فتاوى شلتوت (11) استطلاع الغيب والتشاؤم - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:57 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فتاوى شلتوت (11) استطلاع الغيب والتشاؤم

محمد بلال
نشر في: الخميس 16 مايو 2019 - 10:23 ص | آخر تحديث: الخميس 16 مايو 2019 - 10:38 ص

يعتقد كثير من الناس أن الله ربط نجاح الإنسان وفشله بساعات معينة من اليوم، أو بأيام معينة فى الشهر، وأيضا يعتقدون أنه ممكن استطلاع الغيب المكنون فى جوف المستقبل باستخدام وسائل يعرفون بها ما يهمهم معرفته، من مسروق لم يعرف سارقه، أو مفقود لم يعرف مكانه، واستخدموا الوهم والتخيل، وانصرفوا بهما عن الحقائق ومعرفة السنن التى ربط بها الله بين الأسباب والمسببات.
وحارب الإسلام الجهل فى كل لون من ألوانه، وحارب الشرك والوثنية، وحارب بالدعوة إلى توحيد الله.
ولقد أكد الإسلام على أهمية العلم وتقدير الحقائق ولكن الإنسان خلق من عجل، تملكه أمران بعد بهما عن طريق العلم واستبطأ بهما طريق البحث والنظر، واستعاض عنهما بطريق التخيل والتخمين، والأمران هما:
الأول: رغبته الملحة فى سرعة اكتشاف الغيب، وخاصة فيما يتعلق بمستقبله.
الثانى: خوفه الشديد من وجود ما يعوقه عن أهدافه التى يعزم عليها.
وبسبب ذلك انتشرت طرق الوهم والدجل وتأثر بها كثير من الناس وخضعوا لها، واستخدموا كتاب الله ويروون عن الرسول ﷺ الأحاديث لتأكيد أفعالهم واستطلاع الغيب «على ما يظنون»،
عن طريق الكهانة والتنجيم، وضرب الحصى والودع والفول وخطوط الرمل واستخارة السبحة واستخارة القرآن، وعن طريق التشاؤم بالزمان والمكان والأشخاص، وأضغاث الأحلام. وبهذا كله وقع الإنسان أسيرا فى حياته وأعماله وعقائده لشئون لا يعقل اتصالها بما يسعد أو يشقى، وظن أنه بيده مفاتيح الغيب وشارك الله فيها.
وكان من أسباب تعلق بعض الناس بتلك الوسائل صدق بعض التنبؤات، واشتغال بعض المنتسبين للدين ظلما وزورا بهذه الوسائل يعلمونها للناس ويدعون إليها.
ولقد أنكر الإسلام التشاؤم مثل قوم موسى (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ) الأعراف ــ 131.
وقوم صالح (قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ) يس18.
وكان الرد عليهم جميعا أن الشر ليس ما جاءهم من قبل الرسل ولكن جاءهم من قبل أنفسهم بكفرهم وعنادهم وإهمالهم سنن الله فى الحياة (أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّه) الأعراف ــ 131.
وجاء فيما يتصل بعلم الغيب أنه مما استأثر به الله (عالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ) الجن ــ 26 ـ 26، وقوله: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ)، ويكفى المسلم فى كل ذلك الآية الواضحة (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) لقمان ــ 34.
نعم لبعض الأوقات شرف فى نظر الشرع نظرا لمضاعفة الجزاء لعاملى الخير بها ويضاعف أيضا لعاملى الشر ولكن لا يعنى ذلك نحوستها وسعودها باعتبار ذاتها.
ومهمة الإسلام الأولى، تقوية الروح الإنسانية، والسمو بها عن مزالق الأوهام والخرافات إلى ميدان الحقائق والسنن الإلهية التى بنى الله عليها العالم.
وإذن فواجب المؤمنين أن ينتبهوا إلى عبث الدجالين بإشاعة فكرة التشاؤم بينهم باستخدام استطلاع الغيب، هذه الفكرة يصير بها الإنسان أسيرا لوهم كلمة يسمعها، أو بيوم يمر عليه. وواجبهم أن يطهروا قلوبهم من هذه الأوهام، وأن يقدموا على أعمالهم وتصرفاتهم وقضاء مصالحهم متى اقتنعوا بها وعزموا عليها (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران ــ 159، معتمدين فى ذلك على إيمانهم النقى، وعلى توفيق الله إياهم وبهذا تسلم حياتهم وتستقر شئونهم.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك