القراءة في زمن الكورونا - محمد الهوارى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القراءة في زمن الكورونا

نشر فى : الجمعة 31 ديسمبر 2021 - 10:20 م | آخر تحديث : الجمعة 31 ديسمبر 2021 - 10:20 م

وباء الكورونا له العديد من السلبيات على كل مناحى حياتنا، ولكنه كأى محنة، قد يكون له إيجابيات قليلة فى حياة كل منا. من ضمن تلك الإيجابيات القليلة بالنسبة لى كانت عودتى للانتظام فى القراءة بعد شهور طويلة من عدم الانتظام. فمع بداية انتقالى إلى عملى الجديد الذى تزامن مع بداية الوباء فى عام ٢٠٢٠ وجدت نفسى أكثر انشغالا من المعتاد. بالإضافة لهذا الانشغال، الذى أتى مع مهمة جديدة ذات مسئوليات أكبر، فكنت أخصص كثيرا من وقتى لقراءة أبحاث السوق، وبسبب صعوبة المرحلة وقلة السوابق فكان ذلك يستهلك نحو ثلاثة أضعاف الوقت الذى كنت أخصصه لهذا النوع من القراءة قبل الوباء. وبالتالى فى النصف الأول من ٢٠٢٠، أصبح الوقت المتاح للقراءة فى مجالات فى غير مجال الاقتصاد وسوق المال أقل بكثير من ذى قبل واعتدت أن أعزى نفسى قائلا: «إننى أقضى معظم يومى فى القراءة على أية حال، فلا يعقل أن أقضى وقت فراغى القليل جدا فى القراءة أيضا»!

تحدثت فى مقال سابق عن تقديس السويسريين لساعة الغذاء وكيف أننى بعد شهور فى العيش هناك تأقلمت على هذه الفكرة ووجدتها صحية ومفيدة. أحيانا أخرج للغداء مع زميل أو صديق ولكننى غالبا أتناول الغداء وحدى فى المطعم أو فى مكتبى. لذلك قررت قضاء معظم راحة الغداء فى القراءة ووجدتها وسيلة ممتازة لإراحة عقلى من زحام الأرقام والأحداث فى النصف الأول من اليوم. وبينما بعض هذه القراءات تقع فى صميم تخصصى، وجدت نفسى ميالا أكثر فى هذه المرحلة لقراءة الروايات. فالرواية الجيدة لها قدرة أن تأخذ عقلك فى رحلة بعيدة عن أحداث اليوم، وبالتالى فهى تخلق حالة من الهدوء النفسى ويكاد يكون تأثيرها مماثلا لتمارين التأمل.
أظن أننى منذ استئناف هواية القراءة المحببة لى فى النصف الثانى من عام ٢٠٢٠ وحتى آخر عام ٢٠٢١، ربما أكون قد قرأت ما يزيد عن عشرين ألف صفحة. مسلحا بجهاز القارئ الاكترونى، قرار الشراء وتحميل الكتاب يحتاج لثوان معدودة. بل ويمكننى أيضا تحميل جزء من الكتاب بدون مقابل حتى أقرر إذا كنت أريد استكمال الكتاب أو الانتقال لكتاب آخر. آخر كتاب ورقى اشتريته كان منذ ثلاث سنوات، ولم أتمكن من استكماله إلا بعد أن اشتريته فى شكل كتاب إلكترونى. بينما مازلت أتذكر سعادتى بفكرة حمل الكتاب الورقى فى يدى وتصفحه واشتمام رائحة الورق فسهولة الوصول للكتاب الاكترونى والعدد الكبير المتاح منه بكل اللغات وفى كل المجالات، وكذلك سهولة تغيير إعدادات القراءة وحجم الخط يضفى على تجربة القراءة المزيد من المتعة لدرجة أننى لا أتخيل قراءة كتاب ورقى آخر فى المستقبل.
أما عن أفضل قراءاتى فى هذه الفترة فتنقسم إلى نوعين، نوع فى صميم عملى ونوع آخر فى الثقافة العامة. فإذا استبعدنا الكتب العلمية عن الاستثمار والاقتصاد فهى فى معظمها للمتخصصين وقد يصعب فهمها لغير المتخصص، فهذه هى كتبى المفضلة التى استمتعت بها خلال الفترة الأخيرة:
«ذكريات مضارب فى الأسهم» Reminiscences of a Stock Operator من تأليف إيدوين لوفيفر وهى رواية عن قصة حياة جيسى ليفيرمور، وهو أحد أشهر مضاربى الأسهم فى التاريخ، ورغم أن أحداث الرواية تقع منذ نحو مائة عام فأغلب الدروس التى فيها مازالت لها وقع اليوم. هو بالتأكيد أحد كلاسيكيات كتب الاستثمار التى قد يستمتع بها غير المتخصص.
سلسلة كتب «روزى» The Rosie Project للكاتب الاسترالى جرامى سيمسون. كنت قد قرأت الكتاب الأول فى هذه السلسلة منذ سنوات بعد أن قام بيل جيتس بترشيحها ضمن ترشيحاته السنوية للكتب ونجحت أخيرا من استكمال قراءة باقى السلسلة. الكتب تتمحور حول شخصية دكتور جامعى على طيف التوحد يقع فى حب فتاة أثناء عمله فى الولايات المتحدة ومن خلال سلسلة من المفارقات الطريفة والحزينة يأخذنا الكتاب فى جولة فى حياة وعقل الأشخاص الذين يعيشون ويتعايشون مع التوحد وكذلك تفاعلهم مع من حولهم.
شبكة العنكبوت The Spider Network من تأليف ديفيد إينريش الذى يأخذنا داخل أحداث حقيقية فى قضية التلاعب فى أسعار الليبور وهو أهم سعر عالمى للفائدة يتحدد على ضوئه الكثير من عناصر الاقتصاد العالمى. هو كتاب شيق للمتخصص وغير المتخصص على حد سواء.
مجموعة روايات جون جريشام لدراما المحاكمات. هذا المؤلف العالمى المشهور غنى عن التعريف بالطبع حيث إن العديد من تلك الروايات تحول إلى أفلام مثل «الشركة» The Firm و«صانع المطر» The Rainmaker ورائعته «وقت للقتل» A time to Kill والتى قام الممثل ماثيو ماكوناهى الحائز على جائزة الأوسكار فيه بدور المحامى. وتتميز هذه السلسلة بأنها قراءات خفيفة ومسلية وشيقة تجعل القارئ دائما متحينا فرصة استكمال القصة. تماثل هذه المجموعة، مجموعة روايات أخرى وهى مجموعة «ميكى هيلر» للكاتب الأمريكى مايكل كونلى. وهيلر هو الشخصية التى جسدها أيضا ماثيو ماكوناهى فى فيلم «محامى اللينكولن» The Lincoln Lawyer.
«مدرسة الموهوبين» The Gifted School لبروس هولزينجر وهى رواية عن هوس الأهالى بالحصول على الأفضل لأبنائهم بأى ثمن حتى لو كان على حساب الصداقة أو النزاهة. الرواية تدعو الآباء لمراجعة الذات والأولويات لبناء جيل صحى.
«الدائرة» The Circle للمؤلف ديف ايجرز وهى رواية تتحدث عن شركة تملك مواقع للتواصل الاجتماعى تتوحش فى استخدام قوتها وتأثيرها على المجتمع. فى هذه المرحلة التى نرى فيها تحول شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعى للحديث عن الميتافيرس أو التواجد الخيالى فهذه الرواية التى تم نشرها منذ سنوات بمثابة جرس انذار للمرحلة القادمة من توحش شركات التكنولوجيا وخطورة تأثيرها على المجتمع.
«مساحة الرأس» Headspace للكاتب أندى بوديكومب وهو كتاب يتحدث عن رحلة الكاتب لتعلم فن التأمل والتركيز Meditation and Mindfulness وهى الممارسة التى يتحدث العديد من كبار رجال الأعمال فى الولايات المتحدة عن أهميتها فى حياتهم. الكتاب بالنسبة لى بداية لرحلة تعلم فن التأمل وتأثيره الإيجابى.
مجموعة روايات «كينجزبريدج» للكاتب كين فولت. منذ سنوات كنت قرأت أول كتاب فى السلسلة وهو عواميد الأرض Pillars of the Earth بعد إحدى توصيات كتاب الشهر من أوبرا وينفرى. فى العام الماضى أنهيت قراءة المجموعة القصصية بالكامل. رغم أن الروايات الأخرى لفولت روايات جيدة ولكنه يبدو وكأنه تحول إلى روائى عبقرى مع هذه السلسلة والتى يحتوى كل كتاب منها على اكثر من ألف صفحة. تجرى أحداث الكتب فى قرون متفرقة من القرن العاشر وحتى الرابع عشر ولكن حنكة الكاتب وقدرته على رسم الشخصيات والسرد تجعل القارئ يعيش الأحداث كأنه يحيا فى تلك الأزمنة.

محمد الهوارى مدير صناديق استثمار دولية
التعليقات