درس من الكاميرون - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

درس من الكاميرون

نشر فى : الأربعاء 22 ديسمبر 2021 - 8:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 ديسمبر 2021 - 8:35 م

تخوض دولة الكاميرون معركة غير متكافئة بكل المقاييس ضد قيادة الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» ورابطة الأندية الأوروبية ضد تأجيل أو إلغاء نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التى ستستضيفها الكاميرون خلال الفترة من 9 يناير حتى 6 فبراير المقبلين، بدعوى الخوف على سلامة اللاعبين الأفارقة المحترفين فى الأندية الأوروبية الذين سيشاركون مع منتخبات بلادهم فى مباريات البطولة.
ورغم أن بيان رابطة الأندية الأوروبية تحدث عن الخوف على اللاعبين من فيروس كورونا كمبرر لطلب تأجيل أو إلغاء البطولة، فالواقع يقول إن الأندية الأوروبية لا تريد إلا الاحتفاظ بلاعبيها الأفارقة فى مبارياتها المحلية خلال فترة البطولة حتى لو كان الثمن حرمان الشعوب الأفريقية من بطولتها الكروية الأهم، فى حين أن دول أوروبا تلعب مبارياتها حاليا وبكامل الجماهير رغم الزيادة الكبيرة فى معدلات الإصابة بالسلالة المتحورة الجديدة من فيروس كورونا المستجد المعروفة باسم أوميكرون.
وحتى الآن يبدو أن الكاميرون ناجحة فى المحافظة على حقها فى تنظيم البطولة فى موعدها، وقطع الطريق على محاولات رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم، جيانى إنفانتينو، ومعه رئيس الاتحاد الأفريقى، باتريس موتسيبى، لإلغاء البطولة أو تأجيلها خدمة لمصالح الأندية الأوروبية الكبرى التى يرغب رئيس الاتحاد الدولى فى الحصول على موافقتها على إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم كل عامين لجنى المزيد من الأرباح لحساب الاتحاد الدولى.
والمتابع لما يجرى فى هذه المعركة سيكتشف أن وجود رمز رياضى أفريقى وعالمى كبير مثل صامويل إيتو نجم منتخب الكاميرون وفريقى برشلونة وتشيلسى السابق على رأس اتحاد كرة القدم الكاميرونى كان حاسما فى دعم موقف بلاده فى المعركة. فالرجل الحاصل على جائزة أحسن لاعب فى أفريقيا 4 مرات وأحد أبرز الأسماء فى كرة القدم العالمية خلال العقدين الأولين من القرن الحادى والعشرين، ساهم فى لفت الأنظار إلى أن محاولات حرمان بلاده من استضافة البطولة فى موعدها تنطلق من نزعة عنصرية أوروبية، ضد قارة أفريقيا، وتفضيل لمصلحة الأندية الأوروبية على مصالح القارة السمراء التى أنجبت النجوم لهذه الأندية.
وإذا كان لنا أن نخرج بدرس من التجربة الكاميرونية حتى لو نجحت المؤامرات الأوروبية فى إلغاء أو تأجيل البطولة فى اللحظة الأخيرة، فهو أن الرموز والشخصيات الناجحة الوطنية (مثل إيتو) هى أحد أهم مصادر القوة الشاملة لأى دولة أو مجتمع، والسماح بوصول هذه الرموز والشخصيات البارزة إلى المناصب التى تستحقها يضمن للدولة والمجتمع الاستفادة منها. فى المقابل فإن حرمان المجتمع من رموزه وتهميشهم أو تشويههم، وقطع الطريق على ظهور شخصيات ذات جاذبية، وتفضيل الموظفين والشخصيات الباهتة عليها، يعنى فى النهاية حرمان الدولة من أحد مصادر قوتها خاصة فى معارك كسب الرأى العام الخارجى.
كما يتجاوز الدرس الكاميرونى كونه «خلافا كرويا» بين اتحاد كرة القدم الكاميرونى والاتحادين الدولى والأفريقى حول موعد إقامة بطولة أو مسابقة. فتصور البعض فى أى مجتمع أن ظهور شخصيات لها وزنها وحضورها فى الداخل والخارج يخصم من رصيدهم ويهدد وجودهم، وتفضيل النكرات أصحاب نظرية «عبد مأمور» والدفع بهم فى مقدمة المشهد، قد يحقق لهم البقاء فى مراكزهم لكن بثمن فادح تدفعه الدولة ككل إذا ما اضطرت إلى خوض أى معركة لكسب الرأى العام فى العالم، دون أن يكون لديها أى أصوات يمكن أن يستمع إليها العالم ويحترمها.

التعليقات