جوتيرش ينحاز لإنسانيته - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جوتيرش ينحاز لإنسانيته

نشر فى : الإثنين 25 مارس 2024 - 7:25 م | آخر تحديث : الإثنين 25 مارس 2024 - 7:25 م

يستحق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش كل التحية والتقدير، لأنه قرر أن ينحاز لضميره وإلى إنسانيته ولم يخش غضب إسرائيل وأمريكا، علما أنه يعرف أن هذا الغضب يمكن أن يكلفه الكثير من أول التشهير والحملات الإعلامية الممنهجة نهاية بالمنصب نفسه، كما حدث مع بعض ممن سبقوه فى هذا المنصب مثل الراحل الكبير بطرس بطرس غالى حينما تجرأ وانتقد وأدان إسرائيل بعد ارتكابها مذبحة قانا فى ١٨ إبريل ١٩٩٦ فى جنوب لبنان.
جوتيرش جاء لرفح المصرية فى المرة الأولى فى ٢٠ أكتوبر الماضى، أى بعد ١٣ يوما من بدء العدوان فى ٧ أكتوبر، بعد أن أعلنت إسرائيل أنه لا مياه ولا غذاء ولا كهرباء ولا وقود ولا دواء لغزة. يومها وقف الأمين العام منددا ومدينا ومطالبا بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
الإسرائيليون سارعوا إلى إدانة تصريحات جوتيرش واتهامه بأنه يساند حماس والمقاومة الفلسطينية، بل تبجح بعض الإعلاميين الإسرائيليين باتهامه بأنه «مُعادٍ للسامية» لمجرد أنه انحاز لضميره.
ورغم أنه أدان عملية طوفان الأقصى لحركة حماس ضد إسرائيل، فإن أكثر ما أثار غضب الإسرائيليين أنه لمّح إلى أن المقاومة الفلسطينية هى بسبب الاحتلال، وبالتالى ينبغى النظر إليها من هذه الزاوية.
ثم استمر يدافع بإنسانية منقطعة النظير عن الشعب الفلسطينى الأعزل.
لم تغفر إسرائيل لجوتيرش تصريحاته وظلت توجه إليه الهجمات والانتقادات، خصوصا قوله من أمام معبر رفح فى ٢٠ أكتوبر الماضى أنه يجب ألا يعاقب الفلسطينيون مرتين الأولى بالحرب والثانية بمنع إدخال المساعدات.
جاء جوتيرش مرة ثانية لمصر وزار رفح يوم السبت الماضى، ثم التقى بوزير الخارجية السفير سامح شكرى ثم مع الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الأحد الماضى.
هو كرر نفس تصريحاته المبدئية داعيا إلى وقف إطلاق النار وضرورة دخول المساعدات الإنسانية المكدسة فى رفح المصرية، وتفقد المعبر والتقى ببعض العاملين فى المجال الإنسانى فى القطاع فى الجانب المصرى، وزار أيضا بعض المصابين الفلسطينيين فى مستشفى العريش، وتعرف على خطوات علاجهم من وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار الذى أطلعه على الجهود المصرية فى استقبال الجرحى الفلسطينيين وعلاجهم فى العديد من المستشفيات المصرية.
خلال مؤتمره الصحفى مع سامح شكرى يوم الأحد الماضى كرر جوتيرش قوله إنه «آن الأوان لوقف إطلاق النار فى غزة»، وإن هناك انقسامات أيديولوجية فى مجلس الأمن تعرقل اتخاذ قرارات ذات معنى، مؤكدا: «لا مبرر لهجمات ٧ أكتوبر، ولا للعقاب الجماعى للشعب الفلسطينى».
ما يثير غضب إسرائيل أيضا أن جوتيرش يرفض خطتها لتصفية منظمة «الأونروا»، قائلا: «نعمل بجد لضمان دعمها وتعزيز قدرتها على القيام بدورها تجاه الفلسطينيين».
فى معظم مؤتمراته الصحفية يسأله الصحفيون عن رأيه فى الاتهامات والانتقادات الإسرائيلية ضده، وحينما كان فى القاهرة رد بقوله: الاتهامات لا تؤثر على عملنا، ولسنا ضد أحد، بل نعمل على قيم ومبادئ، والعقبات لا تؤثر على تصميمنا على مساعدة الفلسطينيين».
فى رفح قال جوتيرش كلاما مؤثرا جدا مثل: «هناك كارثة إنسانية فى غزة، وكان محزنا خلال تناول الإفطار أمس الأول أن أعرف أن غالبية سكان غزة لم يتناولوا وجبة إفطار ملائمة. وحان الوقت لإسكات البنادق وأن تتيح إسرائيل الوصول الكامل وغير المقيد للمساعدات والسلع الإنسانية فى جميع أنحاء القطاع، هنا من هذا المعبر، نرى كل ما يفطر القلب ونرى قسوة القلب على أشدها، صف طويل من شاحنات الإغاثة المحظور دخولها على أحد جانبى البوابات، وشبح المجاعة الممتد على الجانب الآخر.. هذا أكثر من مأساوى إنه تصرف مثير للغضب».
وكان من الطبيعى أن كلمات وتصريحات جوتيرش تثير غضب الإسرائيليين ورأينا وزير الخارجية إسرائيل كاتس ينتقد جوتيرش على منصة «إكس»: «لتوجيهه اللوم لإسرائيل دون التنديد بأى صورة بإرهابيى حماس الذين ينهبون المساعدات».
جوتيرش هو ضمن قلة من المسئولين الدوليين الذين انحازوا لضميرهم وإنسانيتهم وللحق والعدل وتجرأوا على انتقاد إسرائيل.
ومن المهم أيضا أن ندرك أن جوتيرش برأ مصر من كل الاتهامات الإسرائيلية والأمريكية الظالمة بأنها تعوق إدخال المساعدات، وهذا موضوع يحتاج إلى نقاش مفصل.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي