عرب مشبوهون فى كل مكان - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عرب مشبوهون فى كل مكان

نشر فى : الأحد 22 نوفمبر 2015 - 11:20 م | آخر تحديث : الأحد 22 نوفمبر 2015 - 11:20 م

مساء يوم الاثنين الماضى وصلت إلى مطار زيوريخ فى سويسرا قادما من القاهرة فى طريقى إلى شتوتجارت الألمانية للمشاركة فى مؤتمر تنظمه الجامعة الألمانية بالقاهرة.
وطوال خمس ساعات قضيتها فى المطار كانت عيون كثيرة تنظر إلى بشك وقلق فقط لأن ملامحى عربية ومسلمة وشرق أوسطية. لم اكن سعيدا بهذه النظرات لكن أقدر تماما اسبابها، لأن كل العالم، شاهد مجموعة من المجانين المختلين ــ يزعمون انهم الأكثر اسلاما ــ يفتحون النار على مواطنين أبرياء فى شوارع باريس.
وبدلا من التجوال فى المدينة، قررت أن أجلس فى ركن منزوٍ حتى يحين موعد إقلاع الطائرة المتجهة إلى شتوتجارت.
التفتيش فى المطار كان مشددا، وكذلك كل إجراءات السفر، ولا تستطيع أن تلوم الناس، فطائرة تنفجر فى الجو فى سيناء، وإرهاب عشوائى فى شوارع باريس، يجعل الجميع فى حالة شك مستمرة.
غادرنا زيوريخ، وعندما وصلنا ليلا إلى شتوتجارت، كانت هناك مجموعة من الشباب الأوروبى أمام الفندق، وكانت هناك نفس النظرات الموجودة فى زيوريخ.
عندما حكيت لبعض الزملاء والأصدقاء، فإن معظمهم حكى عن نفس النظرات فى مواقف مختلفة منذ وقوع هجمات باريس الإجرامية، ثم صار الأمر يتكرر فى معظم الأماكن خصوصا فى الشوارع والأسواق خصوصا المتاجر الكبرى، حيث هناك حراس وموظفو أمن، يدققون فى وجوه الجميع خوفا من أى خطأ قد يقود إلى كارثة. ثم قرأنا ان ركابا عربا كثيرين تم انزالهم من الطائرات فى امريكا وأوروبا لأن بعضهم كان يتحدث العربية!.
عندما حكيت هذه الملاحظات لشخص ألمانى التقيته على هامش المؤتمر، قال لى: «فى النهاية أنت ستقضى بضعة أيام وتعود إلى وطنك، فى حين أن هذه النظرات ستلاحق كل العرب والمسلمين المقيمين فى أوروبا والغرب وربما العالم».
عند هذه الملاحظة أدركت كيف أن العرب والمسلمين سيدفعون ثمنا باهظا جراء هذه الأعمال الإرهابية.
للأسف، لا نستطيع أن نلوم المواطن الغربى عندما يرتاب ويقلق من كل العرب والمسلمين الآن. وطبقا للمواطن الألمانى، فقد قال لى : «إن الأوروبيين قبلوا العرب والمسلمين وسطهم، وحدث اندماج فى معظم مناحى الحياة، والعربى شأنه شأن أى أجنبى يحصل على جنسية البلد الأوروبى، الذى يقيم فيه بعد استيفاء شروط معينة.
يضيف المواطن الألمانى كنا نعتقد أن الأجيال الثانية والثالثة والرابعة من العرب والمسلمين قد اندمجت فعلا فى مجتمعاتنا، وحافظوا على هويتهم لكن من دون التصادم مع حضارتنا، ونفهم أن من يرفض مجتمعاتنا فعليه أن يغادرها، ويذهب إلى أى مكان يحبه، لكن لا يقتلنا فى الشوارع والمقاهى والمسارح؟».
يتساءل هذا المواطن عن خطورة ما حدث فى باريس وإنه يطرح سؤالا كبيرا خلاصته «كيف أكون آمنا لهذا الشخص الذى يعمل معى فى الشركة ويسير فى الشارع ويركب المواصلات العامة، ثم فجأة يقرر الانتحار ويقتلنى معه؟!».
قلت لهذا الألمانى: ولكن أنت تعرف أن هؤلاء الإرهابيين أقلية ولا يمثلون كل العرب والمسلمين، الذين يلتزمون بكل قواعد وقوانين مجتمعاتهم، ومن الظلم أن يتم التعميم على الجميع بسبب مجموعة من المختلين، لا يقتلون الأوروبيين فقط، بل إن جريمتهم المستمرة هى أنهم يقتلون أهلهم وأبناء دينهم وعرقهم فى العراق وسوريا ولبنان وسيناء واليمن وليبيا، وأماكن متفرقة فى المنطقة.
رد الرجل موافقا، لكنه أضاف «لأننى أعرف المنطقة والعرب والإسلام إلى حد ما، فإننى أفهم ما تقوله، لكن المواطن الأوروبى والأمريكى العادى لن يفهم هذا، هو ينظر إلى الإسلام والمسلمين من خلال هؤلاء الذين يقولون إنهم يمثلون هذا الدين، والمنطقى أن صورتكم سوف تتأثر كثيرا نتيجة هذه الأفعال المجنونة، إن لم يكن تأثرت فعلا».
للأسف الشديد وإذا كانت أحداث ١١ سبتمبر الإرهابية عام ٢٠٠١ أثرت على صورة الإسلام، فإن كارثة ١٤ نوفمبر الأخيرة فى باريس سيدفع ثمنها الفادح كل العرب والمسلمين خاصة المقيمين فى أوروبا.
سوف تزيد درجة حصارهم والتضييق عليهم من أول نظرات الشك، نهاية ربما بإبعاد بعضهم.. والكاسب الأكبر كيان ارهابى شديد العنصرية اسمه إسرائيل لا يحاسبه احد!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي