زلزال 26 مايو 2014 - حسام السكرى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

زلزال 26 مايو 2014

نشر فى : الأحد 31 مايو 2015 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2015 - 8:55 ص

فى مثل هذا الوقت من العام الماضى خرجت حياة الدرديرى مذيعة قناة الفراعين على الهواء قائلة:

«السادة الإعلاميين اللى شغالين على القنوات يقولوا العرس الديمقراطى.. عرس ديمقراطى إيه اتوكسو؟ الناس فين؟ انتو فرحانين بالكام واحد اللى واقفين قدام اللجان بيرقصوا؟ فين الناس؟ فين الشعب؟»

فعلتها حياة، ولخصت الموقف بطرح السؤال الأهم الذى لم يجب عنه أحد حتى الآن.

كان هذا فى مساء أول أيام الانتخابات الرئاسية. انتهى اليوم بصدمة لكل الإعلاميين الذين شاركوا فى الحشد المنهجى والمستمر للناخبين على جميع القنوات بدون استثناء طوال الأيام التى سبقت الاقتراع. كانت المفاجاة إقبالا هزيلا فى أول يوم، تبعه أداء إعلامى هستيرى:

عمرو أديب: أنا مستعد أقطع شرايينى على الهوا علشان الناس تنزل.

توفيق عكاشة: دى كارثة.. بوادر هزيمة مصر يكتبها أبناء مصر المتخاذلون.

متصلة لأحمد موسى: أنا تعبانة يا أستاذ أحمد.. تعبانة.. الناس راحوا فين؟ (تبكى).

مصطفى بكرى: أى حد ما نزلش الانتخابات بيدى قبلة الحياة للإرهابيين.. اللى ما يطلعش خاين.

أسامة منير: السؤال الأهم: فين شبابك يا مصر.. منتظرين إيه؟ لو عندك معاد مع صاحبتك هتخش تستحمى وتحط الجِل.

لم يذهب الشباب أو يضع الجل، ولم يتمكن أحد وقتها من الإجابة عن سؤال حياة: فين الشعب؟
كان اليوم زلزالا بكل المقاييس ولكن أحدا لم يتوقف أمامه طويلا.. تم مد الاقتراع وتحول إلى إجازة رسمية لتشجيع المشاركة، وبالتوازى مع حملة إعادة الحشد بالتخويف والترهيب، دعى الناخبون للخروج، باستخدام مكبرات الصوت من سيارات متجولة، ومن رجال الدين فى المساجد والكنائس. انتشرت شائعات تشى بتوقيع غرامات كبيرة للمتقاعسين، وتم الترويج لـ«تسريبات» عن أقوال لمرشد الإخوان ولمحمد مرسى، تؤكد أنهم شامتون ويجهزون للعودة إلى الحكم.

اتفق الجميع على ضرورة تجاوز الأزمة بمزيد من الحشد.. وبين عشية وضحاها صار الإقبال تاريخيا.. أما استمرار الهدوء وغياب الزحام فى اللجان، فقد فسر بأنه نتيجة لتحسن طرأ على إدارة العملية الانتخابية.

هذا الأيام التى حلت ذكراها الأولى، أصابت الجميع وقتها بالارتباك لأن الشعب المصرى فعل الشيئين فى الوقت ذاته. نزل بالملايين لتأييد المشير السيسى، وللرقص بحماس فى الشوارع والميادين وأمام اللجان، فيما بدا تأثرا بحملة التوجيه الإعلامى. وفى الوقت ذاته أحجم بوضوح عن المشاركة فى العملية الانتخابية، فى تجاهل تام لصراخ مذيعى الفضائيات وتوجيهاتهم.

دلالات ما حدث كثيرة وضرورة فهمها تتزايد يوما بعد يوم. ومن أهمها الدرس الذى وجهه الشعب لإعلام تصور أن الجماهير رهن مشيئته. يحركهم ويوجههم كيفما أراد. وهو الوهم الذى سبق أن تبناه مهندس إعلام مبارك، السيد صفوت الشريف، حتى أتت ثورة 25 يناير لتثبت هزال الفكرة ولتسقط إعلامه ونظامه.

أغلب منابرنا الإعلامية لاتزال مصرة على تجاهل واجبها فى طرح مشاكل الاقتصاد وتحديات التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وقضايا التعددية الدينية والثقافية، وتفضل بدلا من ذلك أن تكرس جهودها للحشد والتوجيه المعنوى بخطاب ساذج يتملق السلطة، ويؤله الرئيس، ويوحد ذاته مع الوطن، ويصور من يعارضونه باعتبارهم أعداءه، ويخير المطحونين بين الكف عن الشكوى أو البحث عن بلد آخر يؤويهم. ولن يطول الأمر قبل أن يثبت الناس مرة أخرى أنهم لم يعودوا «يسمعون الكلام».

التعليقات