أربعة فرق وأربع كرات - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أربعة فرق وأربع كرات

نشر فى : الثلاثاء 24 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 أبريل 2012 - 8:00 ص

لو كان لى أن أصف المشهد السياسى فى مصر الآن، فهو أقرب إلى ملعب بلا خطوط وبلا حكم وفيه أربع كرات يتنافس عليها أربعة فرق فى وسط ألتراس متحمس لكل فريق.

 

إذن تخيلوا حضراتكم ملعب كرة فيه أربعة فرق اختلط لاعبوهم بأزيائهم المختلفة يجرون خلف أربع كرات وغير واضح لهم أى مرمى يعبر عن أى فريق.

 

ما هى الفرق الأربعة؟ فريق المجلس العسكرى وجزء من الجمهور يؤيده إما ثقة فيه أو خوفا عليه، وفريق الإسلاميين بشقيهم السلفى والإخوانى وقطعا معهم فريق من المشاهدين يؤيدونهم ويدعمونهم اعتقادا منهم أنهم أصحاب المنهج القويم «بما لا يخالف شرع الله» بالمعنى الحقيقى للعبارة وليس على سبيل التهكم كما يفعل البعض. وهناك فريق ثالث وهو الليبراليون واليساريون ممن يخافون من أن يتحول التيار الإسلامى إلى استبداد جديد، ومعهم من يؤيدونهم سواء ممن أرادوها ثورة ليبرالية أو ممن أرادوها «لا ثورة» على الإطلاق. أما الفريق الرابع فهو الذى سيحتاج منك قدرة أعلى من التركيز، عزيزى المشاهد، عفوا أقصد القارئ، وهو فريق القوى الثورية والتى ترفع شعار «ثوار بلا تيار» ولأنهم بلا تيار فالزى الذى يرتدونه كما هو جمهورهم شديد الاختلاط والصعوبة فى التعرف عليه فهم من أثبتوا أنهم الأقدر على حشد الشارع «ضد» أمر ما أو شخص ما مع قدرة أقل على الحشد «فى صالح» أمر ما أو شخص ما.

 

أما عن الكرات الأربع فهى: كرة الدستور ومعها الجمعية التأسيسية التى يبدو أنها أصبحت عنوانا للعبة شد الحبل بين الفريقين الإسلامى والليبرالى وكل فريق يسعى لأن يدفع بالكرة فى الاتجاه الذى يغلب على ظنه أنه مرمى الخصم، ولكن المشكلة أن الكرة محصورة فى وسط الملعب دون أن يسجل أى من الفريقين فى مرمى خصمه. والكرة الثانية هى كرة الحكومة والتى يبدو أن أداءها الضعيف لا يحميها إلا أن فريق المجلس العسكرى يستحوذ على الكرة ولا يسمح لفريق الإسلاميين بالاقتراب منها ومن يقترب منها يناله من فريق المجلس العسكرى عرقلة شديدة لا يترتب عليها أية عقوبة لأنه لا يوجد قانون لعبة ولا حكم يفصل بين الفريقين. ويبقى الوضع على ما هو عليه كذلك. والكرة الثالثة هى كرة انتخابات الرئاسة بما تحمله من توتر شديد نابع من «مسمار» فى الكرة يجعلها تفقد الهواء الذى فيها وهو مسمار تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية والتى صيغت بطريقة (تركز على مناصب بعينها، وليس على جرائم محددة) وفى توقيت تجعلها مشكلة إن وافق عليها المجلس العسكرى ومشكلة إن لم يوافق عليها لأنه لو وافق عليها المجلس العسكرى قبل 26 أبريل، فقد يطعن على القانون بعدم الدستورية ومن ثم يكون السؤال هل عدم الدستورية سينسحب على الانتخابات الرئاسية نفسها؟.

 

أما الكرة الرابعة فهى كرة المجلس التشريعى الذى تلاحقه قضية عدم الدستورية بسبب صيغة «الثلثين للقائمة، والثلث للفردى» مع حق الحزبيين أن يدخلوا انتخابات الفردى مع تحويل انتمائهم بعد دخول البرلمان. وما قد ينقذ المجلس التشريعى، وهذا غير مؤكد، هو أن ينص الدستور القادم على استمرار عمل مجلسى الشعب والشورى لحين انتهاء دورتهما المقررتين فى الإعلان الدستورى، وهذا غير مؤكد لأن جمعية الدستور الجديدة تائهة كالكرة التى يحركها لاعبون بلا خطة أو مهارة.

 

فى آخر كل كتالوج لجهاز كهربائى توجد قائمة بالمحظورات التى ينبغى على المستخدم تجنبها حتى لا يتسبب سوء الاستخدام فى أضرار. نحن ببساطة ارتكبنا كل الأخطاء التى يحذرنا منها الكتالوج أثناء الفترة الانتقالية، أو ربما هو «عيب مصنع».

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات