نبيل فهمى يكتب: مغزى ترتيبات زيارة بايدن للمنطقة - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 8:04 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل فهمى يكتب: مغزى ترتيبات زيارة بايدن للمنطقة

نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق
نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق

نشر في: الإثنين 30 مايو 2022 - 10:07 م | آخر تحديث: الإثنين 30 مايو 2022 - 10:07 م
كتبت منذ فترة طويلة ومرارا عن أهمية اتخاذ العالم العربى المبادرة فى تشكيل مستقبل الشرق الأوسط، ملحا أن أول خطوة فى هذا السبيل هى طرح أفكار للمناقشة بين العرب، ثم السعى لبلورة مواقف متقاربة حولها، ثم التحاور حول هذه الآراء مع الأطراف غير العربية فى المنطقة، ومن بعدها مع دول المناطق القريبة منا.
وسبق أن أعلنت أيضا بصراحة تامة، أننى أؤيد الحوار والتفاوض فى ما بين العرب والدول غير العربية بالمنطقة، حتى من لها سياسات نراها غير مشروعة أو تظل محتلة لأراضٍ عربية، لأن استمرار الأمر الواقع ليس من المصلحة، وإنما أكدت كذلك أن الحوار ليس غاية أو هدفا، بل وسيلة يجب أن تستغل بجدية شديدة وصراحة تامة وبحسابات دقيقة، حتى لا يساء استغلالها لتثبيت باطل أو فرض أمر واقع. ونوهت أن هناك قضايا سيادية وإقليمية يجب أن تعامل بمنظور خاص وحسابات دقيقة، وعلى رأسها احتلال الأراضى، سواء كانت الفلسطينية والعربية من قبل إسرائيل، أو المشرقية من قبل تركيا، أو الخليجية من قبل إيران، بتغليب القانون على القوة.
وحذرت من الانزلاق إلى مهاترات عربية ــ عربية فى حالة وجود اختلافات فى الرؤى أو الأولويات العربية، لأن عبث المقاطعة والخصام والتراشق العربى يخدم الطرف المعتدى على حقوق ومصالح شعوبنا.
لذا أشرت إلى أهمية النظر إلى كل دعوة للحوار بانفتاح وحذر ثاقب فى الوقت نفسه، سعيا لاستغلال كل فرصة حقيقية متاحة، مع تقييم الدعوة للحوار بدقة وعناية، حتى لا تمس أسس الحوار الحق العربى، وللاتفاق على ترتيبات حوارية أو تفاوضية تخدم قضايانا.
نشرت مصادر إسرائيلية أخيرا أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، سيزور تل أبيب قريبا، وبعدها بأيام معدودة سربت معلومات أخرى عن إمكانية الدعوة إلى اجتماع أمريكى ــ إسرائيلى ــ عربى فى إسرائيل أثناء الجولة، ثم تردد أنه يتم البحث عن مكان آخر للاجتماع، ثم إنه تم التراجع عن تلك الفكرة لصالح اجتماعات أمريكية مع إسرائيل وغيرها مع أطراف عربية بمجلس التعاون الخليجى، والدول العربية المجاورة لإسرائيل.
حتى الآن لم تتأكد تلك المعلومات علنا من مصادر رسمية، وإنما من الطبيعى أن تسعى إسرائيل للاستضافة، لأن ذلك يساعدها فى المسعى لعدم استئناف أمريكا الاتفاق النووى مع إيران، وظاهر التقارب مع العرب يدعم موقف الحكومة الإسرائيلية المهددة بالتفكك.
ومن الطبيعى أن تسعى الإدارة الأمريكية لترتيب اجتماعات جماعية تشمل العرب وإسرائيل، أو مع بعض العرب جماعة إذا تعذر ذلك، مما يقوى موقف الإدارة والحزب الديمقراطى داخليا قبل الانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكى فى نوفمبر (تشرين الثانى) المقبل، بالإيحاء أن الولايات المتحدة استعادت نفوذها فى المنطقة على حساب روسيا، وهو أمر ازداد أهمية بعد حرب أوكرانيا، كما أنها فرصة لترتيب العلاقات الأمريكية ــ الإسرائيلية المضطربة نتيجة لتأييد بايدن استئناف الاتفاق النووى مع إيران، وكذلك حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، الذى يعارضه بينيت صراحة، وقد زاد من صعوبة وتباين الموقف العودة إلى التوسع الاستيطانى والإسرائيلى، والاشتباكات التى حصلت فى القدس خلال شهر رمضان، وأخيرا حادثة قتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، والعنف الذى مارسته الشرطة الإسرائيلية خلال الجنازة.
لم يتضح بعد شكل الاجتماعات القممية المقبلة، أو الدول العربية التى قد تشارك فيها، وإنما تم التمهيد للزيارة باتصال الرئيس بايدن بالعاهل الأردنى الملك عبدالله، وعقد مستشار الأمن القومى الأمريكى جيك سوليفان محادثات مع مصر، وجهود أمريكية متواصلة لإعادة الاستقرار فى علاقاتها مع الإمارات والسعودية من خلال لقاءات واتصالات متعددة، أعلن بعض مضامينها وظل جزء منها فى الإطار الرسمى المحكوم.
قد تختلف أولويات وحسابات وحساسيات الدول العربية فى ما يتعلق بالاجتماعات المقبلة، وأعتقد أن هناك رغبة عربية جامعة فى تطوير العلاقات مع إدارة الرئيس بايدن والولايات المتحدة، ودرجات متفاوتة من الاهتمام أو القلق من السياسات الإيرانية، وتأييدا عربيا عاما للقضية الفلسطينية، مع حساسية خاصة تجاه تلك القضية من قبل الأردن لمسئولياتها تجاه القدس، وكذلك لدى مصر ارتباط بدورها التقليدى فى هذا المجال.
وستشكل القمة سابقة أولى لحضور قيادات عربية إلى إسرائيل، إذا تقرر استضافتها لاجتماع جامع، كما أرى أن الغياب الفلسطينى إذا استمر، سيحقق لإسرائيل نجاحا إضافيا فى سعيها الدءوب إلى تسليط الأضواء على القضايا شرق الأوسطية غير المرتبطة بالنزاع العربى ــ الإسرائيلى.
وهذا يفرض على المسئولين التفكير فى أفضل أسلوب للحفاظ على قنوات للحوار، ومع تقدير دقيق لجدوى الاجتماع بإسرائيل، أو بدائل أخرى توفر إطارا مناسبا للحوار، ومن دون أن يكون على حساب الحق العربى فى النزاع العربى ــ الإسرائيلى، ومن ضمن البدائل والسبل عقد الاجتماع الأمريكى العربى الإسرائيلى فى دولة عربية، على أن يشارك فيه أيضا الرئيس أبو مازن، ويصدر عنه بيان عن القضايا الإقليمية معد مسبقا، ويشمل دعم حل الدولتين، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خصوصا 242 و339.
كما من البدائل عقد الاجتماع فى مقر القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية المغلقة حاليا، وهى تعد أراضى أمريكية، وتعكس عدم اعتراف أمريكى أو عربى بضم القدس الشرقية، على أن يشمل الحضور (أبو مازن)، ويصدر بيانا عن الأوضاع الإقليمية عامة متضمنا تأييد حل الدولتين، إضافة إلى القضايا الأخرى محل الاهتمام المشترك.
هذا ومن البدائل أيضا عقد اجتماعات عربية أمريكية خارج إطار زيارة بايدن لإسرائيل، لتشمل العلاقات مع أمريكا والقضايا المشتركة المرتبطة بالخليج مع دول مجلس التعاون أو غيرها، وأوصى فى جميع الأحوال بأن يتم تنسيق عربى مسبق، بخاصة بين الدول الفاعلة والنشطة فى المنطقة، حفاظا على مصالحنا، واستعدادا لدور أمريكى مختلف عما مضى، وأخذا فى الاعتبار أن الجانب الإسرائيلى سيكون الحاضر مباشرة أو الحاضر الغائب، وسيطالب بمقابل حال استضافته للقمة، أو حتى إذا تعذر توسيع الاتصالات العربية الإسرائيلية الآن، لاهتمامه وإصراره أن يلعب دورا رئيسا فى تشكيل الشرق الأوسط الجديد.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك