قضايا تركية شائكة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قضايا تركية شائكة

نشر فى : الأحد 29 مايو 2016 - 10:25 م | آخر تحديث : الأحد 29 مايو 2016 - 10:25 م
نشر The German Marshall Fund مقالا للكاتب «إيان ليسّر»، والذى يدور حول الأزمات التى تعانى منها تركيا فى الآونة الأخيرة على صُعُدٍ مختلفة؛ سواء فيما يتعلق بالمهاجرين أو الإرهاب أو العلاقة مع الاتحاد الأوروبى ودول الجوار، وغيرها من القضايا محل الجدل داخل الأوساط التركية والكيفية التى تتعامل بها تركيا مع مثل هذه الملفات.

نظام سياسى أكثر انغلاقا:
يبدأ «ليسّر» الحديث عن أولى القضايا التركية محل الجدل فيذكر أنه بعد أكثر من عشر سنوات للرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى السلطة تظهر بشكل كبير توجهاته فيما يتعلق بأى قرارات سياسية تتخذها الدولة؛ فينظر العديد إلى استقالة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو «القسرية» على أنها الخطوة الأكثر دراماتيكية تجاه تحول تركيا نحو نظام رئاسى سواء بحكم الأمر الواقع أو القانون. ويظهر المشهد التركى المعاصر بسمات عديدة: كالقيود على حرية الصحافة والتعبير، تراجع الثقة فى القانون وأحكامه، عدم التسامح مع من يعارض النظام، فشخصية الرئيس تؤثر بشكل كبير على السياسات التى يقوم باتخاذها. ويعد ذلك تراجعا ملحوظا عن النهج السابق الذى تميز بالانفتاح واتبعته تركيا خلال السنوات الماضية من خلال حكومة حزب العدالة والتنمية وكسب عن طريقه أردوغان وحزبه الكثير من المؤيدين والمناصرين لذلك النهج فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

أما فى السياسة الخارجية فيعرض الكاتب توجه الرئيس ومستشاريه إلى تفضيل التقارب مع المسلمين ويقابل ذلك التعامل مع السياسات الصادرة عن بروكسل والولايات المتحدة بشىء من الريبة والحذر. ويرجع ذلك إلى عدم الثقة فى الغرب وذلك الشعور ليس فقط لدى النخبة أو الرئيس ولكن يتسم به أغلب الفاعلين السياسين وجميع أعضاء حزب العدالة والتنمية. ولكن ذلك يدل على تدهور كبير فى البيئة الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية لتركيا. فى ظل هذه الظروف يتعامل الرئيس التركى بشىء من التسييس والتشخيص فى بعض النزاعات الدولية التى يتدخل فيها مثلما يفعل تجاه الرئيس السورى بشار الأسد والرئيس الروسى فلاديمير بوتين وما ينتج عن ذلك من مخاطر تؤدى إلى تحول السياسة الخارجية التركية إلى سلسلة من عمليات الثأر التى يصعب التنبؤ بها.

ويذكر الكاتب هنا ما تحمله خطابات الرئيس التركى «أردوغان» من الحدة والعنف تجاه صانعى ومتخذى السياسات الأوروبية والأمريكية، مما يُشعر الكثيرين منهم بالقلق وعدم الارتياح تجاه تركيا وما يمكن أن تُثمر عنه هذه العقلية المنغلقة من ردود فعل تهدد مصالحها. ويؤكد ذلك ما حدث خلال انعقاد قمة الأمن النووى الرابعة بواشنطن عندما اعتدى رجال الأمن الأتراك على متظاهرين مناهضين لأردوغان، وما نتج عن ذلك من تشويه لصورة «أردوغان» داخل الأوساط الأمريكية. ويرى الكاتب أن تركيا فى غنى الآن عن كل ذلك خاصة وهى فى أشد الحاجة للمساندة من جميع الأطراف الدولية لمواجهة الفوضى والصراعات التى تجرى بالدول المجاورة لها أو التى تستطيع أن تجد منفذا لها بمعقلها.

***
الإرهاب يطل من جديد:
يشير «ليسّر» هنا إلى أن الإرهاب ليس غريبا على تركيا؛ ففى الستينيات واجهت تركيا خطر الإرهاب من أطراف عديدة شملت الإسلاميين المتطرفين وحزب العمل الكردستانى والحركات المتطرفة من الاتجاهات اليمينية واليسارية، وفى أحيان عديدة كانت الهجمات الإرهابية تهز أمن وهيبة الدولة بطرق كثيرة، مما دفع إلى العديد من الانقلابات والمؤامرات، سواء من قبل الحلفاء أو الخصوم. وهذه الأيام شهدت عودة الإرهاب وعدم الاستقرار مرة أخرى إلى مركز الصدارة للأوساط التركية خاصة بعد عدة أحداث إرهابية شهدتها البلاد كانت أشد فتكا من تلك الهجمات التى حدثت فى باريس وبروكسل. الآن لم تعد تركيا فى مأمن عن هجمات تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أو أى هجمات من أى جماعات أخرى متطرفة. ويخشى الخبراء الأتراك والأجانب من أن تؤدى الصراعات بسوريا والعراق إلى تدفق الأطراف المتطرفة إلى تركيا أو أن يتدفقون من خلالها إلى تلك الدول، وقد أدت هذه المخاوف إلى قيام أجهزة الاستخبارات والأمن التركية إلى محاولة التصدى لهذه الهجمات وهؤلاء المتطرفين وتأمين حدوها.

الفوضى المحتملة:

يؤكد «ليسّر» أن الفوضى التى تشهدها كل من سوريا والعراق بمشاركة روسيا وإيران ودول الخليج ــ سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء ــ قد أدت بشكل كبير إلى تغير تصورات تركيا عن الشرق الأوسط والتى وضعتها منذ فترة طويلة، ففى السابق كان يتم التعامل مع هذه المنطقة كمصدر للخطر والإرهاب أما فى الوقت الحاضر يتم التعامل مع أزمات الشرق الأوسط كفرصة لتحقيق مكاسب تجارية ودبلوماسية وهذا ما تفعله تركيا فى السياسة التى تنتهجها تجاهه. ويعود استخدام ذلك النهج لارتباطه بمصالح الطبقة السياسية وخاصة أعضاء حزب العدالة والتنمية والذين كانوا أكثر حماسا للعلاقات مع العالم الإسلامى أكثر من الغرب. وفى هذا السياق تحاول تركيا إعادة تشكيل البيئة السياسية فى العالم العربى من خلال دعم جماعة الإخوان المسلمين والعديد من الفصائل الإسلامية المسلحة عبر الحدود مع سوريا، ونتيجة لذلك كله تواجه تركيا احتمالات عديدة للفوضى على حدودها، فضلا عن العلاقات المضطربة مع مصر وإيران.

المساومة الهشة مع أوروبا:
يشير «ليسّر» إلى ضرورة أن يكون الاتفاق التركى مع الاتحاد الأوروبى بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا مثمرا لكلا الطرفين. مع وجود ما يقرب من 3 ملايين لاجئ سورى بالأراضى التركية تحاول تركيا السير على نهج بروكسل فى وضع قيود على المهاجرين الذين يتدفقون إليها. ويعرض الاتفاق مع الاتحاد الأوروبى عددا من القضايا التى لم تحل والمتعلقة بالهجرة ومراقبة الحدود. ويرى الأتراك أن أوروبا بحاجة إلى تركيا أكثر من حاجة تركيا إلى أوروبا ولا تزال فكرة انضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبى تراودهم. ولكن ذلك الطموح قد لا يتحقق؛ خصوصا بعد رفض تركيا تعديل قوانين الإرهاب لديها ورغبة «أردوغان» فى عدم تضييق مفهوم الإرهاب فى بلاده، مما سيؤدى بالتبعية إلى رفض طلب أردوغان بإعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى منطقة شنغن؛ فالبرلمان الأوروبى لن يناقش مقترح إعفاء مواطنى تركيا من الحصول على تأشيرات دخول دول الاتحاد الأوروبى إلا بعد أن تُعدِّل أنقرة قوانين الإرهاب، ومن ثم يمهد بانهيار الاتفاق الأوروبى التركى!
***

عدم استقرار العلاقات التركية الأمريكية:
يعرض الكاتب آخر القضايا التركية محل الجدال والمتعلقة بالعلاقات الأمريكية التركية؛ فيرى أنه ليس من السهل إدارة هذه العلاقات، كما هو الحال مع الاتحاد الأوروبى وخصوصا مع انجراف تركيا إلى نظام أشبه بالسلطوى. الجدير بالذكر هنا أن المخاوف الأمنية فى تركيا وتراجع الثقة فى سيادة القانون سوف يؤثران سلبا على التجارة والاستثمار والسياحة فى العلاقات مع الولايات المتحدة. ولكن على الأرجح أن الجانبين سيقدران الأهمية الاستراتيجية لهذه العلاقة الثنائية ــ التركية الأمريكية ــ وسيعملون على التركيز على المشروعات المشتركة والموضوعات محل الاتفاق أكثر من التطرق للموضوعات محل الجدال. وعلى هذا تُفكر تركيا كثيرا بالآثار المترتبة على فوز دونالد ترامب أو هيلارى كلينتون؛ ففوز ترامب سيؤدى لمزيد من الالتزامات الأمنية للولايات المتحدة وبروز لدورها الإقليمى وقد يسعى ترامب إلى تسوية مع موسكو فى المجالات الهامة لتركيا. أما إدارة كلينتون فمن المتوقع أن تكون أكثر تقليدية وأقل شدة تجاه المسألة السورية التى ترى بضرورة حقهم فى حدوث تحول ديمقراطى، وكما الحال مع إدارة أوباما بالطبع لن تأتى كل السياسات متوافقة مع المصالح التركية.

إيان ليسّر
التعليقات