التغير المناخى فى العالم وتأثيره على مصر - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التغير المناخى فى العالم وتأثيره على مصر

نشر فى : الأحد 29 أغسطس 2021 - 7:25 م | آخر تحديث : الأحد 29 أغسطس 2021 - 7:25 م

يتجه العالم إلى التحرك لدرء المخاطر التى سوف يسببها التغير المناخى، فالعالم كله يهتم بذلك وما حدث هذا الصيف يعد مؤشرا خطيرا. فأوروبا واجهت عدة فيضانات نتيجة سقوط الأمطار بغزارة فى حدث غير مسبوق، وراح ضحية هذه الفيضانات أكثر من 200 شخص. هل يصدق أحد أن درجة الحرارة فى بعض البلدان الأوروبية مثل إيطاليا بلغت 48 درجة مئوية! ولذلك بادرت الأمم المتحدة والدول الأوروبية بعمل دراسات كثيرة فى مؤتمرات عدة ودعم الدول التى تأثرت بسبب تغير المناخ.

حاولت مصر العمل مع المؤسسات الدولية، ولكننا لا نرى أثر ذلك العمل على أرض الواقع. فلا نعرف مستقبل المناخ فى مصر بالإضافة إلى أن الجهود التى تبذل ضعيفة وبطيئة. وفى مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «سى أو بى 26»، والذى شاركت فيه مصر، أثبتت بعض الدراسات أن فيروس كورونا ظهر نتيجة لتغير المناخ، وأن هناك رابطا بين الصحة وتغير المناخ.
تحاول مصر جاهدة التقليل من الانبعاثات المضرة من المركبات من خلال تحويلها إلى استخدام الطاقة النظيفة (غاز أو كهرباء)، والعمل على استضافة تكنولوجيا جديدة لإدارة المخلفات الصلبة وتحويلها إلى طاقة. ورغم هذا، إلا أننا لم نر وزارة البيئة تعمل بجد على هذه القضايا، بل الأخطر من ذلك هو ما يحدث من عمليات تقطيع الأشجار بكثافة وبجرأة غير مسبوقة ولا تحرك وزارة البيئة ساكنا فى منع هذا التخريب! برغم أن العلم يقول أن هذه الأشجار تنقى الهواء بشكل كبير.
•••
هنا يجب الحديث عن تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية، وخاصة فى ظل أزمة سد النهضة. يجب أن تتكاتف كل المراكز العلمية فى مصر للحفاظ على المياه التى تأتى من الهضبة الإثيوبية، وألا نكتفى برأى واحد، أو الاكتفاء برأى وزارة الرى فقط أو رأى أى مجتهد ليس له دراية بهذا الأمر، بل يجب أن تدلى كل الجهات العلمية برأيها فى الحفاظ على مياه نهر النيل التى تأتى من الهضبة الإثيوبية. فنهر النيل يمد مصر بنحو 97% من الاحتياجات المائية، ومنذ التسعينيات ومصر تعانى من فجوة مائية تقدر بعشرين مليار متر مكعب فى الوقت الذى ارتفعت فيه احتياجات مصر من المياه بنسبة 20%، وذلك نتيجة للاستخدام السيئ للموارد المائية وسوء الإدارة، وكذلك النحر على السواحل الذى يزداد بشكل واضح.

ومن الأمور الخطيرة التى يجب أن نعالجها بسرعة نتيجة لارتفاع منسوب سطح البحر بالسواحل الشمالية لمصر هى زيادة درجة ملوحة المياه الجوفية بعمق 7 كيلومترات. وكذلك يضر التغير المناخى بالشعاب المرجانية بالبحر الأحمر بسبب ارتفاع درجة الحرارة ومعدل حموضة مياه البحر. ومبدئيا انخفضت الشعب المرجانية بنسبة 50 بالمائة إلى جانب أنها فقدت لونها الأرجوانى الجميل بازدياد ابيضاض الشعب المرجانية، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة ما يوفر المناخ المناسب لتكاثر الحشرات الناقلة للأمراض.
والأخطر فى هذا كله أن ارتفاع مستوى سطح البحر متر واحد سيؤدى إلى غرق 970 كيلومترا مربع من أراضى الدلتا طبقا لتوقعات خبراء البنك الدولى، فهل من مغيث؟!
وكذلك ارتفاع درجات الحرارة سيزيد الطلب على استخدام مكيفات الهواء، ما سيؤثر على الطاقة الكهربائية!
وتأثير المناخ على الاقتصاد شديد الخطورة، فإن التغير المناخى على الزراعة سيؤدى إلى خسائر تقدر بعشرين مليار جنيه مصرى فى 2030 إلى 122 مليار فى 2060 إلى جانب الخسائر المالية الناتجة عن المنشآت والطرق المعرضة للغرق، هذه بيانات وتقارير خبراء البنك الدولى.
•••
هل الحكومة، مع احترامى لكل القائمين عليها، مهتمة بهذا الأمر؟ هناك جهود حثيثة، على سبيل المثال طلب الدولة من كل القرى السياحية فى الساحل الشمالى أن تقوم بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر، وهذا أحد الحلول. ولكن للأسف، وعلى سبيل المثال، فى مدينة طنطا يصر المحافظ على تبوير مساحة كبيرة من الأرض الزراعية التى نحاول زيادة مساحتها من أجل بناء مدينة طنطا الحديثة.. هذه تعد جريمة فى مستقبل الأطفال والشعب المصرى، وللعلم هذه المنطقة من أخصب المناطق الزراعية فى محافظة الغربية، ولا يرى المحافظ أن هناك نقصا فى مساحة الأراضى العالية الخصوبة نتيجة للزحف العمرانى على الأراضى الزراعية بالوادى والدلتا.

مصر تجاهد فى سبيل إدخال تحسينات كبيرة فى تشغيل وإدارة نظم الرى القائمة، وتعمل على تطوير نظام الرى لتحقيق الكفاية والمساواة فى توزيع المياه ووصول المياه إلى الحقول فى الوقت المناسب وبالكمية المناسبة وهو ما سيؤدى بدوره إلى زيادة المحصول بنسب تتراوح ما بين 15% و30% وتمنع استخدام مياه الرى بشكل عشوائى، وهذا يتطلب وعيا كبيرا وتوجيهات مستمرة للفلاحين لمعرفة كيفية تدبير احتياجاتهم من مياه الرى. ولكن هذا لم يفعل بشكل جيد ومازال الفلاحون يروون أراضيهم بشكل عشوائى، ولا توجد رقابة عليهم ولا توعية للاستخدام الأمثل لمياه الرى.

ويجب أن ننتبه قليلا إلى أن أكثر الأماكن المصرية عرضة لتغير المناخ هى المناطق الساحلية، لأن هذا سوف يؤدى إلى غرق نحو نصف مليون فدان من الأراضى المنتجة للمحاصيل. لذلك وجب علينا الاستعداد لهذه الظروف القاسية والاستفادة من كل قطرة مياه، فتشير البيانات أنه بحلول عام 2025، ستعانى 90 دولة على الأقل من نقص خطير فى موارد المياه العذبة.
الدكتورة زينب الديب لديها تجربة محترمة يجب أن تراعى، حيث قامت باستنبات بذرة لزراعة القمح تزيد من إنتاجية محصول القمح بشكل كبير، فهل نستخدم هذه التقنية الجديدة؟ وهل سوف نقضى على مافيا شراء القمح فى هذه الظروف الصعبة؟ وفى، لا قدر الله، ندرة مياه الرى!

هل نستطيع فى هذه الظروف أن نقضى على فساد الأسمدة التى يعانى منها زارعو المانجو فى الإسماعيلية الذين يشتكون أن ما حدث فى موسم المانجو هذا العام كبدهم خسائر فادحة بسبب فساد الأسمدة؟ هل كل هذه القضايا لا تتطلب حوارا مجتمعيا مع كل العلماء المصريين بانتماءاتهم المختلفة؟ أرجو أن نعمل بشكل جماعى حتى تصل مصر إلى دولة متقدمة.. دولة ديمقراطية مدنية حديثة.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات