انتهاكات الشرطة شكل من أشكال الإرهاب - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتهاكات الشرطة شكل من أشكال الإرهاب

نشر فى : الأحد 23 أغسطس 2015 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 23 أغسطس 2015 - 8:00 ص

نشرت صحيفة النيويورك مقالا للكاتب تشارلز برو يؤكد فيه أن انتهاكات الشرطة الأمريكية خلال الفترة الماضية تعد أحد أشكال الإرهاب، موضحا أن الإرهاب ليس مجرد فعل من جماعة إسلامية فقط وإنما هو فعل من جماعة متطرفة أيا ما كانت، ساخرا من قبول اعتراض المواطنين على إرهاب الجماعات المتطرفة ورفض اعتراض السود على أفعال متطرفة من جانب بعض رجال الشرطة. ويستهل برو مقاله بأنه غالبا ما توجه الانتقادات من مجموعة معينة من القراء إلى الكتابة عن موجة المواجهات الدامية، والمسجل منها العديد بالفيديو، بين السود العزل وضباط الشرطة.

ويستعرض برو إحداها، فمنها :«لماذا لا تكتب عن المشكلة الحقيقية ــ الجريمة التى يرتكبها السود ضد السود؟ الشاب الأسود أكثر عرضة للقتل على يد شاب أسود آخر منه على أيدى الشرطة. لماذا لا يبدو أن الناس يحتجون عند قتل هؤلاء الشباب؟ أين التغطية الإعلامية لهذه الوفيات؟».

ويصف برو شعوره حينها بأن هذا يمثل تحريفا يهدف إلى استغلال مشكلة لحجب أخرى.

فمن الناحية الإحصائية، يبدو المعنى صحيحا: السود أكثر عرضة للقتل بأيدى السود الآخرين. ولكن البيض أيضا أكثر عرضة للقتل بأيدى أشخاص بيض آخرين. والحقيقة هى أن جرائم القتل وغيرها من الجرائم العنيفة غالبا ما تتعلق بالقريبين أو المعارف، حيث يرتكب الجانى الجريمة ضد أناس يعرفهم.

ويوضح برو أنه غالبا ما يستطيع الناس فهم وتأطير العنف المجتمعى، وبالتالى يكون لديهم فهم أفضل لكيفية تجنب ذلك. فيمكن أن يقول أحد الوالدين لطفله: لا تسر مع هذا الحشد، أو لا تقف عند هذه الزاوية، أولا تشارك فى مجموعة معينة من الأنشطة. حيث وجدت دراسة حديثة أجراها علماء فى معهد الدراسات الاجتماعية والسياسة فى جامعة ييل أن الغالبية الساحقة من جرائم القتل المتواصلة تنطوى على مجموعة صغيرة من الناس لا تضمهم فقط علاقات اجتماعية ولكن أيضا يشاركون بالفعل فى نظام العدالة الجنائية. ويمكن للبالغين اتخاذ قرار بشأن الاحتفاظ، أو عدم الاحتفاظ بأسلحة فى المنزل. ووفقا لدراسة نشرت فى إحدى الدوريات، أن وجود بندقية يزيد من فرص الوقوع ضحية لجرائم القتل العائلى.
ويبين برو أن من لديه الإمكانية أو الوسيلة يستطيع أن يقرر الابتعاد عن الأحياء الفقيرة، التى ترتفع فيها معدلات الجريمة. وبرغم أن هذه التدابير ليست فعالة تماما، لكنها يمكن أن توفر قدرا من الحماية وتمد المواطنين الأفراد بدرجة معينة من القوة الشخصية. وعلى العكس من ذلك إذا ما نجمت عن عنف الدولة، كما تجسد فى حالات انتهاكت الشرطة التى شاهدها الناس، شعور بالإرهاب لا يمكن تجنبه.

***

ويؤكد برو أنه لا يتعلق اختلاف ردود فعل الناس على هذه الأنواع المختلفة من القتل، بتمجيد ــ أو استغلال ــ بعض الوفيات لأغراض سياسية، وإنما بالغضب الجماعى من أن المكلفين بحماية حياتك يمكن أن يشكلوا تهديدا لها. بل هو رد فعل على انكشاف وهم، وانهيار فكرة. كيف يمكن أن يكون هناك شخص آمن فى أمريكا إذا لم يكن آمنا على جسده؟ وهى المواجهة مع المفهوم الأكثر إزعاجا: لا يوجد أى قدر من السلوك الصالح، وليست هناك ضاحية صالحة بما فيه الكفاية، لتوفير القدر الكافى من الأمان.

وينتج هذا نوعا معينا من الإرهاب؛ شعور بالعرى والضعف، وخوف يدفع الناس للغضب من فكرة أن تضطر للخوف.

ويرى برو أن ردود فعل القتل على أيدى الشرطة لا تختلف تماما عن رد فعل الناس على أشكال الإرهاب الأخرى. ويعنى وجود ضباط الشرطة فى كل مكان، بشكل مبالغ فيه بما لديهم من سلطة أن جرائم القتل المشكوك فى ارتكابهم إياها تخلق شعورا بالإرهاب، واحساسا بالخوف يغمر المكان.

ويقارن برو بين استجابة المواطنين للإرهاب المحلى واستجابة السود لقتل الشرطة شخوصا منهم، حيث إنه لم تختلف استجابة المجتمع الأسود لهذا الشكل من الإرهاب المحلى كثيرا عن رد فعل أمريكا على الإرهاب الأجنبى. ففى يونيو، وجد مركز أبحاث نيو أميركا ان 26 شخصا قتلوا فى الهجمات الجهادية فى الولايات المتحدة منذ 11/9 مقارنة مع 48 حالة وفاة بسبب «الهجمات اليمينية» حتى الآن، وقد دفع الأمريكيون الكثير من الدم والمال لمكافحة الإرهاب الإسلامى فى تلك السنوات. غير أن معهد أبحاث جالوب، كشف أن نصف الأمريكيين لايزالون يشعرون بالقلق الشدد من أن يصبحوا هم أو أحد القريبين منهم ضحية للإرهاب.

ويشير برو إلى ما لاحظه على السناتور ليندسى جراهام من ساوث كارولينا حيث بدا انها تتوق إلى حرب أخرى لمكافحة الارهاب، فقد قالت فى جلسة للجمهوريين: «أود أن أنقل المعركة إلى هؤلاء الرجال، مهما كانت التكلفة، ومهما تطلبت من وقت». وعلى أى حال، ليس هذا موقف جراهام، ولكنه موقف شريحة كبيرة من السكان.

ويحيل برو فيما يخص تقرير نيو أمريكا، إلى ما كتبه فريد زكريا فى صحيفة واشنطن بوست فى يوليو ردا على التقرير: «قبل الأمريكيون التدخل غير المسبوق للسلطات الحكومية والتعدى على الخصوصية لمنع مثل هذه الهجمات. ومنذ 11 سبتمبر، لقى 74 شخصا مصرعهم فى الولايات المتحدة بأيدى الإرهابيين، وفقا لمركز أبحاث نيو أمريكا. فى الفترة نفسها، قتل أكثر من 150 ألفا من الأمريكيين فى جرائم القتل بالسلاح، ولم نفعل شيئا. وحتى الآن، لم نتساءل «لماذا لا تركزين يا أمريكا، على المشكلة الحقيقية: الأمريكيون يقتلون الأمريكيين الآخرين؟

***

وهنا يتساءل برو حول ما إذا كانت فهل مسألة «المشكلة الحقيقية» تقتصر على السود فحسب. زاعما أن رد أمريكا الهائل على التهديد الإرهابى هو ما أبقى عدد الاشخاص الذين قتلوا فى هذا البلد نتيجة للإرهاب منخفضا جدا. ولكن، إذا كان الأمر كذلك، لا ينبغى أن يكون للسود الأمريكيين، بالمثل، الحق فى ممارسة المقاومة هائلة للحد من عدد السود الذين يقتلون بعد التعامل مع الشرطة.

ويستعجب برو فى نهاية مقاله بكيفية فهم رد فعل شديد من الأمريكيين ككل على تهديد الإرهاب، وإبداء عدم فهم غير مبرر عندما يفعل السود فى أمريكا الشىء نفسه؟

التعليقات