ماذا يريد خالد يوسف؟ (2) - خالد محمود - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا يريد خالد يوسف؟ (2)

نشر فى : الثلاثاء 26 مايو 2009 - 9:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 مايو 2009 - 9:25 م

 يأبى المخرج خالد يوسف وهو يروى حكاية شحاته وأبيه ودكانه عبر 30 عاما إلا أن يمر مرور الكرام على أحداث سياسية بعينها شهدتها تلك الحقبة، فعلى الرغم من أن الصورة بدت وكأنها لحظات عابرة فإنها تكشف عن بعد لفكر سياسى ينتهجه المخرج مع شريكه المؤلف ناصر عبدالرحمن.

يكشف عن نظرة متشائمة للحياة الاجتماعية فى مصر ليس فقط خلال الـ25 عاما الماضية بل ولسنوات أخرى قادمة..

وبدا أن شحاته ومن حوله يلقون بنتيجة الصراع والجشع والأنانية ــ التى نشبت بين أفراد الأسرة البسيطة ــ على أوضاع ومناخ سياسى، رغم أنه لم يكن هناك ما يبرر ذلك، فالصراع بين أفراد الأسرة هو نتيجة فقر فى التربية والسلوك والمال والفكر، فلم يكن المناخ السياسى هو الذى دفع شحاته للوقوع فى حب بيسه، ولم يكن وراء كراهية أخيه له وتلفيق تهمة له ليخطف منه بيسه ويتزوجها..

ولم يكن وراء استسلام وخنوع شحاته فى عودة حقه المغتصب. وإذا كان لكل عصر خطاياه السياسية وظلمه الاجتماعى فهذا لا يعنى رفض الواقع واتهامه والتنصل منه ولنذكر هنا المشهد الذى أمسك فيه شحاته بصورة عبدالناصر .

التى كان يعلقها أبوه الراحل فى غرفته ــ وهو يقول: «الله يرحمك يابا»، وهذا تعبير صريح على إيمان المخرج بالحنين لزمن عبدالناصر، واستجداء لعودته، وكأن عصر عبدالناصر كان بلا خطايا اجتماعية وسياسية..

وأيضا بلا أطماع فرضتها الحياة تسرى بين أفراد الأسرة الواحدة، قال شحاته: «الله يرحمك يابا» عندما ضاق به الحال، وتأزمت به الظروف وهو قطعا إسقاط واضح على فقدان الأب الحنون الذى شمله برعايته أكثر من إخوته وفضله عليهم بدليل أنه كتب الدكان باسمه وخطب له بيسه التى كان يريدها أخوه..

وهذا قطعا ليس عدلا صافيا، وكان طبيعيا أن ينشأ الغل والحقد فى نفوس باقى الإخوة.

حنين خالد يوسف لزمن عبدالناصر لم يكن فى موضعه، لأنه ــ حتى مع وجود عبدالناصر ــ كانت أسرة شحاته ستكون على حالها من المعاناة لأنها أغلقت على نفسها الباب وشغلها حالها من الصراع على بيسه وميراث الأب ومن يملك الدكان.

وحتى بلطجية موقف السيارات الذين توغلوا فى المجتمع، هل كان سلوكهم سيتغير من حقبة سياسية دون الأخرى؟ أشك فى ذلك، لأن هذه الفئة موجودة فى المجتمع فى كل حقبة وعلى مر العصور.

وقد كشفها نجيب محفوظ فى أعماله، كان هناك دائما الفتوة الشهم والبلطجى الذى يفرض الإتاوة وكان أيضا هناك أسرة فقيرة تعانى وتكافح من أجل المعيشة ورغم أن أعمال محفوظ تلك كانت ترصد المناخ السياسى، لكنها لم تكن فقط تحمل هذا المناخ سلوك «البطل السلبى» الذى يفرط فى حلمه بكامل إراداته ويقبل بالظلم لدرجة تطيح بحياته مثلما شاهدنا شحاته.

وفى إطار المقارنة التى مر عليها الفيلم ــ إن شئنا القول ــ بين عصر عبدالناصر وعصر مبارك، فلماذا التجاهل لعصر السادات وعدم الالتفات إليه سوى بنشرات أخبار وحوارات صغيرة تشير إلى اغتياله..

لماذا سقط تأثير هذا العصر إذا كان المخرج يريد أن يرصد تأثير الوضع السياسى على سقوط وانهيار سلوك بشر وقيم مجتمع؟، القصة الملحمية التى قدمها خالد يوسف شىء والإشارات والإيحاءات والمشاهد التى رصد فيها أحداثا سياسية شىء آخر، فالقصة الملحمية الخاصة بأسرة دكان شحاته لها حبكتها الدرامية ومليئة بالأحاسيس والمشاعر والمواقف التى تجعل منها صورة سينمائية مبهرة لو كانت استقلت عن لافتات الانتخابات الرئاسية أو تعليق مذيع الأخبار الذى يشير إلى أنه لن تزيد فترة الرئاسة على مدتين، أو حتى الانتخابات الرئاسية أو حتى الإعلان عن وفاة الرئيس السادات..

لأن السيناريو لم يقترب منها بعمق، ولا منحها مبرر وجودها فى حكاية أهل الدكان والعلاقة الجميلة بين شحاته وبيسه.. وهنا أسأل: هل كانت هناك مشاهد تتناول بشىء من التفصيل مبرر وجودها وتراجع المخرج عنها؟

أم هل هناك هواجس وأفكار ورؤى ملحة يريد المخرج أن يسجلها فى شريطه السينمائى، حتى لو كان هذا الشريط يطرح موضوعا بعيدا لمجرد طرحه، وكأنها مانشيتات صحفية دون ذكر تفاصيل الخبر؟. وأخيرا، هل يفاجئنا المخرج بذكر التفاصيل فى شريط سينمائى جديد له؟.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات