دولة 25 يناير! - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولة 25 يناير!

نشر فى : الثلاثاء 26 أبريل 2011 - 9:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 أبريل 2011 - 9:35 ص

 الخطر الأكبر الذى يواجه ثورة 25 يناير الآن هو أنها لا تملك برنامجا سياسيا محددا لبناء نظام جديد، رغم نجاحها فى هدم اوكار نظام تعفن وشاخ على مقاعده، ومارس أبشع أنواع الفساد كما لو كان عصابة من المافيا، وليس نظاما يحكم بالقانون وبالمؤسسات!

وقد اتضحت معالم هذه الأزمة فى العديد من المظاهر كان على رأسها انتشار الاحتجاجات الفئوية، ورفض سلطة الدولة فى تعيين المحافظين، وزيادة الخلافات حول الخطوات الاصلاحية المطلوبة فيما يتعلق بانتخابات الرئيس القادم والبرلمان الجديد، وطريقة وضع الدستور، إضافة إلى عدم وجود زعيم لهذه الثورة يحظى بإجماع وطنى..!

فالثورة التى توشك على أن تضع مبارك فى سجن طرة، قضت إلى الأبد على أحفاد الفراعنة من الرؤساء الملهمين الذين اكتسبوا قداسة وهمية، وامتلكوا سلطات أسطورية لا يملكها إلا نصف إله، وهدمت تراثا طويلا من القمع والتهميش..

إلا أن هذه الثورة بحكم تركيبة القوى التى شاركت فى أحداثها، والتى تراوحت من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مرورا بملايين الغاضبين الذين لم يكن لهم اى انتماءات سياسية على الاطلاق، لم تمتلك فلسفة سياسية أو اجتماعية واضحة، فهى مثلا لم تكن ثورة العمال الذين يريدون تغييرات اشتراكية، ولم تكن ثورة الفقراء الذين يريدون العدالة فى توزيع السلطة والثروة، ولم تكن ثورة الطبقة الوسطى التى تريد أن تمسك العصا من منتصفها وتسترد المكتسبات إلى حققها لها جمال عبد الناصر، ولم تكن ثورة الفرق الإسلامية التى تريد استدعاء عصور النهضة فى تاريخنا الإسلامى وإعادة دولة الخلافة.

فحتى الآن، نحن لا نزال نبحث عن هذه الدولة المنشودة، وهل هى الدولة التى «تضبط» الصراع بين مصالح الطبقات الاجتماعية كما تقول الأدبيات الاشتراكية، أم هى دولة السوق الحر التى تسمح بحريات سياسية واسعة وتحتاج إلى ثروات وموارد لا نملكها، أم هى دولة الحضارات الاسلامية إلى دارت حول شخصية الحاكم واعتبرت أن صلاح الأمة يتوقف على صلاحه وفسادها ويتوقف على فساده..

قد نختلف على الاجابة على هذه التساؤلات، لكننا نحتاج قبل أن نحسم وجهتنا السياسية القادمة إلى ثورة ثقافية تعنى فى المقام الأول بالإصلاح الدينى. وأتصور أننا كما أبدعنا ثورة ألهمت شعوب العالم كله، علينا أن نقدم تجربة جديدة فى بناء «دولة انتقالية» تعطى لكل القوى الحق فى التعبير عن برامجها بدون قيود ولا وصاية ولا تخوين ولا تكفير..

حتى نستعيد عافيتنا السياسية التى أهدرها حكامنا طوال قرون من القمع والاستبداد!

محمد عصمت كاتب صحفي