تؤكد دراسات أبحاث الذاكرة أن أكثر من ثلاثين بالمائة ممن تعدوا الستين من أعمارهم يعانون بلا ريب من متاعب تقلق بالقدرة على التذكر أو الاحتفاظ بالمعلومات فهل أنت منهم؟!
مع التقدم فى العمر هناك بعض من قدرات المخ تبدأ فى التراجع، ومنها الذاكرة، لكن ذلك وإن كان من الصعب تفاديه إلا أنه من الممكن تأجيله. الذاكرة لها مفاتيح يمكن الوصول إليها ببعض من الجهد فإن لها مدى كالموج بين المد والجذر إذا ما استثنينا المعاناة من مرض عضوى.
ما أنواع الذاكرة؟
- الذاكرة التقديرية (Declarative) وبها تعنى الذاكرة التى تسجل الأسماء للأماكن والأشخاص والوقت. هى أيضًا الذاكرة التى تتعلق بالمعارف المختلفة، وهى أول أنواع الذاكرة التى قد تنبه الإنسان لتراجعها حينما يحاول أن يتذكر اسمًا فيتوه منه.
- الذاكرة المنهجية أو الإجرائية (Procedutal) تلك التى تتعلق بما يحدث من تفاصيل الحياة اليومية، مثل قيادة العربة أو تشغيل أدوات المطبخ أو العمل على ماكينات معينة. وهى ذاكرة غالبًا لا تتعرض للتراجع بفعل الزمن فتظل على حالها.
- الذاكرة الحسية (Sensory) أو الذاكرة المتعلقة بالحواس. تلك التى تدل الإنسان على طبيعة الأشياء فإن رؤية الإنسان فى ثوانٍ يمكنها أن تؤكد للمخ أن هذا إنسان، وهى أيضًا ذاكرة لا تتغير مع الزمن إنما تظل شاهدًا على اختلاف الأشياء وفقًا لصورتها المطبوعة فى ذاكرة الإنسان.
- الذاكرة قصيرة الأجل: تلك الذاكرة التى تمكنك من استعادة الحديث أو الحدث الذى وقع منذ وقت قرب خلال ثوانٍ أو ربما دقائق وفقًا لما حدث من تغييرات فى المخ. قد تتذكر ما حدث الأسبوع الماضى فى ثوانٍ ربما تطول إلى دقائق إذا أمعنت التفكير والتركيز، وقد لا تتذكر نهائيًا. إنها النوع المنتشر من معاناة الذاكرة، لكنه أيضًا النوع المقابل للاستعادة إلى حد بعيد بالتمارين الذهنية لشحذ الذاكرة.
- الذاكرة بعيدة الأجل (Ling term) يعجب الإنسان كثيرًا حينما يتذكر بسهولة أحداث وأسماء تعاقبت عليها الأيام لكنه يقف عاجزًا عن تذكر أين وضع مفتاح سيارته منذ ساعة. العلم أيضًا حتى الآن لم يجد سببًا واضحًا لاحتفاظ الإنسان بذكرياته البعيدة وغياب قدرته على الاحتفاظ بذاكرة قصيرة الأجل.
تراجع الذاكرة لإنسان ملىء بالحيوية والحياة ينتظر دورًا فى الحياة بعد الستين أمر محير ومقلق قد يفسد عليه أيامه، وقد يقوده إلى اعتزال الحياة ويجعله فريسة سهلة للاكتئاب، فهل هناك من حل؟ هذا يعتمد فى المقام الأول على شخصية الإنسان هل هو حقًا مقبل على الحياة ما زال يأمل فى أن يعيش أيامه راضيًا عنده ما يعطى للدنيا والآخرين؟ الواقع أن هذا حجر الزاوية فى الأمر كله، فهل هناك بعض من الوسائل يمكن بها تحسين أداء الذاكرة؟
- تأكد فى البداية من أن دورة المخ الدموية لا تعانى من أى قصور، وهذا أمر يمكن معرفته بزيارة للطبيب واختيار (الدوبلر) الذى يمكنه قياس معدل اندفاع الدم فى الشرايين الصاعدة إلى المخ.
إذا كان المعدل طبيعيًا، فالأمر لا يحتاج إلا بعض التفاصيل الصغيرة والتمارين الذهنية. أما إذا كنت تعانى من تصلب فى الشرايين أو أى سبب آخر يعوق اندفاع الدم بصورة كافية، فهناك العلاج بالأدوية الموسعة للشرايين التى تتيح كمية أكبر من الدم لتغذية المخ أو جراحات فقرات الرقبة إذا ما كانت ضرورية.
كيف يتقد ذهنك؟
اللياقة الرياضية تحافظ على عضلاتك وتضمن نشاط الدورة الدموية للأطراف، اللياقة الذهنية لها ما للرياضة من أثر على المخ. الحفاظ على حيوية وظائف المخ تكتمل باستخدامها فلا تترك المياه راكدة اقذفها دائمًا بحجر.
- ابدأ بتعلم العزف على آلة موسيقية أو هواية جديدة لم تجربها من قبل لا تحسن الفشل إنه مجرد المحاولة نجاح لتحدى المخ وتنبيه مواقع كامنة فيه.
- الكلمات المتقاطعة من أفضل تمارين الذاكرة على الإطلاق أيضًا ألعاب الكمبيوتر التى تستدعى الذاكرة.
- لا تنقطع عن العالم من حولك.. ابحث عن أصدقاء الزمالة القديمة، واهتم بالحيوية فى كل ما يتعلق بعملك إذا كنت فى مرحلة التقاعد، فهذا هو أفضل ما تقدمه إلى نفسك من اهتمام.
- احتفظ بإيقاع جسدك: ممارسة الرياضة فى حدود ٤ دقائق من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيًا تحفظ عليك لياقتك الذهنية والبدنية معًا.
وترفع من معدلات الطاقة وتحد من تدهور قدرات الإنسان الذهنية المرتبطة بالتقدم فى العمر.
- لا تترك نفسك فريسة لمشاعر الوحدة والاكتئاب. شارك الآخرين أفراحهم واهتماماتهم ولا تتردد فى مشورة الطبيب إذا ما لم تتمكن بجهدك الذاتى من تبديد غيوم أيامك.
- توقف تمامًا عن التدخين فإن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بتدهور الذاكرة أو مرض ألزهايمر.
- عليك أن تهيئ نفسك دائمًا لنوم مريح ولفترة كافية. النوم لفترة كافية (٨ - ٦ ساعات) مرتبط دائمًا بإيقاع بطىء للشيخوخة.
- غذاء متوازن يراعى ما قد يفقده المخ فى تلك المرحلة من العمر (للحديث بقية).
هل هناك ما يعاونك على التذكر إذا ما خانت الذاكرة؟
تراجع الذاكرة أثر طبيعى يمكن التعامل معه ببعض الحيل الذاتية التى تختلف من إنسان إلى آخر منها:
- نتذكر الأشياء أفضل إذا ما قرناها بألوان أو مشاعر أو حوادث أنت بذلك تحصل على صورة أعمق وقعًا فى المخ وأعمق فى الذاكر أيضًا القراءة بصوت عالٍ أحيانًا يحدث أثرًا أطول عمرًا فى الذاكرة.
- اضغط بالمعلومات مكتوبة والجأ دائمًا إلى نوتة صغيرة تحتفظ فيها بما تحب أن تتذكر عمله وحاول دائمًا أن تذكره قبل النظر إليها.
- ضع أدواتك فى مكان ثابت لا تتغير المفاتيح، القلم، المحفظة، ذلك يسهل الحصول عليها، ويسهل أيضًا التفكير بصورة منظمة.
- ردد الأسماء والأماكن وما تود أن تحتفظ به فى ذاكرتك القريبة قبل النوم مباشرة فإنها طريقة مضمونة للاحتفاظ بها.
بينما يعلن الشتاء عن قدومه يختار الذاكرة سفيرًا لنواياه الحسنة! الحكيم منا من يتدبر أمره فيلقاها بما تستحق من اهتمام واستعداد.
تراجع الذاكرة ليس مرضًا نخشاه إنما هو عرض لبعض من الوهن الذى يعترى المخ بعد رحلة عمر طويلة لم يتوقف فيها للحظة وحتى عندما تمهل يمكننا استعادة إيقاعه وبهاء رونقه بتحديه ببعض مما وهبنا من أفكار وتجارب.