانة، وليس حتى الضغط على الحكومة العنصرية الإسرائيلية لوقف هذه الإبادة المستمرة منذ أكثر 75 يوما.
بالطبع الأمر ليس جديدا، وإنما حلقة فى مسلسل ازدواج المعايير الغربية المفروض على العالم، فأصبح امتلاك كوريا الشمالية أو إيران لصواريخ بعيدة المدى انتهاكا للقانون الدولى، لكن امتلاك إسرائيل لترسانة نووية يهدد أحد وزرائها باستخدامها ضد المدنيين فى غزة لا يمثل انتهاكا للقانون الدولى. وأصبح الغزو الروسى لأوكرانيا جريمة دولية تستوجب محاكمة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أمام المحكمة الجنائية الدولية، لكن احتلال الأراضى الفلسطينية وتهجير شعبها، وإبادة أحياء سكنية كاملة فى غزة لا يتعارض مع القانون الدولى ولا يحتاج حتى بيان شجب.
أخيرا فقد جاء الإجرام الإسرائيلى ضد الفلسطينيين والتواطؤ الغربى معه ليؤكد من جديد أن الغرب لا يرى فى القانون الدولى إلا «قانونا تحت الطلب» يتم استدعاؤه فقط للدفاع عن مصالحه ولحرمان شعوب العالم من حقها فى الدفاع عن حقوقها أو امتلاك وسائل الدفاع عن هذا الحق ورفض التسلط الغربى على مقدراتها.
التعليقات