نتنياهو يكره الإسرائيليين - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو يكره الإسرائيليين

نشر فى : الإثنين 23 يناير 2017 - 10:25 م | آخر تحديث : الإثنين 23 يناير 2017 - 10:25 م
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مقالا ل «ألون عيدان» ــ الكاتب الإسرائيلى بالصحيفة ــ حول ملامح الحياة بإسرائيل خلال عهد رئيس وزرائها «بنيامين نتنياهو»، والتى تتمحور حول ترسيخه للهوية اليهودية حتى ولو جاءت على حساب إسرائيل ككل وتصنيف الإسرائليين وفقا لما ينتمون إليه.

يبدأ الكاتب بالإشارة إلى مستشار الحزب الجمهورى الأمريكى «آرثر فينكيلستين»، والذى كان قد أخبر نتنياهو بأحد الأمور المهمة فى إسرائيل، والتى تتعلق بأن تكون يهوديا وليس إسرائيليا؛ حيث أخبره بأن هناك سؤالا واحدا يطرح بإسرائيل: هل أنت إسرائيلى أكثر أم يهودى أكثر؟ وإذا كانت الإجابة إسرائيلى فإن هذا الشخص يسارى إذن، وإذا كانت الإجابة يهودى فهو بالتالى على يمين الخريطة، وتلك هى الحقيقة التى يجب أن يضعها نتنياهو فى الاعتبار كما أخبره بها فينكليستين.

جاءت هذه الكلمات التى استوعبها نتنياهو جيدا كبداية لحملة التدمير التى شنها بإسرائيل؛ حيث أعتقد نتنياهو أنه فى حال تفكيك وتمزيق الهوية الإسرائيلية فهو بذلك يضمن حكم الجناح اليمينى «كحكمه الخاص»، وعلى هذا الأساس أتخذ نتنياهو قراره بتحويل إسرائيل إلى دولة «يهودية».

***
يقول الكاتب أن نتنياهو يكره إسرائيل أو بالأحرى البعد الإسرائيلى الذى يغلفها ويخفى يهوديتها، إلا أنه يخفى اعتقاده بأن إسرائيل لليهود فقط، وأنها قد تم تأسيسها من البداية كملاذ آمن لليهود، إضافة إلى ما أخبره به والده عن محاكم التفتيش الإسبانية وتنكيلها باليهود، وأما فيما يتعلق بالهولوكوست فقد عرف عنه من خلال قراءاته بنفسه.

وقد أدرك نتنياهو جيدا من سيكونون حلفاءه فى هذا النهج، وهم الصهيونيون المتدينون واليهود الشرقيون (ذوو الأصول الشرق أوسطية). وفيما يتعلق بالصهيونيين المتدينيين فلم تعد هناك مشكلة بهم؛ فقد كانت شخصيتهم اليهودية بطبيعتها تقوم بإمداد الوقود الأيديولوجى الذى يؤجج الآلية المدمرة للهوية الإسرائيلية، وهم يفعلون ذلك بكل تفانٍ وإخلاص دون أن يعيقهم شىء.

أما فيما يتعلق باليهود الشرقيين فالأمر كان مختلفا؛ فمبدأهم يتمثل فى العنصرية والموقف المتعالى، كما أن غالبيتهم مدعومين من مناحم بيجن ــ مؤسس حزب الليكود الذى كان يعتبرهم إخوانه.

مع ذلك لم يتوقف نتنياهو عند ذلك الحد؛ حيث كان يرى أن الشعور بالعنصرية والتمييز من الممكن أن يلتئم مع مرور الوقت، وكان يدرك أن شعور الاضطهاد هو نقطة ضعف هؤلاء اليهود الشرقيين وبخاصة فيما يتعلق بسلوك اليهود الأوروبيين تجاههم، حيث كان ينظر بعضهم إلى اليهود الشرقيين باعتبارهم عرب، وقد أدى ذلك إلى قيام اليهود الشرقيين بتعزيز وتكثيف الجوانب اليهودية لديهم حتى ينفوا عن أنفسهم صفة «عرب».

***
يقول «عيدان» إن نتنياهو باتت مهمته تدور بشكل محورى حول تذكير اليهود الشرقيين باستمرار بأن ذلك الانطباع من قبل اليهود الأوروبيين مازال قائما، وكان نتنياهو يحاول إخفاء قيامه بذلك، ولكن من وقت لآخر كان يصدر عنه شيئا يكشف نواياه ومواقفه هذه؛ وليس أدل على ذلك مما صرح به مدير منزله السابق «مينى نفتالى» ــ اليهودى ذو الأصول المغربية، والذى قامت سارة نتنياهو ــ زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلى ــ بتوبيخه قائلة: «نحن أووربيون، نتحلى بالدقة والكياسة ولا نأكل مثلكم أيها المغاربة».

فى السياق ذاته كتب السياسى «ناحوم بارنيا» بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن الحوار الذى دار بين نتنياهو ووزير المالية الإسرائيلى «موشيه كاهلون»: حيث قال له نتنياهو إنه لن يتمكن من حصد أصوات اليهود الشرقيين، وأنه هو فقط ــ أى نتنياهوــ من يعرف كيف يتم حصدها، لأنه يعرف من يكرهون؛ فهم يكرهون العرب وهو وحده القادر على التعامل مع مثل هذه الأمور»، وكان فى سبيل تحقيق ذلك يقوم بتشويه صورة عرب إسرائيل، ليس فقط بإخبارهم بأنهم لا ينتمون إلى إسرائيل، بل حتى بتذكير اليهود الشرقيين بأنهم إذا لم يصقلوا، ويكثفوا الجوانب اليهودية لديهم فسوف يصيبهم الارتباك والتخبط والاعتقاد بأنهم أيضا لا ينتمون إلى هذه البلاد. ولهذا فقد أجبر نتنياهو اليهود الشرقيين بمحو هويتهم الخارجية الإسرائيلية فى سبيل تعزيز وإعلاء هويتهم اليهودية.

حقيقة الأمر أن نتنياهو يكره الإسرائيليين، وليس اليهود، هو يكره أى شخص يرغب فى أن يضيف أى معالم إلى الهوية اليهودية، فمهمته الكبرى تتمثل فى إزالة أى طبقات خارجية من الممكن أن تطغى على ذلك البعد اليهودى، بقول آخر هو يعمل على تفكيك الهوية الإسرائيلية.

لذلك لم يكن الأمر غريبا حينما التقى نتنياهو بالحاخام «إسحق قدورى» عام 1997 وهمس فى أذنيه، قائلا: «أن اليسار قد نسوا معنى اليهودية». من وقتها قام نتنياهو بتنفيذ خطته من أجل تدمير أى قشور سطحية من الممكن أن تمحى اليهودية، وأصبح كل ما يتعلق بالحياة الإسرائيلية يتمحور حول لغتان فقط «اليهودية أم الإسرائيلية»، ولكن من أجل عدم إيضاح ذلك النهج العنصرى صراحة كان يتطرق إلى تصنيفات أخرى كاليمين أو اليسار. فقد أصبحت الحياة فى عهد نتنياهو مفتتة إلى انتماءات وتصنيفات وكل منها يشير إلى مدلول معروف ضمنا؛ فعلى سبيل المثال: اليهودى أصبح يعنى الجناح اليمينى، والذى لديه ولاء يعنى أنه إسرائيلى صالح، أما اليسارى فهو الخائن السيئ.

أصبح ذلك التقسيم لا مفر منه بإسرائيل إلا لو لم يقبل أحدهم نظامه من الأساس، مع ذلك فقواعد هذه التصنيفات لم تكن معلنة على الإطلاق، بل دائما يتم العمل والتخطيط لها فى الخفاء. هكذا بات الأفراد ضحايا لهذه التقسيمات حتى أصبحوا أشبه بقطع شطرنج يتم تحريكها من جبهة إلى أخرى والتلاعب بعواطفهم وفقا لمفهومهم للهوية والنهج الذى من خلاله يفكرون.

***
يختتم الكاتب بالتأكيد مرة أخرى على أن نتنياهو يكره إسرائيل وليس اليهودية؛ أى البعد الإسرائيلى الذى يظهر على السطح، ولكن الإسرائيليين لم يدركوا بعد هذه الحقيقة، ولكنهم رغم ذلك ما زالوا يتكلمون بلغته (إسرائيلى أكثر أم يهودى أكثر) ، لكن كل فعل وكلمة تعمل على تشويه ملامح إسرائيل، ومع مرور الوقت سوف يدركون كليا إلى أين هم ذاهبون نتيجة كل هذا المحو للهوية الإسرائيلية ولكن حينها سيكون الوقت قد تأخر، بل وربما لن تكون هناك إسرائيل من الأساس. وإذا كان لدى نتنياهو ذرة من الرحمة أو الضمير، أو إذا كان ما زال يتذكر ذكرياته فى الطفولة عن إسرائيل أو الأيام التى قضاها فى الجيش فإن عليه أن يخرج الإسرائيليين من تحت قبضته ومن هواجسه واضطراباته الداخلية.

النص الأصلى:

 

التعليقات