وجه الدكتور عمرو الليثي، رئيس إذاعات وتلفزيونات التعاون الإسلامي، خلال كلمته بمناسة الاحتفال باليوم العالمي للتلفزيون، والذي أقرته الأمم المتحده في 21 نوفمبر عام 1996، قائلا إن اليوم العالمي للتلفزيون يأتي ليذكرنا بأن هذا الجهاز، الذي شكل جزءً أساسيا من الذاكرة الجمعية للبشرية، لا يزال حاضرا بقوة رغم التحولات الهائلة في وسائل الإعلام المعاصرة.
وأضاف: "منذ ظهوره منتصف القرن الماضي، لعب التلفزيون دورا محوريا في تشكيل الثقافة، وتوجيه الوعي، وتقديم الخبر والترفيه والتعليم داخل كل بيت، ومع ذلك، فإن التلفزيون اليوم يواجه عصرا مختلفا تماما عما عرفه سابقا، عصرا يتسم بتسارع التقنيات وتغير عادات الجمهور وتنامي المنافسة الرقمية".
وأوضح الليثي، أن أبرز التحديات التي تواجه التلفزيون تكمن في الانفجار الرقمي، بعدما أصبحت المنصات الرقمية وخدمات البث التدفقي تستحوذ على جزء كبير من وقت المشاهدين، خصوصا الأجيال الشابة، وهذا التحول جعل من التلفزيون التقليدي مطالبا بإعادة صياغة دوره، ليس فقط في طريقة العرض، وإنما أيضا في طبيعة المحتوى، كما تواجه الصناعة تحديات أخرى، مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بانخفاض العائد الإعلاني، بالإضافة إلى المنافسة العالمية التي جعلت الجمهور يقارن بين إنتاج محلي وآخر عالمي بضغطة زر.
وأشار، إلى أنه بجانب ذلك، يواجه التلفزيون تحديا جوهريا في التفاعل؛ فبينما تقدم المنصات الرقمية تجربة تفاعلية وشخصية، لا يزال التلفزيون في كثير من الأحيان يعتمد على البث الأحادي، هذا يدفع المشاهدين للبحث عن تجارب أكثر حرية ومرونة تتناسب مع نمط حياتهم السريع.
ورغم هذه التحديات، يرى رئيس إذاعات وتلفزيونات التعاون الإسلامي، أن المستقبل لا يزال يحمل فرصا واسعة، وأن تطوير التلفزيون ممكن عبر التركيز على المحتوى المتميز الذي يتصل بالهوية المحلية ويلامس اهتمامات الجمهور الواقعية، وأن القصة الجيدة تبقى قادرة على جذب المشاهد مهما تعددت المنصات، فيما يمكن للتلفزيون أن يستفيد من التكنولوجيا بدلا من مقاومتها، عبر دمج منصاته مع التطبيقات الرقمية، وتقديم خدمات مشاهدة مدمجة، واستثمار البيانات لفهم الجمهور بشكل أدق.
وشدد، على أن الاستثمار في الابتكار والإنتاج الخارجي وخلق صيغ برامجية جديدة أكثر قربا للناس، تعد خطوة هامة نحو إعادة إحياء التلفزيون، ويتطلب ذلك شراكات بين المؤسسات الإعلامية والمبدعين الشباب، وتبني طرق سرد حديثة تجمع بين الصورة عالية الجودة، والسرعة، والعمق.
واختتم رئيس إذاعات وتلفزيونات التعاون الإسلامي، كلمته بالتأكيد على أن التلفزيون يبقى رغم التحديات ركيزة أساسية في منظومة الإعلام، وما يحتاجه اليوم هو أن يواكب الإيقاع العصري دون أن يفقد قيمته الأصلية: "القدرة على جمع الناس حول قصة واحدة"، لذا، كان قرارنا في عام 2021 بتحويل اسم الاتحاد إلى اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي تأكيدا على هذا الدور المتعاظم للتلفزيون، وإيمانا بأن رسالتنا الإعلامية لا تكتمل إلا بضم كل أدوات التأثير البصري والسمعي معا، وفي هذا اليوم، نجدد التزامنا بإعلام مسئول يحفظ قيمنا ويرتقي بوعي مجتمعاتنا.