نتنياهو نفدت خياراته - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو نفدت خياراته

نشر فى : الإثنين 21 يوليه 2014 - 9:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 يوليه 2014 - 9:40 ص

نشرت مجلة «نيو ريبابليك» الأمريكية مقالا للباحث يشاى شفارتس يحلل فيه الأمر بالغزو البرى لقطاع غزة الذى أصدره رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو. حيث قد جاء القرار، الذى يزخر بالشكوك الأخلاقية والاستراتيجية والسياسية، بعد أكثر من أسبوع من التردد والتحفظ. لكن بعد انتهاء وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة بدفعة من صواريخ حماس، نفدت خيارات نتنياهو.

•••

أشار الكاتب إلى أنه عندما بدأت الصواريخ المنطلقة من غزة تصعيدا كبيرا قبل حوالى أسبوعين، توقع كثيرون أن يكون الرد من رئيس وزراء إسرائيل المتشدد سريعا وعقابيا. فعلى أى حال، هذا هو الرجل الذى أعلن فى بداية هجوم إسرائيل الموسع ضد غزة التى تحكمها حماس قبل ست سنوات أن «الإجراء المطلوب هو شيء يزيل نظام حماس من المشهد». كما أكد نتنياهو للجماهير أنه إذا وصل حزبه الليكود إلى السلطة فسوف ينهى سيطرة حماس على غزة «بكل الوسائل الضرورية».

وعلى الرغم من ذلك تردد نتنياهو فى إصدار أمر الغزو الشامل. وأوضح شفارتس أسبابا وجيهة للامتناع عن القيام بهذا الغزو.

أولا: فقدان الأرواح الإسرائيلية. فمنذ الصراع الأخير لم تفقد إسرائيل إلا شخصا واحدا، وهو شاب قُتل أثناء توصيله الطعام للجنود. وهناك إصابات وتدمير للممتلكات وملايين الأشخاص الذين أجبروا على الإسراع بدخول المخابئ لكن أكياس الجثث أمر مختلف. وفى هذا البلد الصغير الذى يعرف فيه الجميع بعضهم، وحيث التجنيد إجبارى، سوف يكون وقع هذه الوفيات شديدا. (يُذكر أن يونى شقيق نتنياهو، الذى قاد العملية عنتيبى، كان الشخص الوحيد الذى قُتِل فيها.)

ثانيا: فقدان الأرواح الفلسطينية. ونحن نميل إلى التفكير فى الهجوم من الجو على أنه أقل دقة، ولذلك أقل إنسانية، من العمليات التى تقوم بها القوات البرية. بل إنه اشتُهِر عن منظِّر الحرب العادلة مايكل والزر شكه فى أخلاقية التدخل الإنسانى باستخدام الطائرات لهذا السبب بالتحديد. لكنه فى ظل جغرافية مدينة غزة، ورفض إسرائيل مطاردة معظم أهداف حماس من الجو، من المرجح أن يزيد الغزو البرى بشدة عدد الوفيات المدنية الفلسطينية. وحتى الآن توفى 200 فلسطينى فى الصراع.

ثالثا: الضرر الذى يلحق بوضع إسرائيل الدولى. مع زيادة الوفيات الفلسطينية، وتزايد صور الدبابات الإسرائيلية وهى تندفع فى أنحاء غزة، لن تبدو إسرائيل فى وضع طيب. ويعى نتنياهو، خريج معهد ميتشيجان للتكنولوجيا والمندوب السابق بالأمم المتحدة، بشدة هذه المناظر، والآثار الناجمة عنها التى قد تكون هجمات على اليهود والمعابد اليهودية فى أنحاء العالم ومبادرات المقاطعة ضد الدولة اليهودية.

وأوضح الكاتب أن الأمور قد تغيرت الآن. فقد يشير البعض إلى الضغط الذى كان نتنياهو يواجهه من مجلس وزرائه. فبعد أيام فقط من جولة القتال الحالية، أعلن وزير خارجيته أفيجدور ليبرمان أن فصيل يسرائيل بيتينو سوف ينهى شراكته مع حزب نتنياهو الليكود، وهى تلك الشراكة التى ضمنت لنتنياهو أكبر حزب فى التحالف الإسرائيلى. وتحدث ليبرمان عن «اختلافات جوهرية» مع نتنياهو بشأن رد فعل الأخير الذى اتسم بقدر مفرط من ضبط النفس تجاه صواريخ حماس. وبالأمس فقط فصل نتنياهو نائب وزير الدفاع المثير للقلاقل دانى دانون بسبب نقده الدائم لتعامل الحكومة مع الحملة الحالية، وخاصة قبولها وقف إطلاق النار الذى اقترحته مصر.

•••

ويرى شفارتس أن التفسير الأكثر احتمالا للغزو هو أن إسرائيل لم يكن لديها خيارات أخرى. فقد كان بإمكان إسرائيل مواصلة اشتباكاتها الجوية والمدفعية مع حماس، لكن لم يبدُ أن حملتها نالت من إرادة حماس أو قدرتها. ربما كان يمكنها توسيع قواعدها الخاصة بالاشتباك وتضرب حماس على نحو أكثر فاعلية، لكن القيام بذلك كان سيحدث ضررا مدنيا بالغ الشدة. ربما كانت ستستسلم لتهديدات حماس بإطلاق سراح المئات من السجناء الأمنيين وتعيد فتح غزة لشحنات السلاح ومواد صنع الأنفاق. وبالإضافة إلى الآثار الأخلاقية لهذا التنازل، فقد كان ذلك سيقوى حماس ويضمن قتالا إضافيا. وكان وقف إطلاق النار الممتد سيصبح مثاليا. لكن حتى الآن لم تلق المحاولات المصرية للتوسط للوصول إلى وقف إطلاق النار هذا آذانا صاغية. ولذلك تبقى لنتنياهو اختيار لم يكن فى واقع الأمر اختيارا يحظى بقدر كبير من التقدير. كما أنه من المحتمل أن يكون لدى نتنياهو معنى لأهداف الغزو أكثر اعتدالا بكثير من بعض من هم على يمينه. فعلى سبيل المثال دعا ليبرمان إلى قيام إسرائيل بـ«الاحتلال التام» لغزة والإطاحة بحماس. وهو يوضح أن هذا الخيار لكى «نتوافق مع أنماط الجولات التى نراها اليوم». (من المهم أن نعرف أن ليبرمان ليس معنيا بإعادة المستوطنات الإسرائيلية والحكم اليومى إلى غزة، فهو يفضل منح السلطة الفلسطينية السيطرة المدنية على غزة ويرغب فحسب فى منح الإسرائيليين حق دخولها «لضمان فرار إرهابيى حماس أو سجنهم أو موتهم».)

ومع ذلك فمن المرجح أن يتبنى نتنياهو الموقف الأكثر اعتدالا الذى تبناه بشكل علنى المدير السابق للاستخبارات العسكرية عاموس يادلين الذى كتب مؤخرا «لا ينبغى أن يكون هدف الجيش احتلال غزة بغرض الإطاحة بحماس... فتحويل غزة إلى منطقة بلا حكومة تتحمل المسئولية سيكون خطأ استراتيجيا». وكان يادلين وقادة عسكريون آخرون قد أوصوا باستخدام القوات البرية فقط للحد من قدرات حماس. من الناحية النظرية، سوف يسمح إرسال المشاة إلى غزة بضرب شبكة حماس الواسعة من التحصينات والأنفاق ومخابئ الأسلحة. وهذه الأهداف المخبأة أسفل المستشفيات والمدارس وغيرها من المناطق المدنية لا يمكن الوصول إليها من الجو. وعن طريق الحد من قدرة حماس العملياتية قد يمكن لإسرائيل استعادة الهدوء.

•••

واختتم الكاتب مقاله مشيرا إلى أنه بطبيعة الحال، «الحد من» قدرات حماس محاولة للتعامل مع العرض وليس المشكلة». وإذا نجحت هذه الحملة البرية، ربما تفتقر حماس إلى الصواريخ لبعض الوقت، لكن غزة ستظل تحكمها حماس، وستظل حماس ترغب فى تدمير إسرائيل. لكن إسرائيل بلد صغير ذو طموحات صغيرة، وغزو نتنياهو هو الملاذ الأخير، وليس استراتيجة رائعة. ويقول شفارتس؛ على الرغم من أوهام ليبرمان، يدرك معظم الإسرائيليين أنه إذا كان لا يمكن لأمريكا أن تبنى دولة، فمن المحتمل أن يكون الأفضل لإسرائيل أن تحاول ذلك. ولهذا فسوف يكون لغزو نتنياهو المتردد أهداف متواضعة وسوف يبقى عداء الغزيين الأساسى والأشد تجاه إسرائيل ويحتدم. فما الذى سيفعله نتنياهو بشأن تلك القضايا العميقة؟ ليس الكثير. على أى حال، ما هو البديل؟

التعليقات