فى الموقف .. من الإرهاب - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى الموقف .. من الإرهاب

نشر فى : الثلاثاء 28 مايو 2013 - 9:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 مايو 2013 - 9:25 ص

كيف تعاملت الحكومات المتعاقبة مع ملف الإرهاب؟ وكيف كان خطاب السياسين تجاه هذه المسألة؟

 

 حين بدأت إرهاصات تحرك الجماعات المتشددة فى تونس نفت الحكومة صحة الأخبار بصيغة وثوقية واضحة، وحين راجت الأخبار الدالة على وجود معسكرات للتدريب، وعمليات تسلح، ودعوات للجهاد داخل المساجد.. استنكر المسئولون هذه الإشاعات زاعمين أنها ثورة مضادة تستهدف مسار التحول وتريد ضرب السياحة وتشويه صورة تونس. كم خونوا قيادات فى المعارضة وفى النقابات، وكم شككوا فى نوايا من ينشرون هذه الأخبار واتهموهم بأنهم يروجون لثقافة إقصائية لا تعترف بوجود تيارات سلفية «تبشر بثقافة».

 

ولكن تغير الموقف بعد حادثة «غزوة السفارة الأمريكية» فإذا بالشهادات والبراهين والصور تؤكد بما يدع مجالا للشك، صحة وجود جماعات متشددة فى تونس فإذا بالقيادات السياسية تعترف بوجود نشاط لجماعات سلفية ولكنها تعتبر أن المعالجة الأمنية الصارمة خيار غير مطروح باعتبار أن هؤلاء الشبان قابلون لإعادة التشكيل وفق برنامج تأهيلى يرتكز على قيم الوسطية والاعتدال، فلا غرابة والحال هذه أن يستقبل رئيس الدولة المؤقت عددا من قيادات التيار السلفى وأن يحاول استقطاب بعضها: محاضرات فى القصر الرئيسى تحول الدعاة إلى محاضرين، وتحول المثقفين إلى جمهور يستمع ويستفسر ويناقش.. ومحاضرات يشرف عليها بعض الدعاة داخل السجون لتأهيل المساجين وتنوير ألبابهم.

 

وعبثا حاول الرئيس المؤقت إيهامنا بأن حلوله ناجعة وستطوق ظاهرة التطرف وستفتح عبر الحوار مسالك للعيش معا إذ سرعان ما تفاقم نشاط الجماعات الجهادية عبر تجنيد الشبان فى المساجد والمؤسسات التعليمية وغيرها للدفع بهم فى أتون حرب لم يختاروها، وعبر التغرير بالفتيات لأن يكن فى خدمة المقاتلين فى سوريا يقدمن أجسادهن فى «سبيل مرضاة الله».

 

 ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ ظهرت عمليات ومواجهات فى عديد المدن حتى كانت حادثة جبل الشعانبى ثم تمرد أنصار الشريعة على قرار وزير الداخلية ومحاولتهم الدخول فى مواجهة مع «الطاغوت».

 

تفيد تصريحات جميع قيادى الترويكا وغيرهم من المنتمين إلى أحزاب المعارضة حصول إجماع حول المسألة فقد اتفقوا على تسمية الأشياء بمسمياتها بل إن وزراء النهضة صرحوا بانتماء أنصار الشريعة إلى القاعدة، ويمثلون عناصر إرهابية ويجب التعامل معهم بقبضة من حديد.

 

بيد أن موقف وزير الشئون الدينية مثير للعجب فقد استأسد فى سبيل الدفاع عن تحول المساجد إلى فضاءات مفتوحة تناقش فيها السياسة والاقتصاد..  ورأى أن حياد المساجد غير مقبول، واعتبر الأئمة السلفية الذين استحوذوا على المساجد ظاهرة تعالج بالحوار والحكمة، ورحب بالدعاة الوافدين من هنا وهناك لنصرة إخوانهم.. ولكنه اليوم ينظم المؤتمرات بهدف مقاومة الإرهاب.

 

إن تحول هذه المواقف من التنكر والتقليل من خطورة الإرهاب وعدم أخذ العنف مأخذ الجد إلى الاعتراف وتسمية الخصم والتصنيف يشير إلى تبنى الحكومة سياسة جديدة تقوم على مراعاة مصالح حزب النهضة فى سياق بدأت تظهر فيه إكراهات جديدة: مقتضيات العملية الانتخابية المرتقبة فى تونس ومحاولة النهضة الحفاظ على صورة «حزب وسطى ومعتدل يلائم بين الإسلام والديمقراطية»، ومقتضيات المصالح الدولية واشتراطاتها فى وضع أمنى يثير مخاوف الجميع، خصوصا إذا تأملنا فى ما يحصل فى ليبيا والجزائر.

 

كل هذه المواقف الجديدة والمتغيرة من المرونة و«التسامح» إلى الحزم والعزم تجعلنا نتساءل كيف لمن كان طرفا فى انتشار فوضى المساجد، وتعبئة الشارع، وتأليب الناس ضد الفنانين والمثقفين والسياسيين والإعلاميين وذيوع ظاهرة الإفلات من العقاب أن يكون حاملا لرسالة مضمونها إرجاع هيبة الدولة واحترام دولة المؤسسات والقانون؟

التعليقات