لا شيء يعلو في مصر فوق قمة المناخ بشرم الشيخ المقرر انعقادها في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الجاري، بحضور عدد من قادة العالم وصناديق المناخ وآلاف النشطاء في مجال البيئة، وهو حدث أممي هام من المتوقع أن تستفيد منه القاهرة في تمويل مشروعات الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
ومن أجل هذا حاورت "الشروق" خبير الطاقة المغربي الدكتور جواد الخراز، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بالقاهرة، والذي يتمع بخبرة تزيد عن 18 عاما في مختلف مجالات الطاقة المستدامة، بما في ذلك سياسات الطاقة وتقنيات الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى إدارة وتحلية المياه والبيئة والترابط بين المياه والطاقة والغذاء والمناخ.
ويعد المركز الإقليمي للطاقة الذراع الفنية لإدارة الطاقة بجامعة الدول العربية والمجلس الوزاري العربي للكهرباء، ويضم في عضويته 17 دولة عربية على رأسها مصر التي يقع بها مقر المركز الإقليمي للطاقة عندما تم تأسيسه في عام 2008، وبحسب الموقع الرسمي للمركز فقد اكتسب وضعه القانوني في أغسطس 2010 كمنظمة دولية مستقلة غير هادفة للربح، من خلال اتفاقية البلد المضيف مع الحكومة المصرية.
وعن مؤتمر قمة المناخ في شرم الشيخ، والمشاريع المتوقع إقرارها وفرص تمويلها، طرحت الشروق هذه الأسئلة على خبير الطاقة المغربي:
ما دلالة انعقاد مؤتمر قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية؟
تنظيم مصر لمؤتمر قمة المناخ الأممي له أكثر من دلالة، الدلالة الأولى أن مصر تلعب دورًا رياديًا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط وفي إفريقيا كدولة رائدة بمجموعة من المشاريع والبرامج التي تصب في خدمة المناخ، سواء تعلق الأمر بالانتقال الطاقي من التحول إلى طاقات متجددة وطاقات نظيفة، أو تعلق الأمر بتحسين كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات، وتخفيض الانبعاثات الكربونية في القطاع الصناعي، كل هذه الأمور تقوم مصر بمجهود جبار في السنوات الأخيرة، لخدمة المناخ وأجندته، وتعتبر من أكثر الدول في المنطقة العربية استفادة من صندوق تمويل المناخ، ومن جانب آخر يدل على إرادة سياسية قوية في مصر للسير قدمًا في تعهداتها المناخية وفي قيادة المنطقة العربية والإفريقية في هذا المجال، وقيادة الجهد الذي يصب في تجاه الدول على الدول المانحة للوفاء بتعهداتها في مساعدة الدول النامية للتأقلم والتكيف على التغيرات المناخية.
كيف تشكل قمة شم الشيخ نطقة انطلاق لتعهدات قمم المناخ السابقة؟
الوعود التي انطلقت في المؤتمرات السابقة للمناخ وفي جلاسكو بما فيها 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية لم تتحق، وبالتالي مصر تستغل فرصة تنظيم مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، للضغط أكثر على الدول المتقدمة والمنظمات المانحة للوفاء بوعودها وتمويل مشاريع العمل المناخي في الدول الإفريقية والعربية، ويعتبر فرصة كبيرة في مصر لإظهار قصص نجاح في مصر مثل مشروع بنبان للطاقة الشمسية ومشاريع الطاقة الرياحية في خليج السويس، وغيرها من التجارب الناجحة التي تشجع على الاستثمار في الطاقة المتجددة.
ما أهم المشروعات المتوقع الاتفاق عليها في المؤتمر؟
من الصعب التكهن بشكل دقيق من المشاريع التي سيتم الاتفاق عليها في المؤتمر، لكن من المنتظر أن يكون هناك وعود وتسهيلات تمويلية أكبر لتمويل مشاريع التحفيف من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة في قطاعات النقل والبناء والقطاع الصناعي، سيكون هناكك مشاريع هيدروجين أخضر، وبالتأكيد سيتم الحصول على ضمانات أكثر وتمويلات أكثر للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، ومشاريع ستوقع للزيادة في إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة مع الشركات الكبرى والمنظمات والصناديق المناخية لتمويل مشاريع التكيف والتخفيف.
فضلا عن أن التمويلات ستهم الدول الأكثر تضررًا من تداعيات التغيرات المناخية التي شهدت في الآونة الأخيرة جفافًا قاسيًا أو فيضانات متكررة، وطبعًا المنطقة العربية بما فيها مصر من أكثر الدول تضررًا في هذا المجال، بالإضافة إلى أخطار ارتفاع منسوب مياه البحار سواء في الإسكندرية وغيرها، وبالتالي من المتوقع وجود مشاريع في هذا الاتجاه سوف يتم التوقيع عليها أو تمويلها من خلال المفاوضات والنقاشات التي ستدور في شرم الشيخ.
كيف تستطيع مصر إحراز تقدمًا في مشروعات الطاقة النظيفة؟
أعتقد بكل موضوعية أن مصر تحقق تقدمًا ملموسًا، يجب مضاعفة الجهود، لأننا نتحدث عن الرفع من مساهمة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة في الإنتاج الكهربائي بحلول 2035 إلى 42%، وهذه نسبة مهمة، وبالتالي الانقتال من 20 جيجا وات إلى 53 جيجا وات في غضوان 10 أو 13 سنة ستطلب استمثارات كبيرة وبنية تحتية ضحمة، ومجهودات أكبر، سواء تعلق الأمر بزيادة الاستثمارات الخرجية الدولية، أو تعديلات القوانين لتسهيل استمثارات القطاع الخاص، فضلًا عن كل ما يتعلق بالبنية التحتية توسيع الشبكة الكهربائية، وكل ما يتعلق بتحلية مياه البحر، والهيدروجين الأخضر، المفترض أن هناك اتفاقات وقعت عليها مصر، وستزداد هذه المشاريع في قمة المناخ، ومن المنتظر ان تبدأ هذه المشاريع في السنوات القادمة، وسيحتاج الهيدروجين إلى وفرة في الطاقة المتجددة، ومعنى هذا إحراز تقدم في هذا المجال.
كيف تقنع مصر صناديق البيئة والدول المانحة بتمويل مشروعاتها الخضراء؟
مصر قامت بجهودات كبيرة لإقناع صناديق البيئة والمناخ والدول المانحة لتمويل المشروعات الخضراء مثل الزيادة الكبيرة في مشاريع الطاقة الريحية في خليج السويس، وهذا يعود إلى الإجراءات التي قامت بها مصر لإقناع تلك الصناديق من قبيل إبراز بروتوكول التعاون بين المركز الإقليمي للطاقة والحكومة المصرية، وهو ما سمح للمركز بلعب دور الوساطة بين الحكومة والصناديق المانحة، بحيث يساعد الشركات الخاصة في الاستثمار في الطاقة الريحية، من خلال التأكيد على أن المشروعات المصرية تحافظ على البيئة، وكذلك على الطيور المهاجرة.
مصر من الدول التي تعاني ندرة في المياه، هل يؤثر ذلك على توطين صناعة الهيدروجين الأخضر؟
من المعروف أن الهيدروجين الأخضر يحتاج إلى مياه عذبة ونقية، ومصر تعاني مشكلة ندر المياة، ويعتبر ذلك تحديًا أمام صناعة الهيدروجين الأخضر، لكنه ليس عائقًا، لذلك فإن مصر تحتاج إلى دعم الدول المانحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي تصل تكلفته من 7 إلى 9 دولارات للكيلو الواحد، كما أن إنتاج الهيدرجين الأخضر يعتمد على طاقة متجددة ونظيفة، وهذه الطاقة متوفرة في مصر سواء طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، ويمكن أن تستخدم مصر تقنية تحلية مياه البحر لدعم جهودها في إنتاج الهيدروجين الأخضر.