بعد اغتيال تشارلي كيرك.. صفحات من تاريخ العنف السياسي في الولايات المتحدة - بوابة الشروق
الأحد 14 سبتمبر 2025 8:23 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

بعد اغتيال تشارلي كيرك.. صفحات من تاريخ العنف السياسي في الولايات المتحدة

محمد هشام
نشر في: السبت 13 سبتمبر 2025 - 7:18 م | آخر تحديث: السبت 13 سبتمبر 2025 - 7:18 م

- أكاديمي إيطالى: العنف تجاه الخصوم متجذر في السياسة الأمريكية

أكد أستاذ التاريخ الأمريكي في جامعة تورينو الإيطالية، ماوريتسيو فالسانيا أن تاريخ الولايات المتحدة الممتد على مدى 250 عاما يحفل بالعديد من حوادث العنف السياسي، مشيرا إلى أنها ممارسة متأصلة وليست مسألة عابرة أو حوادث منفصلة.

وقال فالسانيا في مقال نشره موقع "ذا كونفرزيشن" الإخباري أنه في اليوم التالي لمقتل الناشط المحافظ تشارلي كيرك بالرصاص أثناء إلقائه كلمة في جامعة يوتا فالي، كرر المعلقون لازمة مألوفة: "هذا ليس من طبع الأمريكيين"، كما علقت المذيعة ووبي جولدبرج في برنامج "ذا فيو" قائلة إن الأمريكيين يحلون خلافاتهم السياسية سلميا، مؤكدة أن "هذه ليست طريقتنا".

وأضاف: "لكن سرعان ما تتبادر إلى الذهن حوادث مروعة أخرى: فقد تم اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي بالرصاص في 22 نوفمبر 1963، كما قُتلت ميليسا هورتمن، الرئيسة السابقة لمجلس نواب ولاية مينيسوتا وزوجها في منزلهما في 14 يونيو الماضي".

وتابع: بصفتي مؤرخا أرى أن التعامل مع هذا العنف في أمريكا بوصفه مجرد "حوادث منفصلة" هو أمر خاطئ، في الواقع إنه يعكس نمطا متكررا، مشيرا إلى أن الادعاء بأن مثل هذه الحوادث إطلاق النار خيانة "للهوية الأمريكية" يعني نسيان حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة تأسست على هذا الشكل من العنف السياسي، الذي مازال قائما.

**العنف خلال الثورة الأمريكية

ونوه الأكاديمي الإيطالي بأن سنوات الثورة الأمريكية (1765- 1783) كانت حاضنة للعنف، مشيرا إلى أنه من بين الممارسات البشعة التيتم استخدامها ضد الخصوم السياسيين "التقطير بالقطران والترييش"، وهو عقاب روجه أبناء الحرية (ناشطون استعماريون قاوموا الحكم البريطاني) في أواخر ستينيات القرن الثامن عشر.

وأشار إلى أنه في مدن الموانئ مثل بوسطن ونيويورك، كانت الحشود تجرد أعداءها السياسيين من ثيابهم – غالبا ما كانوا من أنصار الحكم البريطاني أو المسئولين الممثلين للملك – ويغطونهم بالقطران الساخن، ثم يتم لف أجسادهم في الريش، ويجوبون بهم الشوارع.

وكانت الآثار على الأجساد مدمرة، فحين يُنتزع القطران كانت قطع من اللحم تُسحب معه، مما جعل تلك العقوبة تترك ندوبا على أجساد الضحايا مدى حياتهم.

وبحلول أواخر سبعينيات القرن الثامن عشر، تحولت الثورة فيما يُعرف بـ"المستعمرات الوسطى" إلى حرب أهلية وحشية، فعندما كانت ميليشيات الوطنيين تأسر المقاتلين الموالين (يطلق عليهم اسم "التوريون") كانوا يعاملونهم عادة كخونة لا كأسرى حرب، وينفذ فيهم الإعدام سريعا، ويكون شنقا غالبا.
وفي سبتمبر 1779، أسر مقاتلو ميليشيات الوطنيين 6 موالين قرب مدينة هاكنساك في نيوجيرسي، وشنقوهم بدون محاكمة. وفي الشهر التالي من العام ذاته، جرى إطلاق الرصاص فورا على اثنين يشتبه بأنهما جواسيس قبض عليهم في مرتفعات هدسون في نيويورك، تم تبرير عملية الإعدام بأنها عقوبة على الخيانة.

وبحسب الأكاديمي الإيطالي المتخصص في التاريخ الأمريكي، بينما كان يعتبر الوطنيون هذه الإعدامات ردعا، فإن الموالين كانوا يرونها جرائم قتل. وفي كلتا الحالتين، كانت سياسية بشكل لا لبس فيه.

** المبارزة بالمسدسات

وأشار الأكاديمي الإيطالي إلى أن منطق العنف تجاه الخصوم ظل متجذرا في السياسة الأمريكية حتى بعد الاستقلال، موضحا أنه بالنسبة للقادة الوطنيين، لم تكن المبارزة بالمسدسات مجرد مسألة شرف، بل كرست ثقافة سياسية يُنظر فيها إلى إطلاق النار باعتباره جزءا من النقاش.

يشار إلى أن المبارزة بالمسدسات كانت تُمارس لتسوية الخلافات بين أفراد الطبقة النبيلة أو العليا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

ونوه أستاذ التاريخ الأمريكي بأن أشهر مبارزة على الإطلاق كانت عام 1804، حين قام نائب الرئيس الأمريكي آرون بور بقتل ألكسندر هاملتون وزير الخزانة الأول ومؤسس النظام المالي الأمريكي، مشيرا أيضا إلى أن عشرات المواجهات الأقل شهرة وقعت في العقد الذي سبق تلك المبارزة الشهيرة.

ففي عام 1798، قتل هنري بروكهولست ليفينجستون - الذي أصبح لاحقا قاضيا في المحكمة العليا الأمريكية - جيمس جونز في مبارزة. ولم يُنظر إليه باعتباره أمرا مشينا، بل اعتُبر أنه قد تصرف بشرف، لأن جريمة القتل كان يمكن استيعابها داخل السياسة إذا تم تأطيرها في سياقات رسمية. والمفارقة أن ليفينجستون نفسه كان قد نجا من محاولة اغتيال عام 1785.

** ثقافة السلاح

وبحسب الأكاديمي الإيطالي، في حين قد يكون من المغري النظر إلى العنف السياسي باعتباره بقايا من مرحلة "بدائية" في التاريخ الأمريكي، حيث يفترض أن السياسيين وأنصارهم في هذا الوقت كانوا يفتقرون إلى الانضباط أو المعايير الأخلاقية العليا، لكن الأمر ليس كذلك تماما.

وأكد أستاذ التاريخ الأمريكي في جامعة تورينو أنه قبل الثورة الأمريكية وبعدها، كان العقاب الجسدي أو حتى القتل وسيلة لفرض الانتماء وتحديد من يملك الحق في الحكم، قائلا: "لم يكن العنف يوما تشويها للسياسة الأمريكية، بل كان من سماتها المتكررة، فهو قوة مدمرة دائمة الحضور تنشئ حدودا ونظما جديدة".

كما اعتبر أن هذه المسألة ترسخت مع اتساع ملكية السلاح. ففي القرن التاسع عشر، أدت الصناعة الحربية وعقود الحكومة الفيدرالية الضخمة إلى إدخال المزيد من الأسلحة إلى التداول بين الأمريكيين، وتحولت هذه الأسلحة الحديثة ليس فقط إلى أدوات عملية للحرب أو الجريمة أو الدفاع عن النفس، بل إلى رموز قائمة بذاتها، حيث جسدت السلطة، وحملت معنى ثقافيا، ومنحت حامليها شعورا بأن الشرعية نفسها يمكن انتزاعها بفوهة البندقية.

وخلص أستاذ التاريخ الأمريكي في جامعة تورينو الإيطالية إلى أن عبارة "هذا ليس نحن" المرتبطة بكل حادث عنف سياسي في أمريكا تبدو زائفة، مؤكدا أن "العنف السياسي كان دائما جزءا من القصة الأمريكية، فهو ليس حالة شاذة عابرة"، مشددا على أنه فقط من خلال مواجهة هذا التاريخ بشكل مباشر يمكن للأمريكيين أن يبدأوا في تصور سياسة لا تحددها الأسلحة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك