أعلت لجنة تحكيم جائزة البوكر الأدبية لعام 2025 عن فوز الكاتب المجري البريطاني ديفيد سزالاي بالجائزة المرموقة عن روايته السادسة "لحم" (Meat)، التي تتناول حياة رجل يُدعى "إشتفان" منذ سنوات شبابه وحتى منتصف عمره، في سرد إنساني يتأمل علاقة الجسد بالهوية والطبقة والمجتمع.
وأعرب رئيس لجنة التحكيم، الكاتب الأيرلندي رودي دويل – الفائز بجائزة البوكر عام 1993 – عن إعجابه العميق بالعمل، قائلًا: "لم نقرأ شيئًا يشبهه من قبل؛ إنه كتاب مظلم في جوانب كثيرة، لكنه ممتع جدًا للقراءة"، وذلك وفقًا لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز.
تبدأ الرواية بحادث صادم خلال إقامة البطل المراهق "إشتفان" مع والدته في مجمع سكني بالمجر، قبل أن تتتبع تطور حياته أثناء الخدمة العسكرية، ثم انتقاله إلى لندن للعمل لدى الأثرياء فاحشي الثراء. ومن خلال أسلوب كتابة مكثف وموجز، تستكشف الرواية موضوعات عميقة مثل النشأة، والطبقة الاجتماعية، والهجرة، والصدمات النفسية، والسلطة.
وأُعلن عن فوز سزالاي بالجائزة التي تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه إسترليني خلال حفل أقيم في مبنى أولد بيلينجسجيت التاريخي بلندن في العاشر من نوفمبر الجاري.
يُذكر أن الكاتب كان قد وصل سابقًا إلى القائمة القصيرة للجائزة عام 2016 عن روايته الشهيرة "كل ما في الرجل" (All That Man Is).
وأكد دويل أن قرار منح الجائزة هذا العام كان بالإجماع، مشيرًا إلى أن لجنة التحكيم ضمت الممثلة الأمريكية سارة جيسيكا باركر، والكاتب البريطاني كريس باور، والروائية النيجيرية أيوبامي أديبايو، والكاتبة الأمريكية كايلي ريد.
وقال دويل: "تركز الرواية على رجل من الطبقة العاملة، وهو نوع من الشخصيات التي نادرًا ما تحظى بالاهتمام الأدبي. إنها تكشف عالم الرجال المهمشين وتدعونا للنظر خلف وجوههم إلى أفكارهم وأحلامهم الخاصة."
وتفوق سزالاي بفوزه على 5 روائيين آخرين ضمن القائمة القصيرة لهذا العام، وهم:
-البريطاني أندرو ميلر عن روايته "الأرض في الشتاء".
-الهندية كيران ديساي عن روايتها "وحدة سونيا وساني"، وهي أول أعمالها منذ فوزها بالبوكر عام 2006 عن "إرث الخسارة".
-الأمريكية سوزان تشوي عن روايتها "مصباح يدوي".
-الأمريكية كاتي كيتامورا عن "تجربة الأداء".
-البريطاني بن ماركوفيتش عن "بقية حياتنا".
وعند سؤاله عن قوة المنافسة، أقر دويل بأن بعض الأعمال كانت قريبة من الفوز، لكنه رفض الإفصاح عن عناوينها احترامًا للمؤلفين، معتبرًا أن المقارنة ستكون "غير عادلة وربما قاسية".
وُلد ديفيد سزالاي في مونتريال لأب مجري وأم كندية، ونشأ في لندن، وعاش في لبنان والمملكة المتحدة، ويقيم حاليًا في فيينا.
تخرج في جامعة أكسفورد، وعمل في مجال المبيعات الإعلانية المالية، وهو ما ألهم روايته الأولى "لندن وجنوب شرقها".
كما أصدر عددًا من الأعمال الأدبية المتميزة، منها روايتا "الربيع" و"البريء"، ومجموعة القصص القصيرة "اضطراب" (Turbulence).
وفي حوار مع صحيفة الجارديان، تحدث سزالاي عن إلهامه لكتابة "لحم" قائلًا: "هذه الرواية وُلدت في ظل الفشل. في خريف 2020 تخلّيت عن رواية كنت أعمل عليها منذ 4 سنوات لأنها لم تنجح، ثم بدأت 'لحم' برغبة في التعبير عن أن وجودنا هو تجربة جسدية أولًا، وأن كل ما في حياتنا ينبع من هذه الجسدية".
ويُعد فوز سزالاي العاشر للناشر البريطاني جوناثان كيب "التابع لدار نشر بنجوين راندوم هاوس"، الذي يحتفظ بأكبر عدد من جوائز البوكر في تاريخها.
وكانت الدار قد فازت العام الماضي بالجائزة عن رواية "أوربيتال" (Orbital) للكاتبة سامانثا هارفي.
ومن بين أبرز الفائزين في الأعوام الأخيرة:
-"أغنية النبي" للكاتب الأيرلندي بول لينش.
-"أقمار معالي ألميدا السبعة" للسريلانكي شيهان كاروناتيلكا.
-"الوعد" للجنوب إفريقي دامون جالجوت.