#كيف_أضحت! (20).. الأخدود.. محرقة المؤمنين الذين رفضوا الارتداد عن المسيحية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:49 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

#كيف_أضحت! (20).. الأخدود.. محرقة المؤمنين الذين رفضوا الارتداد عن المسيحية

منال الوراقي:
نشر في: الأحد 2 مايو 2021 - 5:29 م | آخر تحديث: الأحد 2 مايو 2021 - 5:29 م

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق"، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسة "كيف أضحت!"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.
…..

ذكر القرآن الكريم في آياته قصة أصحاب الأخدود، وهي القصة الشهيرة التي وقعت أحداثها قبل مجيء الإسلام، لتضرب مثلا في الإيمان الشديد والثبات على الحق، فذكرها الله تعالى في سورة البروج، في قوله: "قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ".

فبالرغم من الخطر الداهم الذي أحاط أهالي المدينة، إلا أن القصة التي ذكرت في القرآن الكريم رصدت ثبات المؤمنين من أهل نجران على موقفهم ورفضهم الرضوخ لرغبة الحاكم الظالم محتسبين الأجر والشهادة من ربهم.

فمدينة الأخدود، التي تقع جنوب منطقة نجران في المملكة العربيّة السعوديّة، وكانت تسمّى سابقا بـ رقمات، قد شهدت واحدة من أوائل المحارق في التاريخ، في القرن السادس الميلادي، على يد ملك اليمن، زرعة بن تبان اسعد أبو كرب، المعروف بالملك ذو نواس، والذي كان آخر ملوك مملكة حمير، التي عرفت أيضا بمملكة سبأ.

إذ يحكي القرآن الكريم عن فترة حكم الملك الظالم في بلاد اليمن، والحادثة التي وقعت في عهده ودفعت أهل نجران جميعا للإيمان بالمسيحيّة، وهذه القصة تتحدث عن غلام خصه الله تعالى واصطفاه من بين الناس، فكان يبرىء الأكمه والأبرص والمريض بفضل الله، فدخل رجل عولج على يد الغلام على الملك الظالم ذي نواس، وعندما رأى الملك أنه شفي من مرضه، قال له من شفاك؟، قال له ربي الله، فقال له، أنا، قال لا بل رب العالمين.

فعذب الملك الرجل حتى دله على الغلام الذي شفاه، فأتى بالغلام فلم يستطع الملك قتله على الرغم من محاولاته المتكررة، حتى قال له الغلام إنك لن تفلح في قتلي ولكن لدي طريق لذلك، وهو أن تجعلني على جذع نخلة ثم تجمع الناس في صعيد واحد وتخرج سهما من كنانتي فتقول "بسم الله رب الغلام" وترمي السهم.

وبالفعل اتبع الملك خطوات الغلام، وعندما رمى السهم أصاب الغلام فمات، فهتف الناس آمنا برب الغلام، فلم يتوقع الملك النتيجة وأمر بجمع الناس الذين آمنوا وحفر لهم أخدود عظيم وقام بتهديد كل منهم للرجوع عن دينه أو مواجهة مصير الموت حرقا في الأخدود، وقد ذهب في هذه المحرقة عشرات الآلاف من المؤمنين، الذين سطروا بدمائهم موقفًا بطوليًّا في الثبات على الإيمان.

وبعد انتهاء عصر الملك الظالم، بقيت مدينة الأخدود لفترات طويلة تدين بالدين المسيحي حتى جاء الإسلام، فخير أهلها ما بين الإسلام أو الحرب أو الجزية، إلا أن نصارى نجران قد ذهبوا لنبي الله محمد في عام الوفود واختاروا أن يدفعوا الجزية مع البقاء على دينهم، ولكن بعد انتشار الإسلام أسلموا وآمنوا به.

وما زالت قصة أصحاب الأخدود من القصص المشهورة جدا حتى العصر الحالي، فلا زالت القصة يكتبها الكاتبين، والمؤلفين، والرواة، بالرغم من أنها حدثت قبل نزول الإسلام وانتشاره، لكن يدفعهم لذلك بسالة أهل المدينة من المؤمنين الذين لم يرضخوا لأوامر الملك الذي حاول أن يرغمهم عن ترك دينهم وإلّا قتلهم، ففضلوا أن يُقْتَلوا ويموتوا حرقاً على أن يَتركوا دينهم، وبقيوا متمسكين بدينهم ومبادئهم وعقيدتهم.

واليوم، تقع المدينة التي شهدت قصة أهل الأخدود في الجزء الجنوبي من مدينة نجران، وتبعد عنها ما يقارب خمسة وعشرين كيلومترًا، وهي مدينة لها تاريخ عريق كشفتها الحفريات التي وجدت فيها، والمعالم الأثرية والقطع الفنية من الأواني والحلي والمجوهرات والنقوش التاريخية، بالإضافة لرفات سكانها الذين أُحرقوا في محرقة الأخدود، والعظام الهشة والرماد الكثيف الشاهد على المحرقة الهائلة التي حدثت فيها.

وتعد مدينة الأخدود، التي تبلغ مساحتها أربعة كيلومترات مربعة، من أغنى المواقع الأثريّة، ففيها نقوشات وكتابات على الأحجار والصخور، كتبت عليها نقوش بأحرف خاصة بأهلها، وصخور نقش عليها أنواع من الحيوانات التي كانت تنتشر في تلك العصور كالخيول، والجمال، والأفاعي، بالإضافة للجبل الأثري تصلال، الذي يقع شرق منطقة نجران، والذي بُنيت فوقه كعبة تصلال.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك