الرشوة الأمريكية وحملة الغزل الترامبى - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 11:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرشوة الأمريكية وحملة الغزل الترامبى

نشر فى : السبت 26 أغسطس 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : السبت 26 أغسطس 2017 - 9:55 م

لم يكن قرار واشنطن بتعليق وخفض ما يقرب من 290 مليون دولار من مساعداتها إلى القاهرة مفاجئا، فالمتابع لجلسة الاستماع التى عقدها الكونجرس نهاية إبريل الماضى لخبراء فى شئون الشرق الأوسط كان سيستنتج أن صانع القرار الأمريكى عقد عزمه لاتخاذ تلك الخطوة.

عقدت الجلسة ولم يكن مر على زيارة الرئيس السيسى إلى واشنطن سوى 3 أسابيع، أسمع فيها الرئيس الأمريكى ضيفه ما أراد، أحسن استقباله وبالغ فى مديحه باعتباره صديقا وحليفا، ورد عليه رئيسنا المجاملة معبرا عن «عمق تقديره وإعجابه بشخصية ترامب الفريدة».

انتهى الشو الأمريكى وعاد السيسى إلى القاهرة وتعاملت معظم وسائل الإعلام المصرية مع الزيارة باعتبارها فتحا مبينا، وتسابق مئات الكتاب والسياسيين فى تحليل عوائدها «التاريخية» ووقف بعضهم عند «الكيمياء» المتبادلة بين الرئيسين.

لم ينقطع تهليل غالبية أهل السياسة والصحافة لسيد البيت الأبيض الجديد باعتباره داعما للنظام المصرى، لكن هؤلاء لم ينتبهوا إلى أن السياسة الأمريكية تصنعها مؤسسات مدعومة من جماعات ضغط لها أجندات لا تتغير مع تغير ساكن البيت الأبيض، قد تتبدل أولوياتها وفقا لمصالح أمريكا العليا لكن تبقى الدولة الأمريكية العميقة أقوى من أى رئيس.

ولأن جزءا كبيرا من الإعلام المصرى بات مصدرا للأوهام، ولأن معظم نجومه صاروا جزءا من حملة تضليل ممنهج تمارس على الشعب فى الفترة الاخيرة، فلم يقف منهم أحد أمام ما دار فى جلسة الاستماع التى شهدت انتقادات لاذعة لمصر باعتبارها دولة «مُستبدة ومضطربة ومتراجعة».. أخطر ما جاء فى تلك الجلسة هو ما ذكره إليوت أبرامز، الزميل بمجلس دراسات الشرق الأوسط، عن تدهور دور مصر فى المنطقة.

«إن الشرق الأوسط قد تغير، وإن مصر كانت ــ منذ عقود ــ أكثر الدول العربية نفوذا، وكان موقفها بالغ الأهمية بالنسبة لواشنطن، فالولايات المتحدة كانت إذا أرادت تحقيق شىء، أو حجبه، فى جامعة الدول العربية، فعادة ما كان الأمر لا يستغرق أكثر من محادثة مع الرئيس المصرى»، قال أبرامز، مضيفا «كانت مصر محورية بالنسبة إلى عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. أما اليوم، فليس لمصر دور مهم فيما يتعلق باليمن أو العراق أو سوريا، بل لم يعد لها دور فى الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين».

أبرامز تساءل: ما الذى نريده مقابل المعونة التى نوجهها إلى مصر؟ لماذا نعطى هذه المعونة؟ وقال: إن من الإنصاف أن نقول: إن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى رشوة مصر أو مكافأتها على علاقاتها مع إسرائيل.. فالعلاقات مع تل أبيب تصب فى مصلحة مصر».

دعوة أبرامز لإعادة النظر فى «الرشوة» المقدمة لمصر بعد تراجع دورها فى المنطقة أعقبت شهادة ميشيل دن، مديرة برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجى للسلام، والتى تناولت أحوال مصر منذ وصول الرئيس السيسى إلى السلطة، ووجهت فيها نقدا عنيفا لما وصفته بـ«القمع السياسى والحقوقى غير المسبوق»، وللوضع الاقتصادى بالغ الصعوبة الذى تمر به مصر والذى نتج عن سياسات وقرارات حكومية رفعت مؤشر التعاسة لدى المصريين إلى نحو 50%.

دن تحدثت أيضا عن تمرير قانون «يعوق عمل الجمعيات الأهلية»، وهو ما ذهب إليه توم ماليونسكى، مساعد وزير الخارجية السابق الذى أشار فى شهادته إلى أن الحكومة المصرية والإعلام الموالى لها شنوا حملة ضد منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال حقوق الإنسان والترويج لقيم الديمقراطية بدعوى أن أمريكا ودول غربية تستخدم تلك المنظمات لإضعاف مصر.

بعد هذه الجلسة التى تجاهلها إعلام السلطة توقع مراقبون مراجعة واشنطن لبرنامج المساعدات التى تحصل عليها القاهرة، إلا أن هذه التوقعات تاهت وسط حملة الغزل الشفوى المتبادل بين ترامب والسيسى بعبارات من عينة «فخامة الرئيس، نحن نقدركم ونحترمكم ولكم شخصية متفردة قادرة على فعل المستحيل»، و«أحببت حذاءك، يا رجل».

عقب القرار الأمريكى الأخير، لم يستطع الإعلام استبدال أسطوانة الغزل بأسطوانة «المؤامرة وحروب الجيل الرابع» فأخرج الجهابذة تخريجة لم تعد تصلح حتى على المستوى المحلى ورفعوا شعار «ترامب كويس بس اللى حواليه هما اللى وحشين.. ووزير الخارجية تيلرسون بيقبض من قطر.. والمؤسسات الأمريكية بتورط الراجل الطيب».

التعليقات