مخاوف المخترع الصغير - سامح فوزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:36 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مخاوف المخترع الصغير

نشر فى : الأربعاء 21 مايو 2014 - 4:35 ص | آخر تحديث : الأربعاء 21 مايو 2014 - 4:35 ص

أشعلت قضية «عبدالله عاصم» أو ما يعرف بـ«المخترع الصغير» الإعلام، مرئيا، ومكتوبا، وإلكترونيا، بعد أن قرر الطالب ــ عمره سبعة عشر عاما ــ البقاء فى الولايات المتحدة، ورفض العودة مرة أخرى إلى مصر خوفا من الملاحقة الأمنية. الطالب الصغير وجد نفسه فى دائرة الاتهام عقب مشاركته فى تظاهرات وعنف، ولم يتمكن من السفر لحضور مسابقة عالمية لولا تعاطف الإعلام، وتدخل وزير التعليم، واهتمام الدوائر السياسية بحالته، وموافقة السلطات المعنية.

الطالب «عبدالله عاصم» يقول إنه يريد ضمانات بألا يجرى اعتقاله أو حبسه، ولما لم يجدها قرر البقاء فى الولايات المتحدة. وهناك من يرى أن الموضوع برمته مرتب، منظم، لم يخل من تخطيط وتدبير وإدارة حتى يخرج المشهد على هذا النحو الذى يظهر فيه طفل مبتكر مقموعا من سلطات بلده.

الشعور بالخوف من جانب فتى صغير له ما يبرره، شعور قاس لا يحتمله الكبار، فما بالك بطالب فى المرحلة الثانوية، يمتلك ملكات ذهنية ومواهب خاصة وضعته فى مصاف المخترعين الصغار، ويخشى على مستقبله. وزير التعليم يعده بالأحضان عند عودته، ولكن هل يكفى ذلك لتبديد مخاوف الفتى الصغير؟

بالمناسبة لا أستبعد أن يكون الفتى المبتكر مخطئا فى نظر قانون التظاهر، بصرف النظر عن رأينا فى القانون، ولا أعتقد فى أدعاء مواقع «الإخوان المسلمين» تلفيق التهم له، ولا أغفل عن ملابسات القصة التى حدثت فى الولايات المتحدة التى تشير إلى أن هناك من يريد أن تتحول القضية إلى رصيد إضافى للإخوان المسلمين.

رغم كل ذلك الأفضل، والأوفق وطنيا أن يعود الطالب «عبدالله عاصم» إلى مصر، ولو كنت مكان المستشار عدلى منصور لأرسلت له مندوبا، يطمئنه، ويصحبه إلى مصر، ويسلمه إلى أسرته، ويعهد إلى وزارة التعليم برعايته. فلن يفيد المجتمع سجن طالب صغير ــ فى سن الحماسة والتعلم من الأخطاء ــ بقدر ما يفيده ما ينتجه من إبداعات. ولا أظن أن بقاء فتى صغير، يجاهر بمخاوفه ــ أيا كانت ــ فى الولايات المتحدة فى هذا التوقيت بالذات مفيدا فى بناء النظام السياسى الجديد.

لا أريد الخوض فى تفاصيل القضية، والتى يبدو أن كل طرف فيها لديه ما يقوله، ولكنى أريد التوقف أمام لب الموضوع: هل مفيد أن يعيش الطالب فى الولايات المتحدة ثم تلحق به أسرته لاجئة أم أن وطنه أولى به؟

فى العقود الماضية قرر كثيرون هجرة وطنهم بحثا عن حياة أفضل، وهروبا من حياة خانقة لا تسمح لهم ببناء ذواتهم، أو التعبير عن تطلعاتهم، نناجيهم اليوم العودة، ونتمنى عليهم المساهمة فى بناء أوطانهم.

لا أريد أن يتحول هذا الفتى الصغير إلى لاجئ، ولا أن تصبح قضيته مثار جدل. ليس السؤال فى رأيى هل هو مخطئ فى نظر القانون أم لا؟ قد يكون مخطئا، وقد يكون بريئا، المهم أن ننزع من داخله الشعور بالخوف، ويعود إلى وطنه، ولا نسمح لأحد بالمتاجرة بحكايته.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات