حادثة المعراج.. وسد النهضة - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حادثة المعراج.. وسد النهضة

نشر فى : الأربعاء 23 فبراير 2022 - 9:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 23 فبراير 2022 - 9:25 م

هذا التزامن بين الضجيج غير المهم الذى أثاره أحد الإعلاميين حول حادثة المعراج، واندفع إعلاميون وسياسيون ونواب للمشاركة فيه، والصمت المريب حول إعلان إثيوبيا بدء تشغيل سد النهضة وإنتاج الكهرباء منه من جانب واحد، يعكس بوضوح شديد مدى الخلل فى الأولويات لدى كل من شارك فى زوبعة «المعراج» بدءا من الإعلامى إبراهيم عيسى الذى فجرها بحديثه المشكك فى وقوع الحادثة، وانتهاء بالسادة نواب الشعب الذين لاحقوه بأدواتهم البرلمانية والمحامين الذين لاحقوه بالدعاوى القضائية.
أيهما أولى وأجدر بالنقاش، حادثة معراج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء العلا، أم إصرار إثيوبيا على انتهاك كل التزاماتها القانونية والدولية والمضى قدما فى تشغيل سد النهضة من جانب واحد، دون أن تقيم أى وزن للدولة المصرية وحقوق الشعب المصرى فى إدارة مياه النيل؟ وأيهما أولى وأجدر بالاهتمام فى اللحظة الراهنة، محاولة تشكيك الناس فيما استقر عليه يقينهم بالنسبة لأمور دينهم، أم محاولة توعية الرأى العام المصرى بخطورة سد النهضة، واستخدام كل ما لدى الدولة من أدوات للتصدى للعدوان الإثيوبى على حق الشعب المصرى فى الحياة؟
إعلان إثيوبيا بدء إنتاج الكهرباء من السد وتشغيله بشكل أحادى، هو التطور الأخطر فى هذا الملف، ويجب ألا يمر الأمر مرور الكرام لا على الصعيد الرسمى ولا البرلمانى ولا الإعلامى. فالعالم الذى يتابع المشهد الإعلامى والبرلمانى فى مصر، فى ظل إعلان إثيوبيا بدء تشغيل السد، لن يقتنع بما يمثله هذا السد من عدوان خطير على حقوق الشعب المصرى فى المياه، وبما يمثله من تهديد وجودى للدولة المصرية، ما دام لا الإعلام ولا البرلمان ولا القوى الاجتماعية تتحدث عن هذا الخطر فى اللحظة الراهنة.
فالمفترض عندما تواجه الدولة تهديدا خطيرا كالذى يمثله سد النهضة بالنسبة للدولة المصرية، أن تنتفض وسائل الإعلام والبرلمان وجميع مؤسسات الدولة وقوى المجتمع لإعلان رفض هذا التهديد، وإبداء استعدادها للتصدى له بكل الوسائل المتاحة، وبما يقنع المجتمع الدولى بضرورة التحرك والضغط على إثيوبيا من أجل الوصول إلى حل يحقق مصالح الجميع، ويمنع تحول الأزمة إلى كارثة إقليمية أو دولية.
المجتمع الدولى لا يتعامل بجدية مع أى قضية إقليمية هادئة، أو باردة، مهما كانت خطورتها على أى دولة، والأزمة الروسية الأوكرانية خير مثال على تركيز الاهتمام على القضايا الساخنة، على الساحة الدولية. هذه القاعدة القائمة على الاهتمام بالقضايا التى تثير قلقا إقليميا أو دوليا، وتجاهل الخلافات لا تشكل تهديدا حاضرا، تنطبق بشدة على قضية سد النهضة الذى يهدد شريان الحياة فى مصر، فما دام الإعلام المصرى والمؤسسات التشريعية والقوى الاجتماعية تلتزم الصمت تجاه هذا الملف الحيوى، وما دامت ردود أفعال الدولة المصرية على الإجراءات الإثيوبية الأحادية فى حدود النقد والإدانة ، فمن المستبعد حدوث أى تحرك دولى للمساهمة فى حل هذه القضية.
أخيرا فإن تركيز وسائل الإعلام المصرية وغالبية أعضاء النواب على قضايا من نوعية «إنكار المعراج» و«ضرب عروس الاسماعيلية» ومصير «مطربى المهرجانات» فى الوقت الذى تواجه فيه الأمة خطرا وجوديا بإصرار إثيوبيا على المضى قدما فى فرض سيطرتها على تدفق مياه النيل الأزرق مصدر 85% من مياه نهر النيل، يعتبر خللا فى ترتيب الأولويات فى أفضل الحالات.

التعليقات