تحل الذكرى المئوية لميلاد الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل يوم 23 سبتمبر، حيث ولد في 1923 لعائلة تعود جذورها لقبيلة من بلاد العرب عبرت وتركت فروعها في كل مكان حتى استقرت في صعيد مصر، ثم هاجر جده لأبيه إلى الشمال وجاء والده بتجارته إلى القاهرة لحي الحسين العريق.
وامتدت رحلة هيكل الصحفية لما يزيد عن السبعين عاما بدأها مع مطلع الأربعينيات من بوابة صحيفة" الإجيبشيان جازيت" التي كانت من أشهر وأكبر الصحف الأجنبية بالقاهرة. لعب هيكل دورا رئيسيا في تشكيل الحياة السياسية المصرية في كواليس عهد جمال عبد الناصر، باعتباره أقرب مستشاريه وكاتب الكثير من خطاباته.
وبجانب السياسية كان هيكل شريكاً لعبد الناصر في علاقته بالفنانين وشاهداً على موقف التي جمعته بهم، ويأتي من أبرزهم العندليب عبد الحليم حافظ، الذي كان من أشّد محبي عبد الناصر وعبّر بصوته عن أحلامه وأفكاره؛ لذا اعتبره صوت الثورة ومطربها الأول.
* حنين دائم لصوت العندليب
يقول هيكل: "عبدالحليم حافظ كان شيئًا مختلفًا، منحناه كل الحب الذى فى صدورنا، وظللت طوال عمرى أشعر بحنين لصوته وللزمن الذي غنى فيه، كان عبدالناصر يعتبره نتاجًا لثورة يوليو، صوت الثورة ومطربها".
* دستة كرافتات: هدية العندليب للرئيس
ويروي هيكل أحد المواقف بقوله: "مرة عمل عبدالحليم حافظ حاجة غريبة، لم يعرف كيف يتصرف فيها، وقد واجهها بحيرة كاملة كان قد بدأ يسافر للخارج وأصبح نجمًا، وكان يسمع أن الرئيس يحب أربطة العنق، جاء حليم مرة لبيت عبدالناصر، وأنا كنت موجودًا، كان من عادته أن يصل إلى البيت ويجلس مع أولاد الرئيس الذين كانوا فى سن الصبا، ويثير حالة من الفرح الإنساني النادر في كل مكان في البيت، كان يزيط ويهرج مع الأولاد، وكان الرئيس يحبه جدًا، دخل حليم على الرئيس وفي يده شيء ما، دستة من الكرافتات، وعبدالناصر قال له: شوف يا حليم أنا هاخد واحدة فقط، بس ما تعملهاش تاني أبدًا، قال له حليم: طيب سيادتك اختار، فرد عبدالناصر: أنا هاخد واحدة بالبخت دون اختيار".
* سيبنا مصر في إيدك أمانة
وواصل هيكل: "ذات مساء وبينما الكل فى انتظار الغزو- فى يونيو 1956 بعد انتخاب عبدالناصر رئيسًا لمصر- كنت مع الرئيس فى مقر قيادة الثورة، فوجدت عبدالناصر يزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا، بمزاج متعكر، بعد سماعه أغنية إحنا الشعب، كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، والتى يغنى عبدالحليم فى بدايتها: إحنا الشعب.. اخترناك من قلب الشعب.. يا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلب.. يا حلاوة الشعب وهو بيهتف باسم حبيبه.. مبروك ع الشعب خلاص السعد حيبقى نصيبه.. وإحنا اخترناك وهنمشى وراك.. يا فاتح باب الحرية يا ريس يا كبير القلب".
وذكر هيكل عن أثر الأغنية، أنها ألهبت خيال الجماهير، وغنوا والفرحة الغامرة وحرارة التفاؤل تملأ قلوبهم مع حليم، وأخذ كل إنسان يرددها وينشدها مؤمنا بالمستقبل الواعد الذى سوف يتحقق على يدىّ عبدالناصر، وكان حليم قد أصبح أوسع المطربين شهرة توقف عبدالناصر أمام المقطع الذى يغنى فيه: ياللي بتسهر لجل ما تظهر شمس هنانا.. إحنا جنودك سيبنا فى إيدك مصر أمانة قال لى: إن مصر فعلًا فى ظرف خطر وهى فعلًا فى ظرف خطر وهي فعلًا مرهونة على حسن تصرفنا وعلى شجاعتنا فى المواجهة، لهذا لا بد أن نبذل كل ما في وسعنا لحمايتها وإنقاذها.