«صاحبة الجلالة» لحلمي التونى.. التناغم المثالي بين النص والصورة - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:10 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«صاحبة الجلالة» لحلمي التونى.. التناغم المثالي بين النص والصورة

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 28 يناير 2022 - 7:06 م | آخر تحديث: الجمعة 28 يناير 2022 - 7:06 م

«صاحبة الجلالة»
من هى...؟!
أكيد ليست هى الملكة فيكتورياو لا اليزابيث.. ولا مارى انطوانيت.. إذن هى ملكة سبأ أو الملكة زنوبيا أو شجرة الدر.. الإجابة.. أيضا لا.. حسنا لابد أنها الملكة نفرتيتى أو صديقتها نفرتارى..؟.. كلا.. وألف كلا.. ليست
«صاحبة الجلالة» أى من هؤلاء..
«صاحبة الجلالة» ملكة مصرية مجهولة..!! أحكى قصتها فى كلمات وأرسمها بلوحات فى كتاب للصغارو الكبار».. بهذه الكلمات أعلن الفنان الكبير حلمى التونى عن كتابه الجديد «صاحبة الجلالة» الصادر عن دار الشروق، وسط تناغم مثالى بين «النص والصورة»، السمة الأساسية فى مؤلفات التونى، والتى يثرى لوحاتها بكلماته الرقيقة فى تكامل نموذجى بين السرد واللوحات المتقنة.
«هناك بلادٌ بها غاباتٌ خضراءُ مليئةٌ بالأشجارِ.. بلادُنا ليسَتْ بها غاباتٌ.. ولكنَ عندنا حقولا خضراءَ.
الغاباتُ أشجارُها طويلةٌ مرتفعةٌ إلى السَماءِ.. أما حُقولُنا الخضراءُ، فَهِيَ مُنبسِطَةٌ وممتدَة حتى الأُفُق.
ملكُ الغابةِ هو الأسدُ، أما حُقولُنا فلها «ملكةٌ».. هِيَ الجاموسةُ الطَيَبَة الحنونةُ الكريمةُ المِعْطاءةُ».

يتواصل المشروع الفنى والإبداعى للتشكيلى الكبير حلمى التونى ليزيد على 40 عاما، ليقدم لنا «صاحبة الجلالة»، حيث صفحات جذابة تتناغم فيما بينها بإدراك عميق للعلاقة القوية بين الفنون التعبيرية المختلفة، من الكتابة والرسم والتصوير وأهمية الشعر والموسيقى.
ونتعرف خلال المضى قدما فى تصفح صفحات الكتاب أن صاحبة الجلالة هنا ليست الملكة فيكتورياو لا اليزابيث، لا مارى انطوانيت، أو ملكة سبأ وشجرة الدر، فقد يتساءل القارئ هل هى الملكة نفرتيتى أو صديقتها نفرتارى، الإجابة ستكون كلا غير صحيح، فحلمى التونى نفسه سبق وأن أشار إلى أن «صاحبة الجلالة» ملكة مصرية مجهولة.

♦ سلاسة الأسلوب
تنساب كلمات الفنان الكبير حلمى التونى لتعبر عن رصيد هائل من الإبداع الذى يفجره التونى فى «نص رقيق» ولكنه متماسك فى الوقت نفسه، يصطحب خلاله القارئ فى جولة ممتعة، بلا مبالغة فى الاستفاضة أو المط والتطويل، وبدون اختزال أو اختصار فى غير موضعه، وهى القوة الأسلوبية المعروفة عن حلمى التونى، الذى سبق وصرح فى أكثر من موضع بأنه عاشق «للغة العربية»، وأنها يهوى استخدام الفصحى فى الكثير من مؤلفاته ومعارضه الفنية.
يملك حلمى التونى كفنان عملاق القدرة على التعبير سواء بالنص أو بالصورة، ولكن مع تسليط الضوء على النص، فإنه يتبدى لنا رشاقة ملحوظة وانسيابية واضحة فى السرد وتوصيل المعانى والأفكار، حيث يعكس التونى وعيا كبيرا فى نصوص «صاحبة الجلالة» بما يتطلبه مخاطبة فئات عمرية أقل حول موضوعات قادرة على إعمال حالة من الجذب إليهم، فنجد أنه استعان بمجموعة من التراكيب اللغوية المميزة، والأوصاف والدلالات التى تتناسب ومستوى الأطفال وحتى الكبار وتبقيهم فى حالة انجذاب للنص ورغبة فى معرفة التالى من كل صفحة.

«ملكة الحقول، تحب سماع الموسيقى، خاصة عندما تعزف صديقتها الفلاحة على آلة الناى ألحانا..
أحيانا فرحة سعيدة.. وأحيانا أخرى حالمة حزينة تدمع لها عيون الملكة... كل هذا مهم
ولكن الأهم والأجمل، أن كل الحيوانات والطيور، وحتى الفراشات الرقيقة، فى الحقل
گلها تحب الملكة.. والمملكة، تحبها كلها».

♦ التعبير البصرى
برع الفنان الكبير حلمى التونى فى إحداث مزيج مثالى بين النص والصورة المقابلة له، حيث قدرة فائقة على أن تشكل لوحات التونى انعكاسا بصريا للنصوص التى تشكل محتوى الكتاب البديع، فيحافظ التونى على حالة من لفت انتباه القارئ، وإبقائه فى حالة من التوحد مع نوع الكتاب ومادة المحتوى السلسة بداخله.
بمطالعة كتاب «صاحبة الجلالة» يتضح لنا ما ذهب إليه التونى سابقا فى مقابلاته وحواراته إلى أنه كان على الدوام واعيا لمبدأ التصالح بين «اللوحة والعمل المطبوع»، فإنه من خلال لوحاته التى أجاد تصويرها عماد عبدالهادى، أن يقدم من خلال الريشة والألوان نصا فنيا موازيا للعمل الكتابى الإبداعى والنصوص السردية التى تتجاور فى الكتاب مع لوحات التونى.
وإحداث هذا التناغم النموذجى بين الرسومات واللوحات والكلمات، يأتى نتيجة تفاعل التونى مع السياق من حوله باستمرار حيث سبق وأكد أن كل المفردات حوله تمثل له رموزا لها معانى دقيقة، فالحرية عندى تمثلها الحمامة، والبهجة عندى رومانسية، مشددا على اهتمامه الشديد بالبهجة فى لوحاته بما يخدم النصوص السردية.
«كان الهدهد المعتز بنفسه، صاحب التاج والمختال بجماله، يأتى ليطير حول الملكة، مستعرضا ریشه بألوانه الأنيقة؛ البنى والأسود والأبيض».
تأتى «صاحبة الجلالة» كحلقة جديدة فى مسلسل إبداعات الفنان حلمى التونى المعروف عنه غزارة إنتاجه الفنى، وسعيه الدائم لحالة إبداعية تركزت فى أكثر من عمل أخيرا لترقية عقول النشء والحفاظ على مستويات من الخيال الإبداعى والفنى لديهم وإثراءه، فنذكر لحلمى التونى فى سياق إصداراته الحديثه «حكاية جليلة ومنة فى الغابة والمدينة»، وهو العمل الممتع للصغار والكبار أيضا.
ويعد يعتبر حلمى التونى من أبرز الفنانين فى مجال تصميم الكتاب والمجلة فى العالم العربى، وأشرف على إخراج الأعداد الثلاثة الأولى من مجلة شموع عام 1986، كما عمل فى تصميم أغلفة الكتب، والإخراج الصحفى لعدد من دور النشر حتى بلغ عدد أغلفة الكتب التى رسمها أكثر من ثلاثة آلاف كتاب غير المجلات التى رسم أغلفتها أيضا.
وينسب الفضل لحلمى التونى فى تأليف وتصوير العديد من كتب وملصقات الأطفال والتى نشرت بعدة لغات بواسطة المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وصمم العديد من الملصقات الحائطية للمسرحيات والأفلام، وصمم لمسرح العرائس شخصيات مسرحية (صحيح لما ينجح) التى ألفها صلاح جاهين.
أقام العديد من المعارض الفردية بمعظم الدول العربية ومنها: طوافة بقصور الثقافة فى عواصم المحافظات عام 1965، معرض لأعماله فى بيروت عام 1975، معرض للوحاته فى بيروت عام 1985، معرض فى المركز القومى للفنون التشكيلية بمصر فى الأعوام 1992، 1994، 1995، معرض خاص عام 1997، معرض بقاعة إخناتون بمجمع الفنون بالزمالك فى مصر عام 1985.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك