اعترافات عمر الشريف - خالد محمود - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اعترافات عمر الشريف

نشر فى : الأربعاء 28 أكتوبر 2009 - 9:59 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 أكتوبر 2009 - 9:59 ص

 تكشف اعترفات عمر الشريف خلال تكريمه بالمركز الكاثوليكى عن شخصية تدرك تماما المرحلة التى تمر بها، وهى مرحلة «الشعور بالحقيقة» بعيدا عن حياة النجومية ببريقها وزيفها، مرحلة يتكثف فيها شريط الحياة بكل ألوانه وما بين رضا وعصيان.

قال عمر الشريف بنبرة متصوفة: إن الفنانين لا يساوون كل هذه الأموال التى يحصلون عليها، وأن هناك الكثير من المصريين يستحقون التقدير والأموال عن أعمالهم مثل اكتشاف دواء جديد لعلاج مرض خطير أو اختراع شىء مفيد للبشرية، وقال إنه لا يستحق أى جائزة عن عمله الفنى موضحا أن الفنان إذا كان له عمل مميز فيكفى حب الجماهير له. إننى أقدر تماما هذا الزهد فى كلمات عمر الشريف وهو وسط مكان ما دام دعا إلى التسامح وإعلاء شأن القيم الإنسانية فى الأعمال السينمائية.. مكان تسيطر فيه روح الأخلاق الحميدة على العبث واللهو والحياة بدون وازع دينى، إن عمر الشريف فنان ذكى يدرك تماما ماهية المخاطب وثقافة الحضور، ولهذا فهو يخاطب على قدر انتماءاتهم، وقد سمعته فى أكثر من مناسبة. نعم كان جريئا فى كل كلماته، لكنه كان يستوحى إلى أى مدى يريد من يسمعه، فإذا كانوا ينتمون مثلا للمذهب الناصرى تحدث برفق وحنين عن العصر الناصرى، وإذا كان الحضور ساداتيا يشير إلى دهاء السادات، والعكس صحيح.

لقد احترت فى عمر الشريف، فهل اعترافاته الأخيرة هذه هو إعلان عصيان حقيقى وتوبة عن خطايا رحلته التى عاشها طولا وعرضا، وإذا كان ذلك حقيقة فهل له الحق فى أن يقلل من قيمة الفن والفنانين. من شأن تكريمهم وتحفيزهم على ما قدموه ويقدمونه من أعمال جادة.

نعم هناك حالة من العبث تسود الساحة الفنية فرضتها السوق، وعلت الساحة أعمال وأسماء أخذت ما لا تستحق، لكن هذا لا يمحو أن هناك أعمالا وأسماء وجب لها التقدير أمتعت الجمهور وخدمت إنسانيته.

إن عمر الشريف عاش حياة صاخبة مرصعة بالنجومية والأضواء ولكنه ــ ومن واقع تصريحاته ــ لم يستطع أن ينجو بنفسه من سلبياتها ونارها لدرجة جعلته يرى أن المشوار لم يساوِ، وأنه قطعا نادم على سنوات عديدة منه وعلى تنازلات كسب منها الكثير، وأنه ربما يبوح بهذه المشاعر على الملأ بحكم الزمن، وأن الحال لم يعد كما كان عليه فى سنوات الشباب والانطلاق وربما ألبسته الدنيا رداء الحكمة ليبدو وكأن رحلته لم تستحق كل هذا البريق والجوائز والتكريمات.

بالمناسبة عمر الشريف هو الرئيس الشرفى لمهرجان القاهرة السينمائى، لماذا لا يحاول ــ وهو فى حالة الصفاء النفسى هذه ــ أن يأخذ بيد المهرجان ويقف إلى جواره بخبرته وعلاقاته وأن يدعو سينمائيى العالم من أصدقائه إلى الحضور والمشاركة بأعمالهم بدلا من الاكتفاء بالمشاهدة والمشاركة فى حفلاته الساهرة أم أنه تملكه شعور بالتوبة عن المهرجان وأنه أيضا محطة يسقطها من حساباته ولقب الرئيس الشرفى أصبح لا يعنى له شيئا، وأعتقد أن المساهمة فى إحياء مهرجان القاهرة السينمائى الآن هو من فعل الخير، وعلى عمر الشريف فى رحلة الزهد ــ هذه ــ أن يدرك أن أبواب العطاء مازالت مفتوحة.. ويرحمنا ويرحمك الله.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات