انتخابات السلطة الفلسطينية.. حلم يتحقق أم كابوس قادم؟ - فيس بوك - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتخابات السلطة الفلسطينية.. حلم يتحقق أم كابوس قادم؟

نشر فى : الثلاثاء 26 يناير 2021 - 8:40 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 يناير 2021 - 8:40 م

نشر الكاتب لبيب قمحاوى على صفحته بالفيسبوك مقالا يرى فيه أن الدعوة إلى إجراء انتخابات فلسطينية لا تصب فى مصلحة القضية الفلسطينية، بل ستؤدى إلى مزيد من الفرقة ولا تركز على القضية الرئيسية وهى عمليات التطبيع المتسارعة... نعرض منه ما يلى:

دعوة محمود عباس الأخيرة إلى إجراء انتخابات فلسطينية لا تأتى تلبية لمطلب فلسطينى قديم ومستمر، ولا تأتى تتويجا لمصالحة فلسطينية ــ فلسطينية لأن مثل تلك المصالحة لم تتم حتى الآن، بل تأتى فى حقيقتها منسجمة مع مسعى حكام عرب آخرين لإعادة تأهيل أنفسهم وأنظمتهم تمهيدا للانسجام مع رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة، وتلبية لمستلزمات حقبة ما بعد الترامبية التى قلبت عوالم العرب المقلوبة أصلا وانتهكت بوقاحة جميع المحظورات الفلسطينية.
الانتخابات الفلسطينية تأتى فى توقيتها كمحاولة لإعادة تأهيل القيادة الفلسطينية الحالية وإضفاء شرعية انتخابية جديدة عليها تؤهلها للعب دور مرسوم لها ومطلوب منها بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وهذا يفترض بالضرورة أن نتائج تلك الانتخابات قد تكون محسومة فى ذهن السلطة الفلسطينية حتى قبل إجرائها ومعرفة نتائجها خصوصا إذا كان الهدف تجديد الشرعية وليس تغيير القيادة أو تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية. ومن هنا فإن الحديث قد يكون أقرب إلى الصحة والدقة إذا ما افترضنا أن النتائج المتوقعة من الانتخابات تعـنى عمليا مزيدا من الفرقة والانقسام الفلسطينى كون الهدف الحقيقى من إجرائها هو إعادة تأهيل القديم بثوب جديد دون تغيير المحتوى.
من المؤكد أن إدارة بايدن لن تقوم بتغيير سياسة الدعم المفتوح المتواصل لإسرائيل أو بإلغاء أية مكاسب حصلت عليها إسرائيل من إدارة ترامب. ما هو متوقع لن يتجاوز عملية تخفيف العداء الملحوظ الذى مارسته إدارة ترامب تجاه الفلسطينيين من خلال إجراءات شكلية مثل عودة الدعم المالى للسلطة الفلسطينية ولوكالة الغوث، وربما إعادة فتح مقر السلطة الفلسطينية فى واشنطن والقنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية، وإعادة انتهاج نفس السياسات التقليدية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية. إذا كان الوضع كذلك، فلماذا يسعى محمود عباس إلى إعادة إنتاج نفسه وسلطته الفلسطينية من خلال دعوته الأخيرة لإجراء الانتخابات؟
الدعوة إلى إجراء انتخابات فلسطينية هى فى حقيقتها نتيجة لواقع محمود عباس كرئيس سلطة مهلهلة انتهت ولايته ولم يقم بتجديدها من منطلق إيمانه العميق بالحكم الفردى. الانتخابات هى محاولة يائسة لإعادة تأهيل محمود عباس وسلطته المتهاوية كمدخل للاستمرار فى لعب دور سياسى فى ظل متغيرات شكلية سوف ترافق إدارة الرئيس الأمريكى الجديد وسياساتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية ومتطلباتها الأيديولوجية العامة فى تعزيز النهج الديمقراطى وحقوق الإنسان.
يبدو أن أولويات السلطة الفلسطينية قد التبست عليها مجددا. التحدى العاجل يكمن الآن فى العمل على وقف مسار التطبيع العربى المتسارع مع إسرائيل، وهذا يتطلب إعادة إنتاج العلاقات العربية ــ الفلسطينية وليس السعى إلى إرضاء الإدارة الأمريكية الجديدة حصرا، خصوصا أن موقف هذه الإدارة تجاه إسرائيل لا يختلف فى جوهره عما سبقها من إدارات وإن كان قد يختلف فى الأسلوب وفى تغليف الانحياز الحقيقى لإسرائيل بقشور العدالة والاهتمام بالفلسطينيين.
إسقاط التطبيع العربى مع الكيان الإسرائيلى هو فى الأساس مسئولية فلسطينية وجماهيرية عربية. وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية إعادة تأكيد دور الحاضنة العربية للقضية الفلسطينية والعمل على تفعيل هذا الدور بعد أن قامت قيادة منظمة التحرير بعد عام 1969 برفسه بعيدا تحت شعار استقلالية القرار الفلسطينى وما تلاه من مقررات الرباط عام 1974، بالإضافة إلى ضرورة وأهمية التأكيد المستمر على خطورة السياسات والمطامع الإسرائيلية على مصالح دول العالم العربى بلا استثناء فى كل زمان. وإذا كان من غير الممكن إلغاء ذلك التطبيع، فمن الواجب العمل على وقف امتداده بكافة الوسائل.
إن المحاولات العربية والفلسطينية والأمريكية الجارية الآن لإعادة خلق وهم «حل الدولتين» باعتباره شعار المسار الجديد للإدارة الأمريكية الجديدة هو استخفاف بالعقل الفلسطينى، خصوصا أن الأنظمة العربية ابتدأت فى عزف موسيقى «حل الدولتين» وكأن هذا الحل كان مفقودا وتم العثور عليه الآن. «حل الدولتين» هو معزوفة قديمة بالية مستهلكة منذ عقود.
إن ما يجرى الآن من ترويج نشط وملحوظ لشعار «حل الدولتين» يأتى منسجما مع سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة كونه يعكس فى حقيقته هدف خلق وهم السلام وليس بالضرورة تحقيقه بهدف تخفيف الاحتقان فى المنطقة، وربما تبرير مسار جديد من السياسة العربيةــ الأمريكية يهدف إلى خلق أجواء ملائمة لمزيد من التطبيع العربى مع الكيان الإسرائيلى كثمن يدفع مقدما تمهيدا للوصول إلى حل الدولتين المزعوم. إن حل الدولتين لا قيمة له بدون التزام أمريكا بتحديد ماهية وطبيعة الدولة الفلسطينية المنشودة وعدم الاكتفاء بترديد العنوان فقط.
الحلم العربى والفلسطينى الدائم بأن يأتى الحل من الخارج وبالتحديد من أمريكا سوف يبقى وهما. الحل لن يأتى إلا من الداخل الفلسطينى أولا والعربى ثانيا ولن يهبط علينا من السماء حتى لو كانت المظلة أمريكية.

التعليقات