ضعف الهندسة القانونية - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 7 ديسمبر 2024 10:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضعف الهندسة القانونية

نشر فى : الأربعاء 25 فبراير 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 فبراير 2015 - 9:05 ص

أيا كانت النتيجة التى سوف ينتهى إليها الموقف من دستورية بعض مواد القوانين المتعلقة بالانتخابات، فإن ضعف القدرة على الهندسة القانونية والسياسية لا يزال إحدى علامات النظام السياسى المستمرة منذ أربعة عقود إلى الآن.

برلمانات مبارك حلت بسبب عدم دستورية قوانين الانتخاب. ارتطم برلمان ثورة 25 يناير بنفس المعضلة، وتعثر نظام محمد مرسى فى أن يصل إلى قوانين تحيط النظام الانتخابى بسياج من الدستورية، فقد ظل مجلس الشورى يعد مسودات يرسلها للمحكمة الدستورية (التى كانت صاحبة الرقابة المسبقة فى دستور 2012م) وتعود إليه بملاحظات للاستيفاء، وقامت ثورة 30 يونيو ولم يظهر القانون إلى النور. وعندما شرع النظام الجديد الذى تشكل فى أعقاب هذه الثورة فى وضع الإطار القانونى للانتخابات، وكان يمتلك الوقت بالمناسبة، لم يتمكن من ذلك على النحو الذى يعصمه من شبهة عدم الدستورية.

هل من الصعب أن يصل المجتمع إلى قانون انتخاب يفلت من شبهة عدم الدستورية من ناحية، ويشكل إطارا قانونيا يسمح بتطوير الحياة السياسية؟

بالطبع ليست المسألة صعبة، ولكن المصالح المتناقضة فى دوائر السلطة والنفوذ دائما تربك الحسابات والتوجهات، وهو ما يجعل الانتخابات العامة مناسبة مختلطة، بالنسبة للبعض فرصة لجنى مكاسب آنية، وبالنسبة للبعض الآخر خسارة وتراجع.

لماذا لم يتمكن نظام 30 يونيو، والذى تخلص من تناقضات النزاع الدينى العلمانى، ووضع دستورا نال ثقة قطاعات واسعة، من ترجمة ذلك فى قوانين انتخاب لا تعارض الدستور، وفى ذات الوقت ترتقى بالمجتمع السياسى؟ الإجابة فى رأيى ليست فقط فى تناقض المصالح داخل تحالف 30 يونيو، ولكن استمرار العمل فى جزر منعزلة، مما يجعل المؤسسات تعمل بمعزل عن بعضها بعضا، ويغلب على السلوك السياسى الرغبة فى الفردية، وتأكيد الذات، وضعف العمل فى إطار جماعة. هل كان صعبا على الحكومة الحالية، وأيضا السابقة، أن تعرض مسودة القانون على المحكمة الدستورية، وتستمتع إلى ملاحظاتها، وتسعى إلى الآخذ بها، إغلاقا لباب عدم الدستورية الذى يلاحق كل برلمان فى الخبرة المصرية يستوى فى ذلك برلمانات مبارك، وبرلمان الثورة التى ثارت على مبارك، وبرلمان الإخوان المسلمين، والبرلمان المعبر عن الثورة التى قامت ضد الإخوان المسلمين.

ثقافة «القص واللزق» فى القوانين لم تعد مقبولة. تستحق مصر عقب ثورتين دراسة الأنظمة الانتخابية فى الخارج، والخروج بنظام انتخابى يقوى الأحزاب من ناحية، ويساعد على تمثيل أوسع للفئات والمصالح المتنوعة فى المجتمع.

أعرف أن هناك من القوى السياسية من تريد تأجيل الانتخابات البرلمانية بضعة أشهر، وأخرى تستعد للمطالبة بإعادة النظر فى القوانين المتعلقة بالانتخابات حال حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية بعض المواد المتضمنة فى هذه القوانين، وهناك من الساسة والمثقفين من يريد حكما يزيح الانتخابات بضعة أشهر لأنه يرى أن تركيبة مجلس النواب المقبل، فى ضوء التحالفات الحالية، لن يؤسس برلمانا قويا تشريعيا ورقابيا.

سوف تظل المشكلة فى رأيى ليست فى عقد الانتخابات غدا، أو بعد غد، ولكن فى ايجاد نظام انتخابى مستقر يعبر عن تمثيل أوسع، ويسهم فى تقوية الحياة السياسية.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات