هل فكرت يوما أن تكون وجبة الغداء مع أسرتك أو أصدقائك لها تأثير نفسي كبير على حياتك؟، تؤكد الطبيبة النفسية أنجيلا داكوورث، أن تناول الطعام مع الأسرة أو الأصدقاء، خاصة عند الأطفال، يؤثر على شخصية الإنسان، فإما يجعله وحيدا طوال عمره، أو شخصا فعالا ومشاركا بالمجتمع، بحسب ما ذكر في موقع "سايكولوجي توداي".
ضربت أنجيلا مثالا على تناول الطعام مع الأسرة، من خلال علاجها لطفل كان يعاني حساسية من الجلوتين، فاضطر إلى التوقف عن تناول الطعام مع زملاءه في المدرسة، والابتعاد عن حفلات أعياد ميلاد أصدقاءه، حيث كانت والدته تصطحبه إلى المنزل وهو يبكي قبل أن يرى كعكة عيد الميلاد لأنه لن يستطيع تناولها.
تقول أنجيلا إن هذا الطفل شعر بالحرمان الشديد، ليس لعدم تناوله للطعام، بل لأنه حرم من المشاركة الاجتماعية مع أصدقائه، ودللت على ذلك بالبحث الذي أجرته هي وفريقها، الذي أثبت وجود ارتباط بين تناول الطعام في مجموعة، وشعور الفرد بالمشاركة الاجتماعية.
وطلبت أنجيلا وفريقها البحثي من إحدى المدارس الابتدائية، تصنيف الأطفال بحسب المشاركين اجتماعيا، والأطفال الذين يشعرون بالوحدة، وقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يعانون من حساسية الطعام ويأكلون بمفردهم كانوا الأكثر وحدة حتى ممن يعانون من صعوبة في التعلم، ومن الأطفال غير ناطقي اللغة الإنجليزية وهي اللغة الأولى بالنسبة للمدرسة، مما يعني أن مشاركة الطعام تأتي في المقام الأول لتعزيز العلاقات الاجتماعية وليس التفوق الدراسي أو التحدث بنفس اللغة.
قام الفريق بإجراء تجربة أخرى على المراهقين، من خلال توزيع مجموعتين من العصائر، بعضها للأكبر عمرا، وأخرى للأصغر عمرا، ووجدت التجربة أن الأشخاص الأصغر عمرا شعروا بعدم الاندماج مع الآخرين؛ لأنهم يشربون عصائرا مختلفة عن المجموعة الأخرى.
وفقا لهذه النتائج، تؤكد أنجيلا أن تناول الطعام أبعد من أن يكون مجرد وجبة، موضحة أنه يمثل الرابط المشترك بين الإنسان وعائلته ومجتمعه، وهو يؤثر بشكل مباشر على شعور الإنسان بالاندماج مع الآخرين، أو بالعزلة والوحدة.