الرئيس ومدير المخابرات.. كثير من الهدوء وقليل من المواجهات - بوابة الشروق
الجمعة 2 مايو 2025 7:22 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

«انحراف المخابرات» تطيح بصلاح نصر.. و«مراكز القوى» تنهى مشوار أحمد كامل القصير.. و«هجمات رفح» تقضى على موافى

الرئيس ومدير المخابرات.. كثير من الهدوء وقليل من المواجهات

عملية تسليم جلعاد شاليط ابرز ملفات المخابرات فى عهد موافى
عملية تسليم جلعاد شاليط ابرز ملفات المخابرات فى عهد موافى
كتبت ــ الشيماء عزت:
نشر في: السبت 11 أغسطس 2012 - 11:50 ص | آخر تحديث: السبت 11 أغسطس 2012 - 12:03 م

«الخطر دائما يتربص بها لكننى عقابك الحارس ينقض عليه كالصاعقة محققا نبوءة حورس بأنك يا مصر دائما فى أمان وملء القلب والعين»، بصوت قوى مصاحب لصورة نسر ينتزع الأفعى السامة من الأرض، يشرح المعلق الشعار الذى لم يتعرف عليه أحد قبل هذا العام.

 

وإذا كان الشعار يحمل صورة عين حورس مع النسر والأفعى، فإن معناه الحقيقى كان افتتاحية الفيلم الوثائقى الذى شاهده المصريون عبر شاشات التليفزيون أول أيام رمضان عن جهاز المخابرات العامة المصرية، والذى تعرف عليه الناس للمرة الأولى فى حياتهم من خلال كلمات تقول «اليد العليا لمن يملك البحر، اليد العليا لمن يملك السلاح، اليد العليا لمن يملك السماء، اليد العليا لمن يملك المعلومات»، هكذا كانت البداية.

 

 

  نقطة الانطلاق

 

فى عام 1954 صدر قرار رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر بإنشاء جهاز استخبارى يحمل اسم «المخابرات العامة» وأسند إلى زكريا محيى الدين وعدد آخر من الضباط محل الثقة، مهمة إنشائه.

 

 

 وجاءت أول صفعة للجهاز الجديد على وجه الاسرائيليين، عندما كشف رجال المخابرات المصرية عملية سوزانا، التى كانت تستهدف تفجير أهداف مصرية وأمريكية وبريطانية فى مصر.

 

اشتهرت العملية بعد ذلك باسم فضيحة لافون نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلى آنذاك بنحاس لافون الذى أشرف بنفسه على التخطيط لها، ونال المشاركون فيها أحكام قضائية تراوحت بين الاعدام والحكم بالسجن والأشغال الشاقة لمدة 7 سنوات.

 

العلاقة بين رئيس الجمهورية وبين مدير الجهاز الجديد عادية أغلب الوقت وجيدة فى أوقات معينة بدأت عندما تولى زكريا محيى الدين رفيق عبدالناصر رئاسة الجهاز لمدة عامين، تركه ليتولى رئاسة الوزارة ولأن مهمته كانت تتلخص فى إنشاء الجهاز اللازم للمرحلة، خصوصا بعد أن أنشأت امريكا جهاز مخابراتها وكذلك الموساد الاسرائيلى.

 

تولى على صبرى رئاسة الجهاز بعد محيى الدين لعام واحد، وخرج لأنه لم يكن متفرغا له فكان الأخير يديره ويشرف عليه بشكل غير مباشر.

 

بدأ دور المخابرات المحورى والمهم عندما تولاها رجلها الأشهر صلاح نصر لمدة 10 سنوات انتهت بعد نكسة 1967.

 

بعد الثورة التى قاد فيها نصر الكتيبة 13 التى كان فيها أغلب الضباط الأحرار، عينه عبدالناصر فى 23 أكتوبر 1956 نائبا لرئيس المخابرات، ثم عينه رئيسا لها بعد ذلك بعام.

 

المواجهة الأولى

 

قاد صلاح نصر جهاز المخابرات لمدة 10 سنوات، ونجح فى وضع اسمه كأشهر رجل مخابرات مصرى، حيث نفذ الجهاز فى عهده أهم عملياته ضد إسرائيل، وأصبحت تلك العمليات تدرس فيما بعد فى معهد المخابرات الدولية، وكان من أشهرها وأهمها عملية لوتز، وكان صلاح نصر أيضا صاحب السبق فى أن يسجل أول مواجهة بين الرئيس وبين المخابرات.

 

عقب النكسة قرر عبدالناصر أن يفتح ملفات الفساد داخل الجهاز، رغم أن الفيلم الوثائقى الذى قدمته المخابرات الشهر الماضى ذكر أن من تبنوا فكرة تطهير الجهاز كانوا رجاله أنفسهم.

 

أمر عبدالناصر باعتقال صلاح نصر رغم ان الاخير كان يعتبر الرئيس صديقه الصدوق على المستوى الشخصى، كما كتب فى مذكراته، لكن الأحداث التى أعقبت النكسة كان لها تأثير كبير على علاقة الصديقين.

 

وكانت وفاة المشير عبدالحكيم عامر الذى كان نصر يدير مكتبه قبل أن يتولى المخابرات، نقطة فاصلة فى تاريخ العلاقة، قدمه عبدالناصر للمحاكمة وأدانه فى قضية انحراف المخابرات بالسجن لمدة 15 سنة وغرامة مالية قدرها 2500 جنيه مصرى، وحكم عليه أيضا لمدة 25 سنة فى قضية مؤامرة عبدالحكيم عامر».

 

عهد التطهير

 

لم يكن متوقعا أو منطقيا أن يختفى اسم رئيس ذلك الجهاز الحيوى والمهم فجأة برحيل صلاح نصر عنه، وساهم فى ذلك تولى رجل من طراز خاص رئاسته فى الفترة اللاحقة، كان الرجل هو أمين هويدى الذى ظل على رأس المخابرات لمدة 3 سنوات، وجمع ذلك المنصب الرفيع مع منصب وزير الحربية، للمرة الأولى والأخيرة فى تاريخ مصر.

 

أشرف هويدى على تنفيذ عمليات مهمة منها تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى أكتوبر 1967. كما أشرف على عملية تفجير حفار النفط الإسرائيلى الذى تم تفخيخه وتدمير جزء كبير منه، جرى ذلك فى مارس 1968.

 

اختاره عبدالناصر رئيسا للمخابرات العامة لتطهيرها من أعوان صلاح نصر، كما قيل وقتها، لذلك يفسر البعض بقاءه لفترة قصيرة رئيسا للجهاز، حيث ترك منصبه فيه بعد انتهاء مهمته.

 

وهناك رواية أخرى تناقلها البعض تخبر عن أسباب إقالة هويدى من منصبه مفادها أنه فى ربيع 1970 صدر قرار إقالة هويدى من منصبه وبقائه فى منصب وزير الدولة، بعد أن علم عبدالناصر بأنه أرسل أحمد حمروش ليقابل ناحوم كولدمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية فى باريس، لاستكشاف ما عند الرجل الذى اشتكى لجوزيف تيتو من إهمال عبدالناصر لمبادرته السلمية.

 

لم يستأذن هويدى عبدالناصر، وأخبره بالأمر السفير المصرى بباريس حافظ إسماعيل، أقال الرئيس هويدى من المخابرات، وعين إسماعيل مكانه، هكذا تحكى الرواية.

 

الاختفاء التدريجى

 

بدأ منصب مدير المخابرات يختفى شيئا فشيئا بعد أمين هويدى، حيث تولاه السفير حافظ إسماعيل أقل من سنة وخرج منه ليصبح وزيرا، ثم أحمد كامل لمدة مقاربة أيضا، وتمت اقالته ومحاكمته بعد ذلك فى بداية عام 1971 فى الأحداث المعروفة باسم «أحداث 15 مايو» والتى أطاحت برموز النظام السابقين فى قضية مراكز القوى، ثم جاء أحمد إسماعيل على ليتولى رئاسة المخابرات لمدة قاربت الثلاث سنوات قبل أن يصير قائدا عاما للقوات المسلحة، خلال حرب أكتوبر.

 

10 سنوات حتى 1983 تغير فيها 5 رؤساء على الجهاز، لم ينالوا شهرة من سبقوهم ولا من لحقوا بهم، منهم كمال حسن على الذى خرج ليتولى منصب وزير الدفاع، ومحمد سعيد الماحى الذى يبرر المؤرخ محمد الجوادى خروجه بأنه كان على خلاف مع الرئيس السابق مبارك، وربما كان أشهرهم هو رفعت جبريل الضابط الذى انضم إلى المخابرات بعد إنشائها، وبدأ فى مقاومة الجاسوسية ثم تخصص فى النشاط الإسرائيلى، ثم تدرج فى الترقى إلى أن تولى منصب مدير مقاومة الجاسوسية، ثم رئيسا لهيئة الأمن القومى وهو من أرفع المناصب بالجهاز.

 

اشتهر بلقب الثعلب، وكان له دور بارز فى تجهيز العميل المصرى المعروف باسم رأفت الهجان وزرعه فى قلب إسرائيل، ونجح فى القبض على الجاسوس الإسرائيلى ضابط الموساد الشهير باروخ مزراحى، كما نجح فى القبض على العميلة المصرية الأصل هبة سليم باستدراجها إلى مطار عربى، وترحيلها إلى القاهرة لتحاكم وتعدم بعد اعترافها بالتجسس لصالح إسرائيل.

 

نائب الرئيس

 

أما الباقون فكان خروجهم طبيعيا بحكم الأقدمية، حتى جاء اللواء عمر سليمان مديرا للجهاز، ويقول الجوادى أن اختيار سليمان لهذا المنصب كان سببه أنه يسبق المشير طنطاوى بدفعة واحدة فى الكلية الحربية، وكان سليمان وقتها مديرا للمخابرات الحربية بينما كان طنطاوى رئيسا لهيئة العمليات، ولم يكن جائزا أن يتقدم المشير الحالى مدير المخابرات الأسبق فى التعيين على رأس المؤسسة.

 

كانت العلاقة بين سليمان ومبارك عادية تشبه علاقة الأخير بمن سبقوا سليمان فى الجهاز، لكن حادث اغتيال مبارك فى أديس أبابا وطد علاقتهما نوعا ما، ويرى الجوادى أن سر احتفاظ سليمان بمنصبه لمدة 18 عاما، واستبقاء مبارك عليه، أن وضع الركود كان يسود المناصب المهمة بصفة عامة خلال فترة رئاسة مبارك.

 

وربما كانت علاقة مبارك بسليمان هى العلاقة المثالية بين الرئيس ومدير المخابرات فى مصر، حيث لم تعكر صفوها أى عوارض، حتى عندما لصق أحدهم منشورات تطالب بسليمان رئيسا فى عهد مبارك، وتجلت تلك العلاقة المثالية عندما اختاره المخلوع ليكون أول وآخر نائب له.

 

وتجدد الصدام

 

فى 31 يناير 2011 تم إعلان اللواء مراد موافى مديرا للمخابرات، وهو الرجل الذى لعب دورا رئيسيا فى صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل التى تضمنت الإفراج عن 1027 أسيرا وأسيرة فلسطينية مقابل الإفراج عن الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط، كما أن البعض فى محافظة شمال سيناء يقول إن المحافظة تدين له بعدة مشاريع نفذها فيها وقت أن كان محافظا لها، وهو ما دفع موقع صباح الخير يا سيناء على شبكة الانترنت أن ينتج له فيلما وثائقيا يتحدث عن انجازاته فى المحافظة التى قال عنها الفيلم أن مراد موافى وضعها على الخريطة العالمية، وعلى ألحان عمار الشريعى فى مسلسل رأفت الهجان، وصف الفيلم مدير المخابرات بأنه قائد عظيم نسبة إلى الوسام الذى قلده اياه مدير المخابرات العسكرية الفرنسى.

 

قبل ساعة أو أكثر قليلا من أذان المغرب سجلت كاميرات المراقبة المسلطة على المنطقة المحيطة بالمبنى الضخم المواجه لقصر القبة، خروج سيارة رئيس جهاز المخابرات بلا رجعة، بعد أن أصدر الرئيس الجديد محمد مرسى قرارا بإحالته إلى التقاعد بسبب تصريحاته بخصوص المعلومات عن العملية الارهابية التى راح ضحيتها 16 جنديا مصرى على الحدود، الا أن المراقبين لا يستطيعون فصل قرار مرسى عما أثير حول علاقة الإخوان المسلمين بالمخابرات والتى كشف عن بعض تفاصيلها اللواء عمر سليمان فى مؤتمر صحفى قبل وفاته.

 

أصبح موافى هو أول من طبق عليه مرسى القاعدة المخابراتية التى تقول إن «المنتصر هو الذى يتحرك فى الخفاء، ويحوم حول الهدف فيصيبه فى مقتل»، ليبدأ فصلا جديدا فى علاقة الرئيس بمدير مخابراته.

 

 

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك