لم تعرف الكلبة «لوزة» منذ ولادتها ملجأً ولا سكناً سوى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، ولم تعرف من الناس سوى طلاب وأستاذة الكلية، ممن مدوا أيديهم إليها ولأبنائها بالطعام والشراب وقضاء أوقات لطيفة معها، حتى أصبحت جزء لا يتجزأ من يومهم الدراسي.

جميع الطلاب يعرفون لوزة وأبناءها الستة، الكلبة التي طُردت في صغرها من الكلية عدة مرات، وعادت إليها مرة أخرى لتشِب داخلها وتختارتها لوضع فلذات أكبادها، لأنها لا تعرف سواها مأمنا وسكنا.

كبر أبناء لوزة الصغار في لعب وحب من جميع الطلاب على النحو الذي شبت عليه في صغرها داخل حرم الكلية، لكن المكان الذي اتخذته لوزة مأمنها الوحيد تحول فجأة لساحة رعب وهرب من الموت، عندما شاهدت صغارها يفرون منها يمينا ويسارا محاولين الهرب من طلقات الخرطوش التي قضت عليهم جميعا، ولم تترك إلا جروا واحدا عثر عليه الطلاب مصابا مختبأ من الزعر، فيما أصيبت هي بثلاث طلقات خرطوش نجت منها بأعجوبة.

هكذا روت "هـ. م"، إحدى الطالبات في الكلية تفاصيل القصة لـ"الشروق"، موضحة أن الطلاب دخلوا في حالة من الزهول والبكاء عندما فوجئوا صباح يوم الأحد، بالجراوي الصغيرة مقتولة وغارقة في دمها، بينهم صغير موضوع في جوال أخضر وملقى على أحد الأرصفة.

وقالت إن قتل الجراوي الصغيرة بطريقة وحشية جرى لأسباب غير معروف، خاصة وأنهم قد تعايشوا مع الجراوي داخل الحرم حتى أصبحوا ألطف ما في يومهم الدراسي.

وأضافت أنها ذهبت مع الطلاب لأمن الكلية وسألتهم عن التفاصيل لكنهم ردوا بأنهما لا يعرفون شيئا عن المتسبب في ذلك، متابعة: "لوزة موجودة في الكلية من وقت ولادتها وبعد كده عاشت مع ولادها في قسم عمارة ونحت، وفي طلاب كتير أوي كانوا بيحبوها وبيروحوا القسم مخصوص عشان يلعبوا معاها، وأمن الكلية قال إنه اتفاجئ بالكلاب مقتوله الصبح على البوابة ووجود دم على مسرح الجامعة".

وتابعت أنهم ذهبوا بالكلبة وابنها للطبيب البيطري الذي أكد إصابتهما بالخرطوش، وأن الموضوع يتم التعامل معه داخل الجامعة بتهاون شديد، مضيفة: "أخدنا الكلبة الأم لوزة هي وابنها للطيب لإسعافهم وأكدلنا إنهم واخدين خرطوشة، للأسف كل إلى في الكلية مستهونين بالموضوع ومفيش حد عايز يقولنا أي تفاصيل".

عميد الكلية يخلي مسؤوليته
كتب أحد الطلاب على حسابه عبر فيس بوك، أنه في اليوم التالي من قتل الصغار توجه مجموعة من طلاب كافة أقسام الكلية إلى مكتب العميد للاستنجاد به.

وتضمن المنشور صورة لبيان صادر من أمن الكلية، بتاريخ 23/5/2021، يوضح فيه إخلاء مسئولية الكلية، وأن ما حدث صدر من حملة من محافظة الإسكندرية للقضاء على الكلاب الصالة بجميع أنحاء وأحياء المحافظة، وأن الكلية لا تمتلك كلابا أو توفر لهم ملاذا آمنا، وأن الكلاب تم اصطيادها خارج أسوار الكلية بمعرفة الحملة المنظمة لإدارة المحافظة ولا دخل لإدارة الكلية بها.

"جريمة فنون جميلة" وسم يجوب موقع التواصل فيس بوك
عبر الطلاب عن طاقتهم الغاضبة بكتابة منشورات جابت موقع التواصل فيس بوك، مستنكرين جريمة قتل صغار لوزة الذين ولدوا وتربوا داخل حرم الكلية، بطريقة وحشية باستخدام الخرطوش.

ودشن الطلاب أوسمة على موقع فيس بوك استنكارا للجريمة، مثل "كلاب فنون جميلة الإسكندرية" و"جريمة فنون جميلة"، و"لا لقتل كلاب الشوارع"، والتي لاقت تفاعلا واسعا من مستخدمي موقع فيس بوك في مصر، الذين شاركوا المنشورات على جروبات حقوق وإنقاذ الحيوان في مصر.

يذكر أن الدولة المصرية اتبعت في الآونة الأخيرة حملات تعقيم وتطعيم للكلاب الضالة بدلا من قتلهم، في مناطق متفرقة من البلاد بينها السادس من أكتوبر ومنطقة المعادي ومحافظة أسوان.