هل هى عودة للنقاش السياسى الجاد؟ - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 8:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل هى عودة للنقاش السياسى الجاد؟

نشر فى : الإثنين 28 أبريل 2014 - 6:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 أبريل 2014 - 6:10 ص

منذ أيام قليلة، سجلت هنا أن مسئولية الأصوات والمجموعات الباحثة عن الديمقراطية ومصر تقترب من مشهد الانتخابات الرئاسية هى أن تقبل تعددية المواقف/ التقديرات/ الاختيارات داخلها بشأن المشاركة فى الانتخابات أو مقاطعتها، وأن تبتعد تماما عن تسفيه الرأى الآخر (للمقبلين على المشاركة التوجه إلى المقاطعة/ وللمقتنعين بضرورة المقاطعة قرار المشاركة)، وأن تعرض على المساحة العامة فى لحظة يهيمن عليها الضجيج الردىء للصوت الواحد وللموقف الواحد نموذجا راقيا ومتسامحا لإدارة الاختلاف.

واليوم، أسجل إعجابى البالغ بالنقاش الدائر بين الأصوات والمجموعات الباحثة عن الديمقراطية بشأن ثنائية المشاركة ــ المقاطعة فى الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة بين مستخدمى وسائط التواصل الاجتماعى وبين بعض كتاب أعمدة ومقالات الرأى فى الصحافة.

يعرض المقتنعون بالمشاركة فى الانتخابات ودعم ترشح السيد حمدين صباحى موقفهم موظفين الكثير من الحجج الهامة؛ ضرورة الاشتباك الإيجابى مع المشهد الانتخابى لكى لا يترك للقوى التى تريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة إنتاج سلطوية الرئيس الأسبق مبارك، أهمية المشاركة ودعم ترشح السيد صباحى لكى يتمكن من المنافسة الفعلية لمرشح المكون العسكرى ــ الأمنى/ الحكم/ النظام/ الدولة السيد عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع السابق، حتمية المشاركة لكى تكتسب الحركة الديمقراطية فى مصر وزنا انتخابيا (عند فرز الصناديق، عدد المصوتين للسيد صباحى) وتستطيع التعويل عليه فى الحشد/ التعبئة/ التنظيم فى دفع أجندة الحقوق والحريات والتنمية والعدالة الاجتماعية إلى الواجهة بعد الانتخابات، احتياج الحركة الديمقراطية لاكتساب الخبرات المرتبطة بالمشاركة فى الانتخابات لكى تتطور قدراتها على المنافسة ويتنامى دورها المجتمعى والسياسى، ضعف بديل المقاطعة لاستحالة الحراك الثورى اليوم وخطره على الدولة والمجتمع (سيناريو الفوضى) ومن ثم رجحان كفة المشاركة فى الانتخابات وتأييد المرشح الوحيد القريب من الحركة الديمقراطية (السيد صباحى) ومقاربة البناء التدريجى للديمقراطية عبر الاشتباك المتواصل مع المشاهد الانتخابية والسياسية.

أما الأصوات والمجموعات الأقرب إلى المقاطعة (وأنا هنا) فتعرض أيضا العديد من الحجج الهامة ودون تسفيه لموقف وتقدير المشاركين؛ غياب الجدية والتنافسية عن مشهد الانتخابات الرئاسية بسبب هيمنة المكون العسكرى ــ الأمنى/ الحكم على الدولة والمجتمع وحضور مرشح له فى الانتخابات، خطر انحياز مؤسسات وأجهزة الدولة والخدمة العامة للمرشح السيد عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع السابق، انحياز النخب الاقتصادية والمالية والإعلامية له نظرا للتداخل العضوى بين الحكم/ السلطة/ النفوذ وبين الثروة/ المال، سطوة فاشية الصوت الواحد والرأى الواحد على المساحة العامة وعمليات تزييف الوعى المستمرة التى تتعرض لها أغلبية المصريات والمصريين، معضلة المشاركة فى مشهد انتخابى يضفى شرعية على ترتيبات حكم جاءت بعد خروج على الديمقراطية وتورطت فى انتهاكات متتالية للحقوق وللحريات وقضت على فرص المنافسة فى السياسة الرسمية ــ والانتخابات فى موقع القلب من الأخيرة، معضلة المشاركة فى مشهد انتخابى يحدث فى ظل إعادة إنتاج للممارسات القمعية وبعد تمرير نصوص دستورية وقانونية قمعية، معضلة المشاركة فى مشهد انتخابى تحصن أعمال اللجنة القانونية المشرفة عليه وتثار بشأنه الكثير من علامات الاستفهام حول معايير النزاهة، صعوبة تغيير الأوضاع القائمة اليوم عبر المشاركة فى انتخابات رئاسية تغيب عنها الجدية والتنافسية وفى مرحلة تعانى بها الحركة الديمقراطية من ضربات قمعية متتالية ومن هيمنة فاشية الصوت الواحد التى تروج لمقايضة الخبز والأمن بالحرية، رجحان كفة المقاطعة مع توجه الحركة الديمقراطية للعمل الجماهيرى والتنظيمى والاقتراب اليومى من المواطن لإعادة أجندة الحقوق والحريات والتنمية والعدالة الاجتماعية إلى الواجهة وتفكيك مقايضة الخبز والأمن فى مقابل الحرية عبر إقناع الناس بضرورة الجمع بينهم كحقوق لا مساومة عليها، إمكانية العمل الجماهيرى والتنظيمى بعيدا عن المشاركة فى انتخابات معلومة النتائج سلفا وبعيدا عن التورط فى دفع مصر الدولة والمجتمع إلى الفوضى وتوظيف الضغط الاحتجاجى على الحكم بعيدا عن إضفاء الشرعية عليه.

سيتواصل الجدل الراقى بين المشاركين والمقاطعين خلال الأيام القادمة، أملى كبير أن يتواصل أيضا الامتناع عن تسفيه الرأى الآخر وعن التشكيك فى النوايا/ الدوافع/ موضوعية ووجاهة الطرح/ الوطنية، أملى كبير فى أن تؤسس الحركة الديمقراطية بذلك لعودة النقاش السياسى.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات