أسباب الإسراء - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسباب الإسراء

نشر فى : الخميس 28 فبراير 2019 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 28 فبراير 2019 - 9:25 م

«للإسراء والمعراج» أسباب كثيرة. فالمعجزات الإلهية لا تحدث عشوائيا، ولا يمكن أن تكون محدودة السبب، لأن الأقدار الإلهية عامة تكاد تكون حزمة واحدة مترابطة متكاملة، بل إن وصف الأقدار بأنها حزمة وصف قاصر، لأن الحزمة مجموعة من أفراد ولكن الأقدار الإلهية كلها قدر واحد وقدرة واحدة وإرادة واحدة لإله واحد، لذلك فمعجزة الإسراء لها أسباب كثيرة ونتائج متعددة ولو كره الجاهلون.
فإذا نظرنا إلى موضوع المعجزة «رحلة الإسراء» نرى أطرافا كثيرة، أعلاها وأولها: «القدرة الإلهية»، وبعد ذلك يأتى «المقام النبوى»، ثم تأتى «الدعوة الدينية»، ثم يأتى دور الكون والمسخرات وبعد ذلك دور المعاصرين للمعجزة مؤمنين وغير مؤمنين ثم سائر البشر منذ الحادثة وإلى آخر أيام الدنيا.
ــ1ــ
«والقدرة الإلهية» فى عقيدة المسلم قدرة لا نهائية غير محدودة الزمان والمكان وغير محدودة الكم والكيف، وغير محدودة الأثر قريبا وبعيدا. فالله جل جلاله هو القادر على كل شىء، وهو القدير الذى لا يعجزه شىء، وهو المقتدر على ما يفوق جميع القوى والقدر، سبحانه من إله قادر قدير مقتدر. فتأت رحلة «الإسراء والمعراج» تؤكد القدرة المطلقة والقدرة غير المتناهية، لماذا؟ لأن المشركين فى مكة يحملون للقادر القدير شركاء!!! والعقل السليم يدرك أن المشاركة تحدث بين أطراف لكل واحد منهم قدرة محدودة فيقوى بعضهم بعضا، أما الله جل جلاله فلا حاجة له بالشريك ظاهر أو خفى فها هى الأصنام محشودة حول الكعبة يعبدونها ــ كما يزعمون ــ لتقربهم إلى الله زلفى.. وهل يستطيع الحجر نفع البشر؟ لذلك كان ضروريا لهؤلاء المشركين أن يروا «قدرة الواحد الأحد» قدرة غير متناهية لأنها تطوى الزمن وتلغى المسافة وتقرب الأماكن، ليعلموا أن «التوحيد» هو الحق.
ــ 2 ــ
الأقدار الإلهية تدبر إمداد «الرسول محمد صلى الله عليه وسلم» بطاقات متجددة من الصبر، فها هى الأقدار فسيحة والأرض واسعة سعة تتجاوز مساحة مكة وما حولها وكأن الله جل جلاله يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم لا تعبأ بهؤلاء المشركين، فقد أرسلك للدنيا كلها، وهؤلاء ــ أهل مكة ــ بين سائر البشر كنقطة الماء وسط المحيط، فاصبر ولا يضيق صدرك، فرسالتك ستنتشر ما بين الأرض والسماء.
ــ 3 ــ
وإذا كان المستضعفون حولك من المؤمنين لا يقدرون على منع الكافرين من الإيذاء والتسلط، فإن جنود السموات والأرض لا عد ولا حد لها، كما رأيت جبريل وميكائيل وإسرافيل ومعهم «البراق». لقد اقتربت القدس من مكة، بل اقتربت السماء من الأرض بل ارتفعت أنت بقدرة ربك فوق جميع الأرض والسماء ومخلوقات كثيرة لخدمة البشر، ولكن البشر غافلون عن الخالق الذى سخر لهم كل هذه المخلوقات: أرض للسكن وسماء تظلل وتصنع الضوء والظلام، وذلك يصنع الريح والبرق والرعد والمطر والغيث، غير الزرع والنبات والأنعام.. فهل يحق للعاقل أن ينسى كل هذه الخيرات وينسى خالقها؟!.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات