رحلة الطائرة الماليزية.. تحدٍّ جديد للعمل الصحفى - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحلة الطائرة الماليزية.. تحدٍّ جديد للعمل الصحفى

نشر فى : الإثنين 24 مارس 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 24 مارس 2014 - 8:00 ص

كتب مايكل وولف مقالا بجريدة الجارديان عن الرحلة 370، وما ذكرته الصحافة عن كون الطائرة فى مكان ما. على الرغم من أن هناك احتمالا غريبا أنها ستظل كما لو أنها فقدت إلى الأبد.

وهذا هو الموقف الأفضل للصحافة: «فى عداد المفقودين»! قصص تتفوق على ماعداها، لما تتميز به من كثافة وحساسية، تغذى خيال الصحفيين والجماهير على حد سواء. ولا شك أن الصحافة دورها توفير المعلومات. ولكن المحزن حقا هو عدم وجود معلومات ــ أو ما يمكن أن يطلق عليه بشكل خاص «غياب بيانات ملموسة».

•••

أشار الكاتب إلى الاقتباس الرئيسى من حديث «مسئول أمريكى كبير» لم تحدد صحيفة نيويورك تايمز هويته، أن «كل هذا لا يعنى أى شىء، الأمر كله نظرى» كان هذا، على صفحتها الأولى منذ أيام، عن تخلى الحكومة الماليزية المفاجئ عن فكرة خطف الطائرة. «ابحثوا عن الطائرة، واعثروا على الصندوقين الأسودين، ومن ثم يمكننا معرفة ما حدث. يجب أن يكون الحكم مبنيًا على شىء، وإلى أن يكون لدينا ما نعتمد عليه، يظل الأمر كله مجرد نظريات».

أضاف وولف، من حق كل شخص أن يكون لديه نظرية خاصة به ــ فهذا أكثر ديمقراطية فى الصحافة ــ بما فى ذلك، ولكن ليس على سبيل الحصر:

أ) الإرهاب؛ ب) الأعطال الميكانيكية، ج) الاختطاف؛ د) طيار مجنون أو مارق؛ هـ) نيزك، د) كائنات فضائية، ح) عرض ترويجى واقعى (وفى هذه الحالات، يكون 239 من الركاب وأفراد الطاقم تلقوا أجرا مقابل الأداء).

ويتأرجح عمود برنامج تويت ديك، وكأنه مؤشر أسهم مختل، بحيث تتراجع الاهتمامات الأخرى.

•••

ثم أوضح الكاتب أنه ليس الوحيد بين المنغمسين فى هذا المجال، من لاحظ أن الاستيلاء الوشيك على شبه جزيرة القرم، ذات الأهمية اللوجستية الجيوسياسية ومواجهة مجموعة من الآثار الدولية ــ وهى مغريات صحفية ــ تم تنحيتها، بواسطة قصة ليس لها معنى واضح، إزاء مصير قاتم محتمل لمعظم ركاب الطائرة.

وهى، بطبيعة الحال، قصة نموذجية لعصر الصحافة الحالى، لأنها لا تكلف شيئا. فلا ينبغى على أحد الذهاب إلى أى مكان. ولا يضطر أحد لتغطية الحطام والإنقاذ. ولا تعتبر القصة من قبيل النظريات فحسب ــ وإنما النظريات الرخيصة.

وقد حاولت الصحافة السائدة توخى الحذر بشأن مزاعمها. وحاولت أن تنكر أو على الأقل تتحفظ ضد المعلومات غير المثبتة ــ حتى عندما يكون غير المثبت واضحًا. حيث قالت صحيفة التايمز ليلة الجمعة».. عندما درس المحققون بيانات الرحلة، وبحثوا حالتى الشخصين الإيرانيين الذين صعدا الطائرة بجوازى سفر مسروقين، تأكدوا من عدم وجود صلة واضحة مع الإرهاب»، بل أنه كان قد تبين مع انتهاء عطلة نهاية الأسبوع أن شخصا ما قام بتعطيل آليات إشارة تحديد الطائرة، وحولها عن مسارها، وطار بها إلى مكان ما!

•••

ويرى وولف أن هذا التردد الحذر أو الغريب هو ما يحرك القصة. ونظرًا لأن وسائل الإعلام الرئيسية، تحاول ألا تحيد عن المصادر الأساسية (الحكومة الماليزية التى تصر على الإنكار، والسلطات الأمريكية التى تفتقر إلى المعلومات) فهى تقدم شيئا غير منطقى، يحرك بدوره أو يلهم وسائل الإعلام المعارضة (أصحاب نظرية المؤامرة)، التى كانت هامشية فى السابق، ولكنها صارت الآن الصحافة السائدة. وبعد أكثر من عشرة أيام، تلاحق وسائل الإعلام الكبرى مع الحكومة الماليزية القصة، التى صار الجميع يلاحقها على أى حال.

لقد تم الاستيلاء على الطائرة! والسيطرة عليها.

ولم تعترف التايمز إلا مؤخرا بـ«زيادة احتمالات أن تكون الرحلة 370 قد تم حرف مسارها عمدا، ربما بآلاف الأميال عن مسارها المقرر».

وتعتبر اللغة نفسها جزءًا من المشكلة فى القصة. حيث يرتبط تعبير «الإرهاب» ضمنيا بتنظيم القاعدة، ويشير إلى السبب الواضح والنتيجة، ويميل إلى تحريك موجة من الاستجابات المتطرفة. ومن ثم، ينبغى ألا نتبنى هذا الاحتمال إلا إذا كان هناك ما يؤكد ذلك. حيث يعنى الاختطاف مطالب محددة، وطائرة ظاهرة. بينما تحتاج الأعطال الميكانيكية إلى موقع تحطم الطائرة. وربما تكون هذه أول قصة تعتمد بالكامل على البيانات؛ فلا توجد حقائق مباشرة. ولا توجد سوى آثار بيانات ثانوية فقط. ولم تظهر حتى الآن قوة البيانات، ولكن ضعفها.

وتقول الصحيفة «لم يعد أمام المحققين سوى «المصافحة» الإلكترونية كل ساعة أو الاتصالات الرقمية، بين الطائرة وقمر صناعى يدور على مسافة 22.250 ميل فوق المحيط الهندى». وتضيف «لكن المصافحة فى معظمها خالية من البيانات، ولا يمكن استخدامها لتحديد آخر موقع معروف للطائرة. وهو المعادل الإلكترونى للفت نظر شخص وسط حشد».

•••

واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن البيانات لا تؤدى إلا إلى مجرد تعزيز فكرة وجود الطائرة. ولكن الطائرة موجودة فى مكان ما ــ وهذا هو المغزى الوحيد للبيانات.

وهى إما فى قاع المحيط؛ غرقت دون أن تترك أثرا! أو فى الأدغال أو الغابات المطيرة، تركت حطاما ملحوظة! أو ربما كانت على الأرض فى مكان ما ــ أعيد إمدادها بالوقود مكان ما على الأرض، ثم ذهبت إلى مكان آخر، لتهبط على الأرض مرة أخرى، ولا يعرف مكان وجود 239 شخص من الركاب وأفراد الطاقم. وهو نوع جديد من أنواع خطف الطائرات، حيث لا يمكن إقتحام الطائرة، أو استهداف الخاطفين من قبل القناصة لأن الطائرة والخاطفين غير ظاهرين. أو نوع جديد من أنواع الإرهاب، حيث نترقب الخطة التى ستطبق لاحقا، ولم يتم كشفها، بالعودة إلى الممرات الجوية لغرض رهيب، ليس أمامنا سوى محاولة تخمينه. وما إن نبدأ فى الاعتقاد أننا نعرف كل شىء، حتى نجد أننا لا نعرف شيئا، وتتكثف المؤامرة.

التعليقات